ببساطة، أعلن محافظ نينوى أثيل النجيفي، وهو من أبرز الساسة السنّة في العراق، أن رئيس الوزراء حيدر العبادي وافق على طلب تقدم به الموصليون، يتضمن تحديد الأطراف التي ستشارك في عملية تحريرها من قبضة «داعش». وأبرز الطلبات إبقاء تشكيلات المتطوعين الشيعة والحشد الشعبي، بعيدة عن الاشتراك المباشر في المعارك.
ويحاول الساسة السنّة منذ شهور إقناع بغداد بأن استخدام ميليشيات شيعية في مدن سنية، يمثل هدية لـ»داعش» التي ستقول، إن الحرب طائفية، وتستخدم ذلك في إغراء المزيد من الشباب للالتحاق بصفوف الجماعة المتشددة. لكن بغداد تجاهلت ذلك في معركة تكريت، لأن غياب الحشد الشعبي الشيعي سيعني حاجة للاستعانة بعدد كبير من المتطوعين السنّة، وهذا يعني البدء بتسليح «قوات سنّية»، وهو أمر تتعامل إيران معه بارتياب وتضغط لمنعه، أما في نينوى والأنبار، الأمر مختلف.فعلى خلاف تكريت التي كانت مهجورة من سكانها، توجد في الأنبار عشائر مسلحة كثيرة العدد، منعت سقوط مركز المحافظة ومناطق أخرى بيد «داعش»، وقام الأميركان بتدريب ما لا يقل عن 10 الآف من أبنائها والبدء بمنحهم بعض الأسلحة، وتقبّلت بغداد الاستعانة بهم والاعتراف بوجودهم، رغم أن الشكل النهائي لمرجعية هذه «الجيوش الصغيرة» لم يحسم في نقاشات الساسة، ولا تزال إيران تتدخل لعرقلة التسويات الكاملة بشأنه.وفي الموصل، هناك نحو مليون نسمة في المدينة، والحرب فيها لن تكون مثل معارك تكريت، وليس من السهل أن يتورط المستشارون الإيرانيون فيها، ورغم أن محافظ نينوى يتحدث عن نحو 10 الآف متطوع متدرب ينتظرون تسليحاً، لكن الحاجة ماسة لاشتراك البيشمركة الكردية، مع أن الأكراد حذرون جداً من هذا القرار ويطلبون ضمانات سياسية كبيرة ودوراً أميركياً واضحاً.أما المتغير الأكبر فهو دور أنقرة، بوصفها ممثلاً لحلف الناتو ومقربة من أكراد العراق ومن أسرة النجيفي الموصلية التي تمثل العرب السنّة في مواقع رسمية عدة. ويبدو أن الأتراك قدموا وعوداً بالتسليح والدعم الاستخباري للأطراف التي ستشترك في معارك الموصل، ورغم غموض هذا وتعقيده، لكن سنّة العراق يريدون اغتنام معركة نينوى وحتى الأنبار، للحديث عن ضرورة إعادة التوازن الطائفي والجيوسياسي، حيث بدت معركة تكريت مجرد مناسبة كبيرة لتضخيم دور إيران وجنرالها قاسم سليماني، بما يهدد مستقبل التسويات الإدارية والسياسية في محافظات غرب العراق وشماله وبغداد نفسها. ولايزال من الصعب القول، إن «داعش» ستهزم بسهولة غرباً وشمالاً، لكن من الواضح لسنّة العراق اليوم، أن الاشتراك في الحرب ضد «داعش» هو السبيل الوحيد لتثبيت المبادئ السياسية الغائبة وتصحيح ميزان القوى، مع واشنطن وطهران، وبالتحالف مع أنقرة والأكراد، وتفهم نسبي من بعض معتدلي الشيعة في بغداد.
دوليات
معارك الأنبار ونينوى وأحلام تصحيح التوازن مع إيران
09-04-2015