قدم "داعش" فرصة لتقارب جديد بين إيران والولايات المتحدة على الأرض العراقية طوال الأشهر الثمانية الماضية، وظلت واشنطن تتحاشى أي اصطدام بالضباط الإيرانيين العاملين مع القوات العراقية والبيشمركة الكردية، والتي تحافظ على علاقة أكثر وضوحاً مع الجار الإسلامي والصديق الأميركي، مقارنة بغموض الموقف في بغداد وانقسامه.
لكن الأمور تشهد تغيرات محرجة للجميع مع دخول الحرب مرحلة المحاولات الجادة لتحرير المدن الكبيرة.وتكرر ظهور إشارات تكشف تراجع حجم التفاهمات بين واشنطن وطهران، وعجز "الوسيط العراقي" عن حفظ التوازن، وبلغ الأمر ذروته حين اضطر رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى أن يكشف لأول مرة أن عناصر "الحشد الشعبي" الشيعي أطلقوا النار أخيراً على طائرة أباتشي أميركية في موقع قرب بغداد، وحاول وضع قاعدة بديهية لكنها صعبة في أجواء الانقسام الشيعي - الشيعي: "كل الدول الصديقة لديها طرق لحفظ مصالحها في العراق، وعلينا أيضاً أن نجد طريقاً لحفظ مصالحنا!".وكان العبادي يوجه في كلامه هذا رسائل في أكثر من اتجاه، واحدة لـ "الحشد" الذي أطلق النار على الأباتشي بأجندة إيرانية واضحة، وأخرى لطهران التي يبدو أنها "تتجاوز الحدود المعتادة"، وتثير قلقاً كلما اقتربت لحظة دخول تكريت بكل حساسية الأمر طائفياً، وثالثة لواشنطن التي يطلب منها العبادي أن تتفهم حراجة الموقف بالنسبة لحكومة تخوض حرباً وهي غير مستعدة لها، وتعاني إفلاساً بسبب انهيار سوق النفط، وتفقد السيطرة على نحو 100 فصيل مسلح شيعي باتوا يشكلون المدافع الأساسي عن البلاد بوجه "داعش"، لكنهم يمثلون كذلك قوة سياسية تحسن طهران استغلالها وتتمادى أحياناً.وعلى أي حال فإن قائد هيئة الأركان المشتركة الجنرال الأميركي مارتن ديمبسي سيحل ضيفاً في بغداد، وقد تحدث للصحافة الأميركية بوضوح كبير وغير مألوف عن هدف الزيارة، وقال إنه سيناقش مع العبادي "نوع الدور الإيراني" الذي لا ينبغي أن "يعرقل تقدم العراق كنظام يحفظ التنوع السياسي"، وهذه عبارة تحذيرية لطهران التي تريد ترجيح كفة جناح سياسي موالٍ لها، وتستفيد من الحرب لصناعة "أبطال جدد" قد ينافسون تيار الاعتدال الشيعي في المستقبل ويطيحون به، بعد أن تضع الحرب أوزارها ويطالب "المقاتلون" بأثمانها.
آخر الأخبار
بغداد تتأهب لمكاشفات مع ديمبسي بعد تجاوز طهران الحد
09-03-2015