وثيقة لها تاريخ : بريطانيا تعترض على شكوى البوعينين وتطالب حاكم البحرين بمواجهة أحمد بن خاطر
وردتني رسالة من مجلس قبيلة البوعينين في المملكة العربية السعودية، وردت فيها ملاحظات ووجهات نظر أحترمها جداً تتعلق بالمقالات الأربعة الماضية التي بدأتها حول هجرة البوعينين من الوكرة إلى الجبيل في عام 1909، وطلب مني المجلس الموقر الاستناد إلى ما يصدره من مذكرات ومعلومات.وإنني إذ أشكر مجلس القبيلة على رسالته، أود أن أشير إلى أن معظم الوثائق التي نشرتها عثرت عليها بنفسي في سجلات الأرشيف البريطاني، كما أن التعليق عليها ونشرها هو من باب الاهتمام بتوثيق تاريخ المنطقة وليس لأي غرض آخر.
نعود إلى موضوعنا الأساسي، فنقول إن العلاقات بين آل ثاني والبوعينين ظلت متوترة في عام 1909، ومرت عدة شهور دون وجود وثائق تشرح ما حصل من تطورات بين شهر يناير 1909 وشهر أكتوبر 1909. الوثيقة التي بين أيدينا اليوم (24 يناير 1909) والتي كتبت قبل رحيل البوعينين من الوكرة تتحدث عن تشدد في موقف بريطانيا وعزم أكيد لديها للوقوف ضد التدخل العثماني في موضوع الخلاف. تقول الوثيقة، وهي رسالة من المعتمد البريطاني في البحرين إلى حاكم البحرين الشيخ علي الخليفة:"منخصوص (من خصوص) العمل الذي غير مناسب الذي صدر من احمد بن خاطر انه رفع الى البصرة والتمس المساعدة من الحكومة العثمانية منطرف جماعته في الوكرة خلاف آل ثاني نعرض سعادتكم ان محبكم رفع هذه المقدمة الى سعادة عالي الجاه الميجر كوكس صاحب وقد وصل لي منه جواب ان عمل المذكور الذي صدر من احمد بن خاطر كان بالحقيقة غير مناسب... ". وقد رد الشيخ عيسى بن علي الخليفة، ابن حاكم البحرين، على هذه الرسالة متأخرا بتاريخ 4 مارس 1909 وبرر ذلك التأخير بالقول إن احمد بن خاطر غادر الى الحج ولم يعد حتى الآن وعند عودته سيتم استعراض الموضوع معه وإفادة المعتمدية بالأمر.وقد أورد صاحب كتاب "وثائق تاريخية من الجبيل" الأستاذ محمد بن علي الخاطر وثيقة في صفحة 323 ووفر ترجمة لها في صفحة 322 وهي من المعتمدية البريطانية في البحرين إلى المقيم البريطاني في الخليج (تاريخها 30 يناير 1909) تشير إلى أن موضوع الشكوى للسلطات العثمانية قد تم إغلاقه، وتشرح بعض التفاصيل المهمة حول الخلاف، وإليكم جزءاً من نص هذه الرسالة المهمة:"لي الشرف في إبلاغكم أن هذه القضية (شكوى البوعينين المقدمة لوالي البصرة العثماني) قد تم إغلاقها بدون أي شك في الوقت الحاضر. وفي هذا السياق نشكر تدخل الشيخ جاسم. ومع ذلك فإن الاعتقاد السائد في البحرين هو أن العلاقة بين القبيلة والشيخ عبدالرحمن لن تكون ودية أبدا. لذلك سيتم إبلاغ الشيخ جاسم في استدعاء ولده من البلدة واستبداله بشخص آخر من العائلة".لقد كان إحساس البريطانيين صحيحاً في أن المشكلة لم تنته إلا ظاهريا، وسنرى في المقال المقبل كيف أن البوعينين شرعوا في الرحيل بهدوء مفضلين عدم التصادم مع أهلهم وأنسابهم من آل ثاني الكرام حكام قطر، وسنرى أيضاً أن قرار الرحيل لم يفسد العلاقات بين الطرفين، بل إن العلاقات استمرت والتواصل لم ينقطع رغم وجود الخلافات.