يقول المؤرخ عبدالله خالد الحاتم، رحمه الله، في كتابه الشهير "من هنا بدأت الكويت"، إن أول طبيبين وصلا الى الكويت من قبل الإرسالية الأميركية هما الدكتور جون فان اس والدكتور ارثر كي بنت، بناء على دعوة الشيخ مبارك الصباح عام 1910.

Ad

ويضيف الحاتم أن الدكتورين استأجرا ديوانية آل بودي، الواقعة خلف قيصرية بن رشدان، ومارسا عملهما بهذه الديوانية في البداية، ثم سمح الشيخ مبارك للإرسالية الأميركية ببناء مستشفى عام 1913 على أرض يملكها في الحي القبلي، باعها عليهم بمبلغ بسيط. وهنا نتوقف قليلا لنتحدث عن الأطباء الذين قدموا إلى الكويت قبل عام 1910. في حقيقة الأمر، بدأ الأطباء بالقدوم الى الكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح، وكان أولهم، حسبما ورد في وثيقة بتاريخ 11 ذي الحجة سنة 1317 هجري (الموافق 18 أبريل 1900م)، الطبيب أو "الحكيم" حسن الذي وصل الى الكويت في 25 ذي القعدة ومعه ابنه ميرزا علي وزوجة ابنه وخادمهم كريم، واستأجر بيتا، إلا أنه لم يمكث طويلا لعدم تقبل الناس له وعدم اقتناعهم بمهنته، وقرر الرحيل الى البصرة في نفس الشهر أو الشهر الذي يليه. يقول الوكيل الإخباري لبريطانيا في الكويت علي بن غلوم رضا، في رسالته الى الوكيل الإخباري البريطاني بالبحرين عباس بن محمد بن فضل:

"من طرف حاج حسن الحكيم في 25 ذي القعدة وصل بندر الكويت معه ابنه ميرزا علي وزوجة ابنه ميرزا علي وخادمهم كريم، حين الوصول اجرو لهم بيت".

وفي رسالة لاحقة عنوانها "علوم دخول البلد الكويت 1317"، يقول  علي بن غلوم: "ايضا نعرفكم من طرف حاج حسن الحكيم من جاه الى الكويت ما عالجله مريض الذي شافاه وقليل المترددين عنده قاصد بان يروح الى البصرة يقول عن لسانه لنا بان اهل البصرة كاتبين لي بان لازم لازم تقدم علينا...".

ويبدو أن طبيبا آخر كان على وشك الوصول الى الكويت اسمه "نهيميا"، اشار له الشيخ مبارك في رسالة في أول ربيع أول 1318 (الموافق 29/6/1900)، لكن الشيخ مبارك رفض قدومه للكويت، وبرر رفضه بأن سكان البلد لا يتداوون بالعلاج الحديث. يقول في الرسالة:

"امرتم عن بهيميا يجي طرفنا ومدعاه انه حكيم وفي طرفنا يحصل له سبب مصلحة فاايذا لم يكن ذالك لم يوجب مجيه لئن محل عرب ويتوحشون واستعمالهم بالكي والسنا ملكي سهل ودمتم سالمين ومحروسين".

وهنا، وقبل أن نخوض في تفاصيل أخرى، أود الإشارة الى الكتاب القيم "تاريخ الخدمات الصحية في الكويت"، الذي ألّفه الدكتور خالد فهد الجارالله (إصدار مركز البحوث والدراسات الكويتية 1996)، والذي يتضمن تاريخا شاملا في مجال التطبيب والصحة، ويعرض بالوثائق والمستندات الكثير من المعلومات عن هذا الموضوع.

في المقال المقبل سأتحدث عن تغير في موقف الشيخ مبارك تجاه الحاجة إلى طبيب، إذ إنه أرسل رسالة إلى الإنكليز يطلب فيها منهم جلب "حكيم" للكويت، وسأتحدث عن رد الإنكليز على طلب الشيخ مبارك وبعض التفاصيل اللاحقة بمشيئة الله تعالى.