آخر قائد للحرس الجمهوري في عهد مبارك يروي لـ الجريدة• أسرار قصر الاتحادية (2- 2):
قرار التنحي صيغ في مكتبي... ومبارك وافق عليه هاتفياً
«محاولة اغتيال عمر سليمان خطأ غير مقصود ... وأسعد شيخة كان الرئيس الفعلي للبلاد إبان حكم مرسي»
«محاولة اغتيال عمر سليمان خطأ غير مقصود ... وأسعد شيخة كان الرئيس الفعلي للبلاد إبان حكم مرسي»
واصل قائد الحرس الجمهوري المصري السابق اللواء نجيب محمد عبدالسلام، كشف ما وراء الأبواب الموصدة في قصر الاتحادية الرئاسي، مؤكداً أن قرار التنحي صيغ في مكتبه وتم إبلاغ الرئيس الأسبق حسني مبارك به هاتفياً حيث كان يتواجد حينذاك في شرم الشيخ، ووافق الأخير على صياغته.وأضاف في حواره مع «الجريدة» أن نائب الرئيس مبارك، رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق اللواء عمر سليمان لم يتعرض لمحاولة اغتيال بل استهدفت الشرطة العسكرية موكبه بالخطأ.
وأشار إلى أنه كان أول من أدى التحية العسكرية للرئيس الإخواني «المعزول» محمد مرسي عقب إعلانه رئيساً للبلاد، وأن الأخير أقاله بسبب رفضه التعدي على المتظاهرين في أحداث قصر «الاتحادية» الشهيرة، التي يحاكم بشأنها مرسي حالياً. تفاصيل أخرى في السياق التالي:• من أكثر الشخصيات التي كانت تحظى بثقة مبارك؟- كان على رأسها رئيس الديوان زكريا عزمي ونجلا مبارك، علاء وجمال، ويعد جمال أهم أسباب التعجيل بسقوط نظام مبارك، حيث كان سبباً رئيسياً في تأخير اتخاذ القرارات ومطالبة والده بالانتظار والاعتماد على سياسة النفس الطويل، وكان يراهن على ملل المتظاهرين وانسحابهم، ما أدى إلى ارتفاع سقف مطالب المتظاهرين، بينما لم يكن علاء يتدخل في الأمور السياسية.• كيف كانت تُدار الأمور خلال الانتخابات البرلمانية في 2010؟- كنت أشعر عقب هذه الانتخابات بأن نهاية النظام قد اقتربت بسبب الفساد والتزوير الذي حدث خلالها، حيث قرر شقيقي خوض الانتخابات من منطلق رغبته في خدمة أهالي دائرته، وبالفعل تحدثت مع زكريا عزمي فرحب بالأمر، لكنه رجل أفّاق وفاسد، ووجدت بعدها أن المرشحين على قوائم الحزب الوطني «المنحل» يقومون بدفع رشاوى لضمان نجاحهم فأبلغته بذلك، فضحك وقال: «وأنت معملتش كدة ليه؟»، فطالبت شقيقي بالانسحاب لئلا نشارك في هذا الفساد.• لماذا لم يلقِ مبارك خطاب التنحي بنفسه؟- قرار التنحي اتخذ مساء 10 فبراير 2011، حيث أبلغت مبارك بأن الأمور وصلت مرحلة خطيرة بعد اقتراب المتظاهرين من «الاتحادية»، وسيؤدي أي احتكاك معهم إلى كارثة، وأقنعته بضرورة التنحي ومغادرة القصر، فغضب بشدة لأنه تخيل أنني أريده أن يرحل خارج البلاد، وقال لي لن أترك بلدي، فأخبرته أنني أريده أن يغادر إلى شرم الشيخ وليس إلى الخارج، فاقتنع، وبعدها اجتمع وزراء الداخلية والإعلام والخارجية واللواء عمر سليمان في مكتبي وصغنا خطاب التنحي واتصلنا به في شرم الشيخ وقرأنا له الصيغة فوافق عليها، ثم ذهب سليمان إلى مقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإعلان قرار التنحي.• ما حقيقة تعرض اللواء عمر سليمان لمحاولة اغتيال عقب تعيينه نائباً لرئيس الجمهورية؟ - هذا الكلام لا أساس له من الصحة، فعقب تعيين سليمان نائباً لمبارك أبلغت الأخير بضرورة تأمين نائبه من قبل الحرس الجمهوري فوافق، وفي الأثناء ذهب سليمان بسيارته الخاصة إلى مبنى المخابرات العامة عقب أدائه اليمين القانونية لكي يحضر متعلقاته، ولم أنتظر حتى يعود وأرسلت خلفه فرقة الحماية لتأمينه، وفي طريق عودته مساء كان الظلام قد حل والفوضى تسود الشوارع، كما أن قبلها بيوم واحد كانت هناك سيارات تأتي مسرعة وتدهس المواطنين، ووضعت عناصر القوات المسلحة المتاريس والحواجز، وعند عودة موكب سليمان وقرب مشفى «القبة» أطلق بعض أفراد الشرطة العسكرية الرصاص على موكب سليمان، نظراً لعدم علمهم بمرور الموكب، الذي كان مسرعاً حيث اعتقدوا أنه سيقوم بدهسهم واصدمت سيارة سليمان بعمود إنارة نتيجة إطلاق الرصاص، ما أدى إلى وفاة السائق وحارسه الخاص، بينما نجا سليمان لأنه كان يستقل سيارة أخرى مصفحة، ونجحت قوات الحرس الجمهوري في إعادته سالماً.• ما أسباب ارتباك المرحلة الانتقالية التي أدارها المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟- نحن كقادة عسكريين لم نمر بهذا الموقف من قبل ولم نعتد على إدارة الحياة المدنية، كما أن المواطنين لم يعتادوا أن يحكمهم عسكريون، ومن هنا كانت صعوبة المرحلة، بالإضافة إلى أنه كانت هناك ضغوط كبيرة من المتظاهرين الذين كانت تسيطر عليهم جماعة «الإخوان» لإنهاء المرحلة الانتقالية سريعاً والوصول إلى هدفهم الرئيسي وهو كرسي الحكم، وكذلك تعرضنا لضغوط من الدول الداعمة للإخوان، وكانت الأوضاع في غاية الصعوبة.• ثار جدل خلال الجولة الأخيرة من انتخابات الرئاسة 2012 حول ذهابك في البداية إلى منزل أحمد شفيق لتأمينه قبل إعلان النتيجة، ما يعني علمكم بفوزه على حساب مرشح الإخوان محمد مرسي، فما حقيقة ذلك؟- هذا الأمر عار تماماً من الصحة، فقد أرسلت فرقتي استطلاع إلى منزلي الفريق شفيق ومرسي لمعرفة أماكنهما والاستعداد لتأمين منزل المرشح الفائز، فتلك المهمة الأساسية لقوات الحرس الجمهوري، لكن الإخوان روجوا لهذه الشائعات وادعوا أن قيادات الجيش تدعم شفيق، وهذا غير صحيح، فهدفنا الوحيد كان الحفاظ على البلاد، وكان هدف الإخوان من ذلك وضع المبررات تحسباً لفشلهم في الوصول إلى الحكم، وعند إعلان فوز مرسي ذهبت بقواتي لتأمينه، وكنت أول من أدى التحية العسكرية له باعتباره أصبح رئيساً للبلاد.• ما حقيقة عدم ارتداء مرسي قميصاً واقياً من الرصاص في خطابه الشهير حين فتح صدره بميدان التحرير عقب فوزه بالانتخابات؟- هذا الأمر غير صحيح فقد كان يرتدي قميصاً واقياً، وقبل ذهابه إلى ميدان التحرير عرضت عليه بنفسي 11 نوعاً من القمصان الواقية ولم يعجبه أي منها، فعرضت عليه النوع الثاني عشر ووافق عليه، وكنت أقف خلفه مباشرة عندما كان يلقي الخطاب.• كيف كانت لقاءات مرسي مع قيادات الإخوان داخل القصر الرئاسي؟- كان مرسي دائم الاستقبال لهم داخل القصر، وكنا نشعر أنه ليس الذي يدير شؤون البلاد، وكان يجتمع معهم بمنزله في نهاية اليوم، وفي اليوم التالي يأتي بالقرارات التي يصدرها، فقيادات الجماعة هي من كانت تكتب له قراراته، كما أن أموراً غريبة كانت تحدث حيث كان يطلع رجال مرسي داخل القصر الرئاسي، خصوصا أسعد شيخة على التقارير السرية الواردة إلى مكتبي دون علمي، وفوجئت باختفاء هذه التقارير، وعندما علمت غضبت بشدة وأخبرتهم بذلك، فكانوا يقرأون التقارير ثم يعيدونها مجدداً، فأبلغت بأنهم سيتحملون مسؤولية إفشاء هذه الأسرار، وأسعد شيخة هو من كان يدير الدولة وليس مرسي.• ما الأسباب الحقيقية وراء إقالة المشير طنطاوي والفريق عنان؟- قيادات الإخوان ومرسي استغلوا أحداث مجزرة «رفح» لإزاحة وزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس أركان الجيش السابق الفريق سامي عنان من المشهد، وتنفيذ مخططهم بالسيطرة على مفاصل الدولة، وفي الحقيقة تعامل الرجلان بهدوء مع الموقف وانسحبا حرصاً على استقرار الأوضاع.• لماذا أقالك مرسي من قيادة الحرس الجمهوري، وهل أبلغت بالقرار قبل صدوره؟- مرسي ورجاله داخل القصر غضبوا مني بشدة عندما رفضت التدخل لإبعاد المتظاهرين من أمام القصر، حيث أبلغت أسعد شيخة بأن مهمتي تقتصر على تأمين القصر من الداخل، لكنهم أعادوا الطلب مجدداً بعدها بيومين لأنهم كانوا يريدون أن تشتبك قواتي مع المتظاهرين، وتنفيذ مخططهم بإحداث الوقيعة بين الشعب من جهة والجيش والشرطة من جهة أخرى، ثم بعد ذلك المطالبة بمحاكمتهم، وقيادات الإخوان كانوا يتوهمون أننا نقف ضدهم، لكننا كنا ندعم تجربتهم في الحكم على اعتبار أنهم متدينون، إلا أنهم كشفوا عن وجههم الإرهابي، وأن لديهم مخططاً عالمياً يريدون تنفيذه، وكانوا على استعداد للتضحية بوطنهم في سبيل تنفيذ مخططهم، وقد وصلت في هذه الفترة إلى مرحلة صعبة من التعب لأن مرسي أرهقنا خلال فترة حكمه، وتمنيت مغادرة منصبي، وبالفعل تحقق ذلك، لكن لم يبلغني أحد بالقرار لأنهم كانوا يخشون مواجهتي، وقبل صدور القرار بوقت قليل قابلت المتحدث السابق للرئاسة ياسر علي وبصحبته كبير الياوران، الذي صافحني ولم يخبرني بشيء، وذهبت إلى مكتبي وأثناء متابعتي للتلفزيون فوجئت بخبر تعيين اللواء محمد زكي قائداً للحرس بدلاً مني، فأخذت متعلقاتي وانصرفت في هدوء.