قطار اندماج الشركات الاستثمارية... لماذا يتعثر دائماً؟

نشر في 12-10-2014 | 00:09
آخر تحديث 12-10-2014 | 00:09
No Image Caption
الجهات الرقابية مطالبة بإجبار الشركات المتعثرة على اتخاذ خطوات جادة لحل مشاكلها

تُطالب الجهات الرقابية بإجبار الشركات المتعثرة على اتخاذ خطوات جادة لتعديل أوضاعها، والاندماج كحل من الحلول الممكنة لانتشال الشركة من غرقها، وذلك عبر تنظيم وتشريع القوانين المعنية بمثل هذه الأمور، وتطوير الموجود منها بما يتلاءم والقوانين المتطورة.
عادت المطالبات بضرورة الاندماج وجدواه بين الشركات الاستثمارية المحلية، إلى الظهور مجدداً، لكنها هذه المرة تأتي من جهة دولية اقتصادية متخصصة مطلعة على العديد من التجارب السابقة، ولديها الخبرة الكافية لإطلاق مثل هذه التوجيهات والنصائح، خصوصاً اذا كانت هذه الجهة بوزن صندوق النقد الدولي.

فقد أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير والمتعلق بالكويت واقتصادها، صراحةً إلى «أهمية وجود رقابة تنظيمية أقوى من هيئة أسواق المال على شركات الاستثمار لتعزيز هذا القطاع والمساهمة في توجيه الشركات الضعيفة نحو الاندماج»، مشيراً إلى أن «التغيير المفاجئ في ظروف السوق المالي العالمي يمكن أن يزيد من مخاطر السوق ومخاطر التمويل أمام شركات الاستثمار بما يدفع أصحاب بعض تلك الشركات إلى تخفيض الديون من موارده الخاصة وكذلك التأثير سلبا على الأصول الائتمانية لتلك الشركات».

ويقول مراقبون ان العديد من الشركات كانت تراهن على تعافي الاقتصاد والذي سينعكس بدوره على تعافي أسعار الأصول وبالتالي التخارج منها بأسعار مجزية تمكنها من سداد ما عليها من التزامات بل وتحقيق أرباح ناتجة على استثمارها، لكن هناك بعض الأصول التي لم تكن تستحق الارتفاع مجدداً بل انها أساساً ارتفعت في فترات الرواج الاقتصادي بغير وجه حق ودون أي أحقية لها، لكن عمليات «نفخ الأسعار» وتضخيمها ساهمت بارتفاعها، وبالتالي هي الآن في مستوياتها الطبيعية التي تحتم على الشركات عدم شمولها في «تمنيات التعافي» معها.

ويرى المراقبون ان عمليات إعادة جدولة الديون تنجح مع شركات منتجة ذات نشاط صناعي أو زراعي أو عقاري أو غيرها من الأنشطة التي تمنح عوائد معينة، لكن مع شركات الاستثمار ربما لا تنجح كونها تعتمد بالأساس على علاقاتها مع المستثمرين وتسويق المنتجات عليهم، وإذا ما اختفى المستثمر اختفت إيراداتها.

الاندماج... خيار مطروح

ويعتبر الاندماج خياراً من الخيارات المستخدمة في مجال صناعة الهيكلة المالية للشركات وتحديد استراتيجية النمو والتشغيل، فمن المتعارف عليه أن يحقق النمو في الكيان الجديد دون الحاجة إلى إنشاء وتأسيس، أي أنه يتكون من خلال كيانات قائمة يتم دمجها بخيارات متعددة لتحقيق استراتيجية النمو والتطور في هذا الكيان الجديد، ولذلك فإن الهدف الأساسي منه هو تحقيق معدلات تشغيل مرتفعة يحقق ارتفاعا في الايرادات والمبيعات ويحقق ضبطا منطقيا للمصروفات ويقود بالنهاية إلى تحقيق معدلات ربحية أعلى.

وذكر المراقبون أن الاستحواذات والاندماجات بشكل عام مفيدة جداً للسوق، وهي أحد عوامل صعود الاسواق وانتعاشها سواء في الازمات أو حتى فترات الانتعاش وإعطاء دفعة معنوية أكبر له مثل التي تحدث حالياً من حولنا، كما أنها لا تقتصر على الشركات المتعثرة فقط بل تمتد إلى الشركات التي تكمل بعضها بعضا من ناحية الخدمات والمنتجات لتطوير أنشطة الكيان الجديد.

فشل الاندماجات

وفيما يتعلق بفشل هذه الخطوة وعدم انتشارها بشكل كبير، قال مراقبون ان هناك 3 نقاط رئيسية في هذا الأمر، الأولى هو أن في عمليات الاندماج لا يمكن أن تجمع بين فشلين ويخرج منها نجاح، يجب أن ندمج نجاحاً مع نجاحاً أو أضعف الإيمان نجاحا مع فشل أصغر منه، ودائماً في الاندماج وشراء شركة لشركة أخرى لابد أن تكون هناك إرادة حقيقية لمالك متخذ قرار، فعندما تكون الشركات الموجودة في السوق على سبيل المثال تتوزع حصصها الرئيسية بين أكثر من مالك ولا وجود لمالك رئيسي تؤهله نسبته لأن يقود الشركة ولا يوجد تفاهم وتنسيق بينهم، فإن أوضاع الشركة ستبقى معلقة.

ومنذ الأزمة بنهاية 2008 وحتى اليوم هناك شركات انخفضت قيمتها السوقية اكثر من 70-80 في المئة، ولو تمت تصفيتها مع بداية الأزمة لكان أولى للمساهم أن يستفيد من الانخفاض البسيط – آنذاك – في قيمتها السوقية، واستمرت هذه الشركات لمدة 3 سنوات بالعمل وإنفاق الرواتب والمصروفات الإدارية وإقامة مؤتمرات وغيرها وفي النهاية تحقق خسائر مستمرة فادحة!

وأغلب عمليات الاندماج التي تمت، نجحت بسبب وجود مالك رئيسي له قوة القرار في الشركة ساهم في تنفيذ العملية.

ثانياً، من المعروف أن من يدير الشركات هي الإدارة التنفيذية لا مجلس الإدارة، وإذا كانت الإدارة التنفيذية نابعة من ملاك وحريصة على المصلحة الخاصة فهي تعلم أن الاندماج سيؤدي إلى تخفيض الكراسي في الإدارة، فما كان موجوداً في شركتين سيكون موجوداً في شركة واحدة فقط، ومن المؤكد أن تتجمد عمليات الاندماج وتكون فاترة.

أما السبب الثالث، فهو يرتكز على التقييمات المُبالغ فيها، فطوال عقد التسعينيات من القرن الماضي ومنذ أن ابتكرت فكرة القيمة العادلة للاستثمارات كمعيار بدلاً من القيمة السوقية أو التكلفة أيهما أقل، وضعت أرقام قيم عادلة على أسس تقييمات كانت تُضخّم إلى وقت حدوث الأزمة.

والآن عندما تبدأ أي عملية اندماج فيها طرف ثالث مستقل يأتي ليعيد تقييم كل الأصول، من خلال الدخول في ميزانيات الشركات نفسها، وهناك إدارات لا تسمح بذلك وبالتالي يصل المقيّم إلى باب مسدود أو تقييم غير عادل، وبعض العمليات تحتاج إلى سيولة إضافية من الملاك لتنفيذ العملية، ويأتي ملاك يريدون ان يتم تنفيذ العملية دون أن يدفعوا سيولة إضافية للعملية، وهذا ما يساهم في إيقافها.

مسؤولية مشتركة

ويبقى قرار الاندماج بالنهاية مسؤولية ملقاة على عاتق القطاع الخاص، نظراً لأن ملكية الكيانات المراد دمجها تعتبر ملكية خاصة به وبالتالي هو من يرى ضرورة الدمج من عدمه، كما أن عملية الاندماج لديها اجراءات طويلة وفيها من التفاصيل الكثير والتي تتطلب استعانة بخبرات متخصصة ومحترفة تشمل الجوانب القانونية والمالية والفنية.

لكن من واجب الجهات الرقابية إجبار الشركات المتعثرة على القيام بخطوات جادة من أجل تعديل أوضاعها، والاندماج كحل من الحلول التي يمكن القيام بها لانتشال الشركة من غرقها، وذلك عبر تنظيم وتشريع القوانين المعنية بمثل هذه الأمور، وتطوير الموجود منها بما يتلاءم والقوانين المتطورة.

أرضية مساعدة

يرى مراقبون أن ملكية شركات الاستثمار الكويتية غالبيتها ترجع الى عدد محدود من المجاميع الاستثمارية، وهذا ما يخلق أرضية تساعد على القيام بخطوة الاندماج، بين الشركات ذات الملكية المشتركة على الأقل، وربما رأينا ذلك في خطوة سابقة لمجموعة «إيفا» عندما قامت بدمج 3 شركات في كيان واحد، كما قامت «الزمردة» بالاندماج مع «دانة للاستثمار»، وهناك خيار مطرح حالياً للاندماج بين «الاستثمارات الوطنية» و»الساحل» و»المال» والتي ترجع ملكيتها الرئيسية لمجموعة واحدة بالنهاية، بالإضافة إلى خيار دمج «منافع» مع «كامكو»، وغيرها من الأمثلة الأخرى.

ويشيرون إلى أن ملكية مجموعات للنسب الرئيسية في شركات مختلفة تعمل في القطاع ذاته من المؤكد أن يسهل من القيام بمثل هذه الخطوة إن كانت لها جدوى اقتصادية تعود بالفائدة على المساهمين في تلك الشركات والكيان الجديد، خصوصاً إن كانت الجهات الرقابية تشجع على القيام بهذه الخطوة إذا ما رأوا الملاك أهميتها لشركاتهم.

back to top