من يظن الحب بكل حالاته جميلا، شخص مخيف، وخوض تجربة الحب معه مغامرة غير محسومة النتائج، بل إن ارتكاب الحب مع شخص كهذا يعدّ من الحماقات الكبرى!

Ad

شخصٌ كهذا واهم، ويسوّق وهمه على الآخرين، شخص كهذا ليس أكثر من أفيون بأرجل، يبيع لنا الهلوسة المضرة بصحة المشاعر، البعض يروّج بضاعة "الحب جميل بكل حالاته" اعتقاداً أنه بذلك يجمّل صورة الحب، بينما هو في الواقع يشوّه صورة الحب جهلاً به، يظن أنه بشعاره ذلك يمدح الحب، بينما هو في واقع الأمر يكيل الثناء على ما لا يفقه، وسرعان ما يكتشف الآخرون زيف مزاعمه.

الحب ليس جميلا بكل حالاته، بل ان الصور البشعة والقبيحة للحب أكثر من أن تُعدّ وتحصى، مقارنة بصوره الجميلة والفاتنة، الصورة المعلقة مثلاً على جدار الحب للشاعر ديك الجن الذي قتل زوجته من شدة حبه لها وغيرته عليها، وصنع من رماد جثتها كأساً يعاقر الخمر فيه وينشد الأشعار تغزلاً يدمي القلب على حبيبته التي أزهق روحها بيديه، تلك ليست صورة بهيّة للحب، قصة قيس ليلى الذي أذهب الحب عقله حتى لقّب بالمجنون ليست صورة ناصعة للحب، صورة شخص ما يستغل حب آخر سلّما لتحقيق مجد شخصي له، وعند وصوله إلى ما يريد يقوم بغرس عتبات السلّم سكاكين في قلب من أوصله ليست صورة للحب تستحق التمجيد، الخنجر الذي يفاجئك من الخلف بيد من تحب لا يمكن اعتباره حالة من الحب نقية تستحق التغزل بها.

الصورة التي رسمها لنا شاعرنا نزار عن الحب حين قال "هو ذلك الكف التي تغتالنا.. ونقبّل الكف التي تغتال"، صورة درامية ليس لمحب ولكن لعبدٍ لا يملك إلاّ أن يشكر سيّده على اختياره عبداً من بين العباد ليكون الضحية.

زخر تراثنا الأدبي بقصص للحب غنية بالعبودية والامتهان للكرامة والذل للحبيب، محاولاً رسم صورة للحب حتى آمن معظمنا بأنه كذلك بل ان بعضنا من شدة إيمانه هذا، آمن بأن أي صورة للحب خلّت من ذلك ليست حبّاً حقيقيا، أو أنه يعاني علة يصعب علاجها!

محملون نحن حتى أخمص قلوبنا بكل الصور السلبية للحب حتى لم نعد نتصوره بغير تلك السلبية بل ان بعضنا تمادى إلى الحد الأقصى فاعتقد جازماً أن جمال الحب يكمن في بشاعته، لذلك يعمل عامداً متعمداً على إيذاء من يحبه ليختبر محبة الآخر له ويمتحن صدقها، منهم أولئك الذين يرون أن الحب جميلاً بكل حالاته حتى القبيح منها!

احذروهم وتأكدوا أن للحب صورا كثيرة ومتعددة منها الجميل ومنها البشع.

 أي حب يكمل نقصك الإنساني، ويزيدك اعتداداً بذاتك ولا بنقص من قدر إنسانيتك مثقال ذرة هو حب جميل، أي حب يرأف بقلبك، ولا يترك لك جرحاً بلا ضماد هو حب جميل، أي حب يتشكل من أجلك جناحاً لتصل حلمك المرتجى، بدلا من أن يشل قدميك هو حب جميل، أي حب يقويك، ولا يضعفك هو حب جميل، هناك حب جميل وحب غير ذلك فاختاروا أحبّة تطعم أفواه أعماركم الشهد لا العلقم!