حين تغيبين فترات عن الشاشة، أين تكونين؟

Ad

أكون منهمكة في شؤون فنيّة متعلقة بالمسرح وبترجمة نصوص مسرحية وبالإنتاج.

لماذا يُنظر إلى الممثل الغائب عن الشاشة وكأنه مستقيل من المهنة؟

بعدما بات التلفزيون يعيش يومياً مع الناس في منازلهم، يظنّ هؤلاء ألا شيء يتوافر خارج إطاره، وفقدوا فضولهم في اكتشاف ماذا يوجد خارجه. إلى ذلك تقع المسؤولية على من يتحدث عن المهنة في الإعلام، كونه لا يذكر المسرح. مثلاً، جوائز «موركس دور» السنوية لا تتضمن جائزة عن فئة المسرح، وكأنه لم يعد موجوداً في الذاكرة الجماعية في البلد.

كيف يتفاعل الجمهور مع إطلالتك الجديدة؟

في الماضي لم نكن نطلع على ردود فعل الجمهور لعدم توافر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أننا راهناً، بفضل «فايسبوك»، وغيره من المواقع، أصبحنا على تماس مباشر مع الناس. مع أنني لست من روّاد هذه الصفحات الإلكترونية باستمرار، فقد نشرت صورة للشخصية التي أجسدها في مسلسل «ياسمينة»، وتلقيت سيلا من الرسائل الداعمة والمعبّرة عن الشوق لمشاهدتي مجدداً عبر الشاشة. لذا لا يُعتبر الغياب سيئاً إلى هذا الحدّ.

نشهد يومياً انطلاقة نجوم جدد ترافقهم إعلانات مكثفة، ألا تخشين أن ينساك الجمهور؟

لا أخشى أبداً هذا الأمر، لأن ثمة مساحة كافية لكل شخص ليثبت، عبر موهبته وجهده، جدارته بموقعه. صحيح أن الإعلانات موجهّة إلى الناس الذين يسعون إلى التسلية والمتابعة والتشجيع، إنما يدرك هؤلاء كيفية التمييز بين الجيّد والسيّئ لذا لا يسهل غشّهم. من جهة أخرى، عندما ينطبع ممثل ما في الذاكرة من الصعب إزالته ونسيانه، فضلاً عن أنني أغيب بسبب رفضي أن أكون في أعمال لم تقنعني للمشاركة فيها.

ما الدور الذي لا يقنعك؟

لا أختار الدور إنطلاقاً من رأيي الشخصي فيه بل من قدرة الشخصية على إثارة تفاعل الجمهور معها، وترك انطباع في ذاكرته وإحساسه، فضلا عن مدى استعدادي أساساً لعيشها.

من هنا كان اختيارك لدور «كريمة» في «ياسمينة»؟

قبولي بهذا الدور الشرير الذي لن يحبّه الجمهور هو جرأة بحدّ ذاتها، لكنه جذبني للمشاركة في المسلسل، كونه يحرّك القصّة ويحوّر الأحداث ويعقّد لقاء الأب بابنته «ياسمينة».

هل يمكن تبرير الشر؟

سيكتشف الجمهور في سياق الأحداث ألا خيار أمام «كريمة» سوى التصرف بهذه الطريقة وهو سيبرر شرّها.

 

ما العبرة التي سنستخلصها من مسار هذه الشخصية؟

يجب ألا نختار مسارنا في الحياة بعشوائية، بل ضرورة التفكير قبل التصرف وأخذ القرارات والتحكم بمصير الآخرين من حولنا. ومن عِبر المسلسل، أيضاً، أن من يزرع الشر يحصده.

ألا تخشين انعكاس الشر في هذه الشخصية سلباً على نظرة الجمهور إليك؟

يتأثر البعض بشخصيات المسلسلات ويندمج إلى درجة الخلط بين الممثل والدور، فيما يميّز كثر بين حقيقة الممثل وواجبه في أداء شخصياته بطريقة صحيحة وصادقة.

ما المعايير التي تعتمدينها في خياراتك؟

أنظر الى النصّ أولا ومن ثم إلى الدور فهوية المخرج وفريق العمل الذي لا يقل أهمية عن النصّ كونه محرّك المسلسل.

يضم المسلسل نخبة من الممثلين المخضرمين، ما أهمية هذه التركيبة في رفع مستوى العمل؟

أدرك المنتج والمخرج ايلي معلوف أهمية هذه التركيبة التي نتمنى أن يدركها الآخرون أيضاً، كونها أثبتت أنها مادة أساسية لنجاح المسلسل، أي وضع الممثل المناسب في المكان الصحيح، ما يعني أن يكون متمكنّاً من مهنته وليس دخيلا عليها أو تم إحضاره بسبب شكله الخارجي الجميل.

هل أنتِ راضية عن المسلسل؟

طبعاً، وفرحة بردود فعل الناس، فضلا عن أنني سعيدة بالمشاركة في عمل أفتخر به، خصوصاً أن تصويره استغرق سبعة أشهر، بسبب مواقعه والملابس والأكسسوار، رغم تلك الظروف لم يساوم المنتج، بل أمّن كل ما يلزم لتنفيذ المسلسل كما يجب، فضلا عن أن الممثلين جميعهم ثابروا على نجاحه ووظفوا طاقتهم لهذا الهدف، وجمعتهم الإلفة والمحبة والاحترام المتبادل.

 

هل اختلفت الأخلاقية المهنية بين جيلكم والجيل الراهن؟

طبعاً بسبب الإغراءات المتوافرة راهناً في المهنة، منها المال والشهرة، ذلك أن الممثلة المستعدة لإظهار مفاتنها تُعرض عليها أدوار البطولة وتحتل غلاف المجلات، بينما في الماضي لم يكن جيلنا يتوقّف عند المردود المادي، ولم يسعَ إلى الإطلالات الإعلامية، لأن همه الوحيد آنذاك كان تقديم عمل جميل، وأداء الأدوار بطريقة جميلة.

 للأسف، يسعى الإعلام سواء المرئي أو المكتوب، إلى استقبال ضيوف بغض النظر عن الأقدمية والجدارة، رغم تحسّن الإنتاج وتطوّر الدراما اللبنانية التي بات لها موقع عند الجمهور. لذا نتمنى ألا تكون الشهرة والمال هدف الممثل الأساس لأنهما سيتحققان حتماً مع الوقت وبفضل الاجتهاد.

ما النصيحة التي توجهينها إلى طلابك في قسم التمثيل في معهد الفنون الجميلة التابع للجامعة اللبنانية؟

الاجتهاد وتعميق الثقافة واكتشاف الفنّ من جوانبه كافة، أي الرسم والنحت والرقص والسينما، والاطلاع على تاريخ الشعوب، وكل الأمور التي تجعلهم خلاّقين... منهم يستوحون أموراً جميلة ما إن تمتلئ ذاكرتهم بالثقافة المغذّية لخيالهم، كذلك، أدعوهم إلى القراءة في زمن تراجعت فيه المطالعة والكتابة الجيّدة، ما يؤثر سلباً ويحول دون وصولنا إلى الأهداف الراقية والسامية التي نطمح اليها.

هل يعيش الممثل في انتظار تقديره جماهرياً على مجهوده أم التمثيل مهنة في نهاية المطاف؟

التمثيل مهنة وليس هواية، لذا تخصصت في التمثيل المسرحي. يرغب الممثل في مشاركة المتعة التي يشعر بها في مهنة التمثيل مع الجمهور، وعندما يتأكد من تحقيقها، تزيد لذّته ومتعته.

ما رأيك بالخليط العربي في المسلسلات الدرامية؟

التجارب واردة ويحق لكل كاتب ومخرج وممثل تحقيق التجربة، فإذا كانت مقنعة اندمج فيها الناس وقبلوها، أمّا إذا لم تكن مقنعة فشلت ولم تحظ باهتمامهم. بالنسبة إلى مسلسل «ياسمينة» اللبناني الصرف، فرح به الجمهور لأنه رأى فيه ما يخصّ بلده جغرافياً وقيماً اجتماعية وفترة زمنية عانى فيها الحرب والجوع والذل، وحافظ على كرامته وعلى الأرض التي تنتج وتعطي الخيرات، فأعادنا إلى تلك الجذور الجميلة في ظل البشاعة المحيطة بنا اليوم. لبنان وطن يستأهل أن نحبه وهو يحبنا أيضاً، وبمقدار ما نظهر الطاقة الإيجابية الموجودة فيه نواجه كل الطاقة السلبية التي تحاول تحطيم مجتمعنا.

ما مشاريعك بعد «ياسمينة»؟

أقرأ نصوصاً عدّة لكنني لم أتخذ قراراً بعد بشأنها. شخصياً لا أساوم ولا أقبل بعمل لا يقنعني أو لا يلهمني بقدرته على ترك انطباع جميل لدى الجمهور. إذ لا أضع نفسي في دائرة الخطر من خلال عمل قد لا يُكتب له النجاح أو لا يقنعني.

نجمات الغناء

ارتكزت مسلسلات رمضان العام الماضي على نجمات الغناء، ما رأيك في ذلك؟

يتحمّل القيّمون على هذه المسلسلات المسؤولية أولا، كذلك تتحمّل النجمة مسؤولية المغامرة الخطيرة جداً التي تخوضها، لأن مهنة التمثيل عالم بحدّ ذاته، له علمه وخبراته وتجاربه. سمعت إحدى المغنيات تقول إنها إذا لم توّفق في الغناء فستتجه إلى التمثيل، فهل التمثيل حقل تجارب!

هل نفهم من كلامك أنك ترفضين أن تخوض نجمات الغناء مجال التمثيل؟

لا أرفض ذلك ما دام الشخص مبدعاً وخلاقاً، بل أرفض الدخيل الذي يأتي من اختصاص مختلف. يجب أن يتعرف إلى المهنة قبل الدخول إليها وأن يخضع للتدريب أولا.

مسرح

نلت جوائز عن أعمال مسرحية مختلفة، كيف تصفين علاقتك بخشبة المسرح؟

علاقة مقدسّة وحبّ دائم أبدي، ليس لخشبة المسرح فحسب، بل لكل ما يحيط بها، لذا توجهت إلى الإنتاج المسرحي الذي لا أفقه فيه شيئاً. لا شعور يضاهي العلاقة المباشرة بين الممثل والناس، إذ نكتشف كيفية تلقيه لما نقدّمه له بلحمنا ودمنا. فهذه لحظة اختلاء، بعيداً من الواقع، بأشياء مختلفة لفترة من الزمن، وهذا لا يعيشه سوى الممثل المسرحي.

بم يختلف أداء الممثل المسرحي عن سواه؟

تختلف التقنيات، يكون جسد الممثل كله حاضراً أمام الجمهور على خشبة المسرح، كذلك صوته وحركته التي يمتلكها على المسرح أكثر من امتلاكه إياها في إطار الكاميرا المحدد، فضلا عن لعبة الإضاءة والمؤثرات الأخرى على الخشبة أيضاً.

ما واقع المسرح راهناً؟

نفتقر إلى كتّاب مسرحيين، كل ما نراه إمّا إقتباس أو ترجمة. تختلف الكتابة المسرحية عن الكتابة التلفزيونية، إنما نرى بعض التجارب الجيدة جداً. فضلا عن أننا نفتقر الى صالات مسرح إذ يقتصر عددها، على ثلاث في بيروت التي تفتخر بكونها منبع الثقافة في الشرق.