قام رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين بزيارة لمصر منتصف الأسبوع الجاري، ذات طابع احتفالي كبير من الجانب المصري، الذي يعاني "ألاعيب" واشنطن مع الإخوان المسلمين ضد العهد الجديد، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خاصة أن الولايات المتحدة الأميركية هي الحليف التقليدي للمصريين منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد في نهاية سبعينيات القرن الماضي، ابان عهد الرئيس الراحل أنور السادات، هدف القاهرة هو استحضار دور لموسكو، لبعث رسائل إلى أميركا بوجود بديل للتحالف معها في السياسة والتسليح.

Ad

لكن رغم أن هناك ارتباكاً مصرياً في الإجابة عن أسئلة مهمة حول دور روسيا، الذي يعتبر الوجه الآخر للدور الدولي الخبيث في العالم العربي، فإن القاهرة ماضية في الترويج لتحالف مع موسكو غير واضح المعالم والأهداف، فالرئيس بوتين يعتبر إيران حليفاً مهماً ورئيسياً، وهو ما تعززه عقيدته العسكرية الجديدة التي أعلنها مؤخراً، بينما إيران هي الممول والداعم الرئيسي لحركة حماس وجناحها العسكري الذي يعتبر الأب الروحي واللوجستي، لحركة "أنصار بيت المقدس" التي تضرب مصر وجيشها في سيناء، وتبعث بكوادرها لنشر التفجيرات والأعمال التخريبية على طول وعرض الأراضي المصرية.

كما أن بداية تحويل منطقة قناة السويس وسيناء إلى منطقة عمليات تخريبية وإرهابية كانت بوجود كوادر من حزب الله اللبناني، الذراع الإيرانية الحليف لروسيا في مصر، وملف سامي شهاب أو محمد يوسف منصور ضابط "حزب الله"، الذي هرب من سجن المرج خلال ثورة 25 يناير معروف، ونشاطه في تكوين خلايا سيناء، والوحدة 1800 التابعة لمنظمة الجهاد الإسلامي الممولة من إيران، ودور تلك الأنشطة في سيناء التي مهدت لدخول العناصر المتطرفة إليها التي تروع مصر حالياً.

كل ذلك يطرح تساؤلات عن ماهية العلاقة الاستراتيجية التي تريدها مصر مع روسيا، فهل القاهرة مستعدة لأن تكون طرفاً في محور موسكو – طهران – دمشق الأسد - بيروت حزب الله؟! وما تداعيات ذلك على العرب ومصر نفسها؟! خاصة بعد أن انضم اليمن أو جزء مهم منه إلى هذا المحور، واقتراب وجود طهران على باب المندب المنفذ المهم لمصر، وما أثر ذلك على أمن الخليج العربي وعلاقات مصر مع دول مجلس التعاون الخليجي؟

هذه كلها تساؤلات مشروعة خاصة أن القراءة الأقرب لمنطق الأحداث تقول إن واشنطن وموسكو لهما هدف مشترك وموحد في المنطقة، وهو ضرب وإضعاف القوى السنية التي يعزز فكرها العقائدي "الجهاد" الذي ضرب روسيا في الشيشان، وضرب أراضي الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، لكن رغم وحدة هدفهما فهناك تنافس بينهما على مواقع النفوذ، ولذلك يشارك الطرفان في مذابح سورية وغرب العراق، إما مباشرة أو عن طريق الحيل والمناورات السياسية وتبادل الأدوار في مجلس الأمن الدولي ودعم طرفي القتال وتجاهل المذابح والانتهاكات الفظيعة وعمليات التطهير الطائفي التي تحدث في العراق والشام.

لذا فإن الهالة والترويج لزيارة بوتين للقاهرة لا تعدو أن تكون انطلاقة لعلاقات ملتبسة غالباً ستكون عوائدها لصالح الدب الروسي، ونتيجتها أن تقترب مصر من صديق عدوها الخفي (إيران)، الذي يريد أن يلهيها ويضعفها حتى لا يكون لها حضور في الأحداث الجسام التي تعيد صياغة الجناح الشرقي للعالم العربي، أو استخدام مصر في إعادة تأهيل نظام بشار الأسد، وهما أمران يجب ألا ينطليا على مصر، خاصة أن الهدف القومي الفارسي هو تدمير مصر وعزلها عن محيطها العربي.

***

أمر غير مفهوم أن تكون الولايات المتحدة الأميركية حليفاً لدول مجلس التعاون الخليجي في محاربة الإرهاب في العراق وسورية، ولكنها ضد خيارهم في مصر، رغم تعرضها لموجة من الإرهاب المنظم في سيناء وبقية أراضيها، وتقديم القاهرة قرائن وأدلة إلى واشنطن على تورط الإخوان المسلمين في العنف والتحريض عليه، وبالرغم من ذلك فإن ممثلي الإخوان يستقبلون في وزارة الخارجية الأميركية، ويتم التباحث معهم، فما الدور الخبيث الذي يُلعب في المنطقة من قبل واشنطن؟!