ثمة زيت سميك ولزج مثل زبدة الفستق السوداني ويتوافر بكثرة، أرجو ألا تطلق عليه صفة "النفط القذر"، فلا نفط نظيف مطلقاً، ولكن الوقود المستخلص من رمال القار في كندا ينتج كمية من الغازات الدفيئة تفوق الأنواع التقليدية من البنزين وزيت التدفئة. إنه يدعى "رمال الزيت" في أوساط المديرين التنفيذيين في ميدان البترول كما يدعى "بيتومين" من قبل الجيولوجيين، وهذه هي المادة التي ستتدفق عبر خط أنابيب كيستون إكس إل من منطقة ألبرتا الكندية الى مصافي ساحل الخليج في الولايات المتحدة.

Ad

وقد لعب تأثيره على البيئة دوراً كبيراً في النزاع حول ما إذا كان يتعين على الرئيس باراك اوباما الموافقة على مشروع خط الأنابيب المذكور، وخلصت وزارة الخارجية الأميركية، التي تصدر التراخيص المتعلقة بأنابيب الخارج، في تقرير شهر يناير من عام 2014 الى أن هذا الخط ستكون له "تأثيرات بارزة" على تغير المناخ في العالم، لكن مجموعة معارضي المشروع لم توافق على هذا الرأي، كما أن الجمهوريين الذين يسيطرون الآن على مجلسي النواب والشيوخ يقولون إنهم سئموا من انتظار قرار الرئيس أوباما، وعمدوا الى إقرار تشريع بالموافقة على خط الأنابيب المشار اليه.

ومن جهته قال أوباما أنه سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضد ذلك التشريع، وبينما يحتدم الجدال بدأ توسيع استخدام القطارات وخطوط الأنابيب المنافسة بجعل كيستون إكس إل أقل أهمية بالنسبة الى شركات النفط.

الوضع الراهن

مكامن بيتومين ألبرتا الغزيرة سمحت لكندا بالقول إنها تملك ثالث أكبر احتياطيات نفط خام قابلة للاستخراج في العالم، ويدخل المزيد من رمال القار الخام الى امدادات عالم النفط في كل عام، ولكن النسبة لا تزال صغيرة وتصل الى نحو 2.3 في المئة، ونظراً لوجود كمية أقل كثيراً منه مقارنة مع الإنتاج التقليدي من النفط والفحم والغاز الطبيعي فإن نفط رمال القار الكندية يشكل نسبة تبلغ 0.1 في المئة من انبعاثات غازات البيوت الدفيئة في العالم ويشتمل على إمكانية أقل بالنسبة الى تدفئة كوكب الأرض من منتجات الوقود الأحفوري الاخرى.

وبحسب دراسة أجراها معهد بمبينا فإن الغالون الواحد من الوقود الذي يتم انتاجه من رمال بيتومين يطرح ما بين 8 في المئة الى 37 في المئة من الكربون أكثر من الوقود المنتج بصورة تقليدية، وتقول صناعة النفط وحكومة ألبرتا إن منتجي رمال الزيت يطلقون كمية تصل الى 6 في المئة أكثر من غازات البيوت الدفيئة في الجو، ويرجع ذلك بشكل جزئي الى أن استخراج وتكرير البيتومين يتطلب استخدام كمية من الطاقة تفوق تلك اللازمة لاستخراج الأنواع الأخف من الخام.

خلفية الوضع الراهن

وتجدر الإشارة الى أن الحكومات تعمد الى تقييد إنتاج الوقود الذي يطلق ثاني أكسيد الكربون في الجو واستخدامه وذلك بغية إبطاء عملية الاحتباس الحراري، وقد سنت ولاية كاليفورنيا في عام 2007 أول قانون في العالم حول مقياس الوقود المتدني الكربون، وكان يهدف إلى خفض كثافة الكربون في وقود وسائل النقل في الولاية بنسبة 10 في المئة بحلول عام 2020، وقد أخفقت كندا وألبرتا التي تنتج ثلث انبعاثات غازات البيوت الدفيئة في البلاد في تلبية أهدافهما في خفض الكربون، وذلك بسبب الزيادة الحادة في الانتاج، وفي شهر ديسمبر الماضي قرر رئيس وزراء ألبرتا جيم برنتيس تأجيل القيام بتغييرات حول قوانين الانبعاثات الاقليمية حتى شهر يونيو المقبل بعد أن هدد هبوط أسعار النفط أرباح منتجي الطاقة في البلاد.

الجدال وأنصار حماية البيئة

تقول مجموعات حماية البيئة إن إنتاج المزيد من البيتومين سيعزز الاعتماد على النفط لعقود طويلة من الزمن، كما يؤخر عملية الانتقال الى مصادر الطاقة المتجددة، ويختلف الجانبان أيضاً حول أفضل طريقة لمقارنة الانبعاثات من رمال القار بالملوثات الأخرى، ويقول منتجو النفط إن مصانع الفحم تطرح كمية اكبر من ثاني أكسيد الكربون في الجو، في حين يقول أنصار حماية البيئة إن المقارنة الملائمة يجب أن تكون مع النفط التقليدي لأن نوعي الخام، بخلاف الفحم، يتم استخدامهما بشكل رئيسي في صنع وقود النقل.

 وتقول مجموعات أنصار حماية البيئة إن ايقاف مشروع خط أنابيب كيستون اكس ال سيبطئ تطوير رمال القار، في حين تجادل المجموعات المؤيدة لمشروع كيستون في أن البيتومين سوف ينتج ويشحن إما عن طريق أنابيب اخرى أو بالقطارات، مما يزيد من خطر التسرب والحوادث الاخرى.

 يذكر أنه منذ بداية عام 2012 ارتفعت شحنات القطارات من الخام الكندي 11 ضعفاً، وبينما يتصاعد الجدال حول كيستون اكس ال ضاعف المشغلون سعة خط أنابيب سيواي مما سمح لمزيد من خام رمال القار بالوصول الى مصافي ساحل الخليج في الولايات المتحدة.

Jeremy Van Loon