لا مشكلة في معارضة الحرب ولكن
ليس هناك مشكلة في قضية معارضة الحرب أو تأييدها، ولكن المشكلة تحصل عندما يُبنى الرأي المعارض أو المؤيد، كما يفعل البعض هذه الأيام مع الأسف الشديد، على خطاب الكراهية الطائفي أو الفئوي أو العنصري الذي يُدمّر النسيج الوطني، ويُهدد الاستقرار الداخلي.
في الدول الديمقراطية التي تتخذ فيها القرارات، بما في ذلك قرار المشاركة في الحرب، بالأغلبية كما حصل في مجلس العموم البريطاني عندما تم رفض المشاركة في الحرب على سورية لتدمير أسلحتها الكيماوية، فإنه من حق الأقلية معارضة هذه القرارات بالوسائل السلمية كما رأينا، مثالا لا حصرا، أثناء حرب إسقاط صدام واحتلال العراق عندما قامت مظاهرات ضخمة في بريطانيا وأميركا معارضة للحرب، أما في الدول غير الديمقراطية فإن القرارات العامة تُتخذ بمعزل عن رأي الناس ومشاركتهم ثم يطلب منهم، بعدئذ، التصفيق لهذه القرارات حتى لو كانوا غير راضين عنها أو أن لهم رأيا آخر مختلفا.على أي حال، فإنه ليس هنالك مشكلة البتة في معارضة الحرب بالوسائل السلمية والدعوة إلى وقفها سواء حرب اليمن "عاصفة الحزم" أو أي حرب أخرى، مع ضرورة الأخذ في عين الاعتبار أن عملية المحاسبة والمساءلة غير ممكنة عمليا إلا عندما تضع الحرب أوزارها، وفي هذا السياق فإننا لا نبالغ إن قلنا إن معارضة الحروب والدعوة إلى السلام هي القاعدة العامة التي يفترض أن ينطلق منها أي إنسان عاقل في تكوين رأيه واتخاذ قراره، فالحروب مدمرة للبشرية ولا يترتب عليها إلا الخراب والدمار والهدم، أما السلم فيسمح بالتعايش السلمي بين المكونات الاجتماعية والسياسية المختلفة، ويهيئ الظروف المناسبة للبناء والتعمير وتحقيق التنمية الإنسانية.
ليس هناك مشكلة في قضية معارضة الحرب أو تأييدها، ولكن المشكلة تحصل عندما يُبنى الرأي المعارض أو المؤيد، كما يفعل البعض هذه الأيام مع الأسف الشديد، على خطاب الكراهية الطائفي أو الفئوي أو العنصري الذي يُدمّر النسيج الوطني، ويُهدد الاستقرار الداخلي، فعندئذ تتحول القضية من قضية حرية رأي وتعبير مكفولة دستوريا وفي المواثيق الدولية إلى ارتكاب جريمة نشر خطاب الكراهية المحظورة دستوريا وعالميا. من هنا فإنه يتعين على الحكومة أن تتخذ موقفا حازما تجاه قيام أي طرف سواء المؤيد للحرب أو المعارض لها بنشر خطاب الكراهية الطائفي البغيض، فمن غير المقبول أن يتم التشكيك، من بعض المتطرفين فئويا وطائفيا وعنصريا، بالانتماء والولاء الوطنيين للمكونات الأصيلة لمجتمعنا المتعدد الأصول والطوائف والمذاهب، في كل مرة تثار فيها قضية سياسية خلافية، سواء كانت محلية أو خارجية، فالاختلاف بالرأي حق إنساني ودستوري، ولا يملك أحد الحق في توزيع صكوك الانتماء والولاء الوطنيين.