هناك طرق عديدة لسد ذريعة التكسب من الجمعيات لخصخصتها، والوزارة معنية بشكل مباشر في كف أيدي العابثين بهذا القطاع الذي تتفرد فيه الكويت كبلد ومجتمع، وليس هناك من داع لتكرار سيناريو عدم الاستقرار السياسي الذي شهدناه بالعين في مسألة الديزل، ومن يعجز عن محاسبة مفسد فهو لا يستطيع أن يدير مشروعاً، وهذه هي حالنا اليوم مع الأسف.

Ad

أول العمود:

 قد يكون أحد متطلبات مواجهة انخفاض برميل النفط إلى 40 دولاراً تشكيل حكومة جديدة صارمة وذكية.

***

خصخصة الجمعيات التعاونية موضوع أطلقته وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية هند الصبيح منذ أيام، وقبل مناقشة هذا الموضوع يجدر التذكير بجذور العمل التعاوني في الكويت وبصوره البدائية، وقد كان ذلك في الجمعية التعاونية في المدرسة المباركية 1941، ثم انتشار الصيغة في الدوائر الحكومية 1955، وصولا إلى القانون 20 لسنة 1962 الذي نظم عمل هذه الجمعيات وأكسبها زخما أوصلها لعضوية التحالف التعاوني الدولي 1981.

واليوم تسيطر هذه الجمعيات على ما يقارب الـ70% من تجارة التجزئة، ويبين مؤشر "أي تي كيرني"، لقياس التطور والتوسع العالمي لتجارة التجزئة لعام 2012 موقع الكويت الثالث عربيا في نشاط التجزئة والـ12 عالميا، ويكشف عن حصة بمقدار 40 ألف دولار هي حصة الفرد من الناتج المحلي، والتي تصب في الإنفاق الاستهلاكي، كما يكشف التقدير عن 4 مليارات دولار هي مبيعات التجزئة من 2011  إلى 2014.

إذاً نحن أمام أرقام هامة وكبيرة ومحركة للاقتصاد الاستهلاكي البشري، فأين يقف حديث الخصخصة من ذلك؟

أكثر من رأي سياسي ودستوري يقر بغرابة الفكرة اقتصاديا وقانونيا، فالجمعيات ليست قطاعا حكوميا، بل هي خاصة بالأهالي ومدعومة من الدولة بالأراضي وأمور أخرى، ولا علاقة لها بالقطاع العام حتى نتحدث عن خصخصته!

ينبغي الإجابة عن أسئلة كثيرة قبل طرح فكرة استفزازية كهذه:

ما الداعي لها؟ وكيف ستبدأ؟ ولماذا لم يعط تعديل قانون التعاونيات مجالا من الوقت لمعرفة أثره، خصوصا تعديل الشروط الأكاديمية للترشح، وتشديد بعض بنوده لوقف الفساد في هذا القطاع؟

تجربة تعديل تسعير الديزل والكيروسين لم تكن مشجعة لا في فكرتها ولا توقيتها ولا إخراجها، وتبين التوجه النيابي المضاد لها في جلسة المناقشة يوم الخميس الفائت؛ ولذلك فإن الحديث عن خصخصة الجمعيات يعد لعباً بالنار، فهو قطاع خاص بالناس في مناطق سكنهم، ويتعلق بقوتهم اليومي، وإن كانت حجة الفساد هي سبب لهذا الطرح فنقول لوزيرة العمل دونكم المفسدين والقانون والقضاء، ولا طريق غير ذلك لتنظيف التعاونيات من المتطفلين والمفسدين الذين أوصلونا إلى حال لا يرضاها أحد.

هناك طرق عديدة لسد ذريعة التكسب من الجمعيات لخصخصتها، والوزارة معنية بشكل مباشر في كف أيدي العابثين بهذا القطاع الذي تتفرد فيه الكويت كبلد ومجتمع، وليس هناك من داع لتكرار سيناريو عدم الاستقرار السياسي الذي شهدناه بالعين في مسألة الديزل، ومن يعجز عن محاسبة مفسد فهو لا يستطيع أن يدير مشروعاً، وهذه هي حالنا اليوم مع الأسف.