"داعش" يحاول التقدم في عين العرب وسط اشتباكات مستمرة
عزز تنظيم "الدولة الإسلامية" سيطرته في مدينة عين العرب "كوباني بالكردية" السورية رغم المقاومة الشرسة التي يبديها المقاتلون الأكراد والضربات الجوية للائتلاف الدولي التي من المقرر أن يناقشها قادة جيوشه الأسبوع المقبل في واشنطن.
وفيما حذرت الأمم المتحدة من حدوث "مجزرة" إذا سقطت المدينة نهائياً في أيدي الجهاديين المتطرفين، أعلنت الولايات المتحدة احراز "تقدم" مع تركيا لمشاركتها في الحرب على التنظيم الجهادي المتطرف.وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس السبت أن مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" شنوا هجوماً "كبيراً" من جهة الجنوب عند منتصف الليل في محاولة لبلوغ وسط المدينة، إلا أن المقاتلين الأكراد نجحوا في صدهم.وأضاف بأن الهجوم تخللته اشتباكات عنيفة دامت "نحو ساعة ونصف بين المسلحين المتطرفين ومقاتلي "وحدات حماية الشعب" الكردية الذين يستميتون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في دفاعهم عن مدينة الواقعة في محافظة حلب والحدودية مع تركيا.وتابع "هناك محاولات متواصلة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية للتقدم نحو وسط المدينة".وتشن في مقابل ذلك مجموعات من "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تقاتل للدفاع عن المدينة "عمليات نوعية تشمل عمليات تسلل في شرق عين العرب لقتل عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية والعودة إلى مواقعها بعد ذلك"، بحسب ما أعلن المرصد.ووقع الهجوم في جنوب المدينة بعيد سيطرة التنظيم أمس الجمعة على "المربع الأمني" للمقاتلين الأكراد في شمال عين العرب والذي يضم مباني ومراكز تابعة للإدارة الذاتية الكردية.وبات مقاتلو هذا التنظيم المتطرف يسيطرون على نحو 40 بالمئة من المدينة التي تبلغ مساحتها ستة إلى سبعة كيلومترات مربعة وتحيط بها 356 قرية، وذلك بعد استحواذهم على شرقها وتقدمهم من جهتي الجنوب والغرب نحو وسطها.ورأى عبد الرحمن أن "السيطرة على المربع الأمني تتيح لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية التقدم نحو المعبر الحدودي مع تركيا إلى الشمال من المدينة"، مشيراً إلى أن السيطرة على المعبر تعني محاصرتهم للمقاتلين الأكراد في عين العرب من الجهات الأربع.وشهدت عين العرب اليوم اشتباكات متقطعة في شرقها وجنوبها وجنوب غربها، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.وقال من جهته مدير إذاعة "آرتا اف.ام" الكردية مصطفى عبدي في اتصال هاتفي مع فرانس برس "نسمع أصوات اشتباكات لا تتوقف"،وشدد على أن "لا أحد من المقاتلين ملزم بالبقاء، لكن الجميع لا زالوا هنا، وقد قرروا أن يدافعوا عن المدينة حتى آخر طلقة".ومنذ بدء الهجوم على عين العرب في 16 سبتمبر، قتل أكثر من 500 مقاتل في الاشتباكات في المدينة التي أصبحت رمزاً لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مناطق واسعة من سورية والعراق المجاور، بحسب أرقام المرصد.وقتل في عين العرب أمس الجمعة 21 مقاتلاً من تنظيم الدولة الإسلامية وثمانية مقاتلين أكراد، فيما قتل 16 من التنظيم المتطرف في غارات الائتلاف الدولي العربي على مواقعه في محافظتي الرقة وحلب، وفقا للمرصد أيضاً. ونفذت طائرات الائتلاف الدولي العربي بعيد منتصف الليل غارتين جديدتين على مواقع "الدولة الإسلامية" في شرق وجنوب المدينة، بحسب ما أفاد المرصد أيضاً.ويشعر المدافعون الأكراد عن المدينة بالاحباط في ظل تناقص ذخيرتهم، مطالبين بتكثيف الغارات التي تنفذها قوات الائتلاف الدولي على مواقع التنظيم المتطرف والتي لم تفلح في وقف تقدم الجهاديين.وفي هذا السياق، يعقد القادة العسكريون في الدول المشاركة في التحالف الدولي وعددها 21 اجتماعاً في واشنطن الأسبوع المقبل، في وقت أعربت الولايات المتحدة عن خشيتها من وقوع اعتداءات في العالم ضد المصالح الغربية رداً على العمليات العسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سورية والعراق.وسيقدم الجنرال لويد اوستن قائد القيادة الوسطى تقريراً حول الضربات بصفته المشرف على الحملة الجوية.وفي ظل تقدم مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية"، أبدى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا في جنيف عن خشيته من حدوث "مجزرة" مشابهة لمجرزة سربرينيتشا بالبوسنة.وقال أن أكثر من 700 مدني لا يزالون في وسط المدينة معظمهم من المسنين في حين تجمع ما بين عشرة آلاف و13 ألفاً قرب الحدود مع تركيا، وحذر المسؤول الدولي من أنه إذا سقطت المدينة نهائياً فإن هؤلاء المدنيين سيتم "قتلهم على الأرجح".ودعا تركيا إلى السماح للسوريين الأكراد بعبور الحدود مجدداً لمساعدة عين العرب.بدوره، حض زعيم أكبر حزب كردي في سورية تركيا على السماح بمرور إسلحة إلى كوباني مؤكداً على أنها لا تشكل "تهديداً لها".وقال رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم "نحن بحاجة ماسة لمساعدة تركيا" في اتصال هاتفي مع فرانس برس، مضيفاً "سيكون أمرا جيداً لو تفتح تركيا حدودها بأسرع وقت ممكن لمرور الأسلحة إلى المدافعين عن كوباني".لكنه رفض قطعياً في مقابلة مع قناة "الميادين" دخول الجيش التركي إلى عين العرب معتبراً ذلك "احتلالاً".وتتعرض تركيا لضغوط دولية لزيادة انخراطها في التصدي لتنظيم "الدولة الإسلامية" خصوصاً من واشنطن التي أرسلت الخميس والجمعة إلى أنقرة منسق الائتلاف الجنرال المتقاعد جون الن.وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف أن "تركيا موافقة على دعم الجهود الرامية إلى تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة".وتشترط تركيا للمشاركة في الحرب على تنظيم الدولة إقامة منطقة عازلة في سورية لحماية المعارضة المسلحة السورية من الجيش النظامي، لكن هذا الاقتراح التركي ليس على جدول أعمال واشنطن ولا الحلف الأطلسي.