تونس وليس غيرها!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
وحقيقة، قبل الذهاب بعيداً في المراهنة على أن تجربة تونس الناجحة هذه حتى الآن ستصل عدواها إلى بعض الدول العربية التي غشاها زمهرير الربيع العربي، لابد من الإشارة إلى أن هناك معطيات في هذا البلد الجميل جعلته يتجنب ما يحصل الآن في اليمن وسورية وليبيا... وفي العراق ولبنان، إن أردتم وجعلته يؤسس لهذه التجربة، حيث تمكن «الإسلامويون» من الوقوف إلى جانب العلمانيين والليبراليين على أرض واحدة. أول هذه المعطيات أن النسيج الاجتماعي في تونس من نمط واحد بوجه عام، إذ لا وجود لأي طوائف أو مذاهب غير «الطائفة» السنية على مذهب مالك بن أنس، ووجود «الأمازيغ» لا يشبه وجودهم لا في المغرب أو الجزائر، فالعرب يشكلون الأغلبية، وهذه النزعة المذهبية التي تضرب اليمن وسورية والعراق ولبنان لا وجود لها في بلد هو الأكثر تأثراً من دول المنطقة بـ»الليبرالية» الغربية.هذه مسألة، أما المسألة الأخرى فهي أن حكم «المجاهد الأكبر» الحبيب بورقيبة قد نجح فعلاً في إحداث تحولات اجتماعية هائلة في تونس، أهمها على الإطلاق إعطاء المرأة حقوقاً متقدمة حتى على ما هي عليه في بعض الدول الأوروبية، إضافة إلى حقوق الطبقة العاملة، ما شكل شيئاً اسمه، حسب تعبير الباجي قائد السبسي، «العائلة البورقيبية»، وجعل هناك توازناً حال دون انفراد «الإسلامويين» بالبلاد بعد الفوز الساحق لحزب النهضة في انتخابات 23 أكتوبر 2011.وهذه حقيقة، فالشيخ راشد الغنوشي، بحكم أنه بدأ حياته السياسية ناصرياً ثم مسؤول فرع حزب الاتحاد الاشتراكي، بزعامة السياسي السوري المعروف جمال الأتاسي، يختلف كثيراً عن قادة الإخوان المسلمين في مصر وفي العديد من الدول العربية والإسلامية، وهنا فإن المعروف أنه وجه انتقادات حادة إلى «الإخوان» المصريين بعد فوزهم في أول انتخابات رئاسية بعد إسقاط نظام حسني مبارك، قال فيها: «النهضة لن تسير على خطهم... وإننا لن نكرر سيناريو المحروسة»... وهكذا وبالنتيجة فإنه يمكن القول إنه من غير المتوقع ولا المحتمل أن تتكرر التجربة التونسية على المدى المنظور في أي من الدول العربية التي غشاها ما يسمى «الربيع العربي».