«فئران» السنعوسي
بعد قراءة رواية ساق البامبو للكاتب الشاب سعود السنعوسي، وبعد حصولها على جائزة البوكر العربية كإنجاز يحسب للكاتب وللكويت، كنت متحرقاً إلى رؤية ماذا سيكون جديد السنعوسي بعد رائعته الأولى، ولكي أكون منصفاً، كانت لدي شكوكي الخاصة حول استطاعته أن يكتب ما ينافسها! فصعب أن تصل إلى القمة، لكن الأصعب جداً أن تحافظ عليها. لكن أتت "فئران أمي حصة" لتجعل "ساق البامبو"، على روعتها وجمالها وقوتها، مجرد قصة بسيطة جداً، فلقد تغلب سعود على نفسه، وما أجمل أن يتغلب المرء على نفسه، نقلَنا سعود برؤيته وسرده الجميل إلى واقع أراه قريباً ويرونه بعيداً، فاستطاع أن يقرأ مستقبلاً يخشى الكثير من الناس الكتابة عنه أو التفكير فيه، حاول أن يقرع أجراس الخطر عالية هذه المرة دون استحياء، أيها الناس استيقظوا "فالفئران قادمة"، لعل الناس تعي ما تفعل وتعود إلى خوفها أن "تطيح علينا السما"، كنت أرى صادق وفهد في وجوه من حولي، في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كما رأيت عباس وبوفهد، لم تكن الرواية أكثر من سهم أصاب كبد حقيقة اختار الناس ألا يروها.
رائع... رائع! كنت أحدث نفسي بين الفينة والأخرى وأنا أقلب صفحات الرواية، أقرؤها بعين نقدية محاولاً تصيد الأخطاء والهفوات، لكن الإعجاب هو ما تملكني أخيراً. جميلة تلك التفاصيل التي اهتم بها الكاتب، تلك الأحداث الحقيقية اليومية التي نختار أن نخفيها رغم علمنا أن الجميع يتحدث بها سراً، كان واقعياً إلى درجة الصدمة، وصادماً إلى درجة الدهشة، حتى حساب أولاد فؤادة أوجده حقيقة على "تويتر" كي تكتمل الحبكة. لو كان الأمر بيدي لأدخلت الرواية إلى المناهج الدراسية، لعل الفئران تصلح ما أفسد الدهر، لكن شرر الفتنة سيذيقنا لظى الفرقة، وسنحترق جميعاً بجمر الصراعات، قبل أن نستحيل جميعنا إلى رماد لنصيح بعدها نبحث عن بصيص أمل "يجيب الله مطر"... سعود كتبت فأجدت فشكراً لك.