شاركت مؤخراً في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش في المغرب، والذي يعد أكبر تجمع عالمي يبحث الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في العالم من كل الجوانب، ويرصد التحديات والاتجاهات الكونية وتطوراتها، كما يطرح التجارب الناجحة في التعامل مع القضايا الحقوقية - وفهم أسباب نجاحها - ويرصد حالات التردي في حقوق الإنسان في العديد من بقاع الدنيا ويحلل أسباب تراجعها وإمكانات النهوض.

Ad

حضر المنتدى، حسب الجهة المنظمة، أكثر من 5000 شخص يمثلون جهات وأفراداً، وهيئات حكومية وغير حكومية، وأكاديميين وسياسيين، ومجتمع مدني، ومراكز بحث، ومنظمات دولية أممية وغير ذلك.

وباستثناء الأمطار الغزيرة وملاحظات جوهرية على مستوى التنظيم، كان اللقاء فرصة سانحة للتعرف على أفكار جديدة وتجارب مفيدة من أنحاء العالم في التعامل مع إشكاليات حقوقية وتحديات انتهاكات حقوق الإنسان وأنماطها المختلفة، وبالذات ما يرتبط منها بمكافحة الإرهاب، وغير ذلك من الاتجاهات الجديدة.

شاركنا في المنتدى بوفد يمثل الصندوق العربي لحقوق الإنسان في أكثر من ورشة عمل، كان أبرزها موضوع التشريعات وحقوق الإنسان، حيث كانت الأسئلة المطروحة تدور حول ما كانت القوانين هي المدخل الرئيسي لتحسين أوضاع الناس واحترام حقوقهم، وكيف يمكن للقوانين أن تحمي حقوق الإنسان من التغول المحتمل للسلطة، وهل هناك ضمانات ألا تتراجع القوانين - وبدلاً من أن تكون أدوات لحماية الناس- تصبح تعبيراً عن توجهات فئوية أو طائفية أو عرقية أو تسلطية أو دينية قد تنتقص من حقوق البشر وتهدر كراماتهم.

وعبرت، في مداخلتي، عن تخوُّف مشروعٍ من أنه على الرغم من التحولات العالمية خلال العشرين سنة الماضية التي تضمنت الكثير من الملامح الإيجابية كإنشاء مجلس حقوق الإنسان وتطور العدالة الجنائية الدولية في محاسبة مجرمي الحرب، فإنها في المقابل لا تمثل ضمانات كافية لتحسن الأمور، بل إن التشريعات والقوانين إن لم يسندها وعي مجتمعي وإرادة سياسية فإنها يمكن أن تتراجع بسرعة وتتحول إلى أدوات قمع، وبالذات عندما تكون المجتمعات في حالات احتقان سياسي ومن ثم تُستخدَم كتبريرٍ لانتهاك حقوق الإنسان.

الطريق إذاً طويل، والحاجة إلى المزيد من العمل والتوعية صارت تمثل مدخلاً مهماً في تطوير آليات حماية حقوق الإنسان، ومثل هذه المنتديات تسهم في ذلك الطريق الطويل مهما كانت الإحباطات.