«تقرير الكويت للتنافسية»: الفوائض ستتآكل خلال 15 عاماً وهبوط أسعار النفط مؤخراً مؤشر جدي
الراشد: الكويت تواجه 4 تحديات رئيسية تتركز في سوق العمل وتراجع الفوائض والخلل السكاني والتصنيف التنموي
ذكر رئيس لجنة الكويت الوطنية للتنافسية أنه على الرغم من نقاط القوة التي تمتلكها الكويت، فإن هناك مكامن ضعف كثيرة منها انخفاض جودة التعليم وعدم توافقها مع متطلبات سوق العمل وتعقيد الإجراءات الحكومية والمركزية المرتفعة في اتخاذ القرار.
أكد رئيس لجنة الكويت الوطنية للتنافسية د. فهد محمد الراشد أن تقارير التنافسية للاقتصاد الكويتي تشير بشكل واضح إلى أن الكويت تتمتع بمكامن قوة، مثل مستوى دخل مرتفع للفرد، وموارد مالية وفيرة للدولة، وفائض مستمر بالميزانية بسبب الأوضاع الحالية للسوق العالمي للنفط، ومعدل ادخار مرتفع، واستقرار السياسات النقدية، وبنوك ذات متانة عالية، وانخفاض مديونية الدولة وهامش فوائد منخفض بين القروض والودائع.جاء ذلك خلال الندوة التي أقامتها الجمعية الاقتصادية الكويتية لمناقشة تقرير لجنة الكويت الوطنية للتنافسية، والتي أقيمت مساء أمس الأول بمقر الجمعية، وبحضور د. فهد الراشد.وأضاف الراشد أنه على الرغم من نقاط القوة التي تمتلكها الكويت، فإنه في الوقت نفسه هناك مكامن ضعف كثيرة منها انخفاض جودة التعليم وعدم توافقها مع متطلبات سوق العمل، وتعقيد الإجراءات الحكومية والمركزية المرتفعة في اتخاذ القرار، وتزايد مستوى الفساد وانخفاض مستوى الشفافية، وهدر في الإنفاق الحكومي، وتدني مستوى الخدمات الحكومية، وضعف ارتباط الأجور بالإنتاجية، وتدني مستوى البحوث والتطوير والابتكار، وضعف الاعتماد على الادارة المحترفة في المؤسسات والشركات، وانخفاض فعالية مجالس إدارات الشركات وأنظمة التعامل في الأسواق غير فعالة.وأوضح أن الكويت تواجه تحديات مستقبلية كبيرة، منها تحديات اقتصادية واجتماعية ومستقبلية مما يجعل تحسين مستوى التنافسية أمراً هاماً وحيوياً للاقتصاد الكويتي.التحدياتوعدد الراشد التحديات وقال:-أولاً توفير فرص العمل المنتجة، فإن سوق العمل سيستقبل عدداً كبيراً من الكويتيين الباحثين عن العمل يزيد عددهم عن 255 ألفا خلال الـ10 سنوات القادمة، ومن 560 ألفا إلى 620 ألفا خلال الخمسة عشر إلى العشرين سنة القادمة، ولا يمكن استيعاب هؤلاء داخل دوائر الحكومة، وإنما يجب أن تكون الوظائف المطلوبة التي يتم استيعابهم فيها منتجة ولها قيمة مضافة للاقتصاد.- ثانياً: استمرار الخلل في هيكل السكان، ففي حالي استمرار الأوضاع الحالية لنمط النمو السكاني سيستمر الخلل في التركيبة السكانية، فمن المتوقع بعد خمس عشرة سنة أن تكون التركيبة السكانية 28 في المئة من الكويتيين و71 في المئة من الوافدين.- ثالثاً: تراجع الفوائض المالية، ففي حالة الاستمرار في نفس نمط الإنفاق الحالي ستوجه الفوائض المالية نحو الاستهلاك والإنفاق غير المنتج بدلاً من بناء اقتصاد متنوع بمعدلات عالية ومستدامة من النمو في الدخل والاستفادة على نحو كفء من هذه الفرص التاريخية النادرة من هذه الموارد المالية التي تتكون أساساً من مصدر ناضب غير قابل للاستدامة على المدى الطويل.وأضاف أن دراسة الإيرادات والانفاق للسنوات العشرين القادمة على افتراضات واقعية تبين أن الفوائض تبدأ بالتآكل في مدى زمني من 1-15 سنة، وهبوط الأسعار العالمية للنفط في الفترة الأخيرة هو مؤشر على جدية هذه التحديات والتي قد تتكرر ولفترات أطول مستقبلاً.- رابعاً: التصنيف التنموي لدولة الكويت: وأوضح أن اقتصاديات العالم تصنف بشكل عام في ثلاث مراحل حسب درجة نموها الاقتصادي، وهي الاعتماد على التميز بالموارد الطبيعية، والاعتماد على التميز بالكفاءة الاقتصادية والإنتاجية، والاعتماد والتميز على الابتكار والمبادرات والاختراعات.وقال الراشد ان الكويت لا تزال في المرحلة الأولى وفي بداية المرحلة الانتقالية إلى التصنيف الثاني، وهو ما يعني ضعف جهود التنمية على نحو واضح خلال السنوات السابقة وأنه ما زال أمام الكويت شوط طويل حتى تنتقل إلى مصاف اقتصاديات العالم التي تتميز بالكفاءة الاقتصادية والإنتاجية والانتقال إلى مصاف اقتصاديات ومجتمعات المعرفة والابتكار والمبادرات.تغير جذريوأكد الراشد أن التحديات الأربعة لن ننجح في مواجهتها إذا لم يكن هناك تغير جذري في نهج حياتنا وإدارة شؤوننا بكامل مكونات المجتمع من مواطنين ودولة، ومبادئ التغيير في النهج تشمل العديد من الأمور وأهمها هو عامل الإدارة.وأضاف: أن الإدارة كعلم له أصول ونظريات وتحكمه مدارس وقواعد علمية، والممارس للعمل الإداري لا بد أن يُعد إعداداً علمياً ومهنياً للقيام به خاصةً في مستويات الإدارة العليا والوسطى، وأن يمتلك الحدود الدنيا من المهارات والقرارات الإدارية، لكن من الشائع في الكويت أن العمل الإداري في الكثير من الأحيان يمارس بدون التأهيل العلمي أو الإعداد المهني وهذا خطأ فادح ينعكس سلباً على أداء المؤسسات والوزارات الحكومية وشركات ومؤسسات القطاع الخاص.وقال: "من المعروف أن الإدارة تعتبر أحد العناصر الهامة والأساسية لمستوى أداء أي نشاط أو تنظيم، وفي تقارير التنافسية نلاحظ وبصورة متكررة تأثير هذا العنصر سلباً على العديد من مؤشرات التنافسية، مشيراً إلى أنه نظراً الى ترابط مكامن الضعف في الاقتصاد الكويتي، ومن أجل تعظيم الاستفادة من مكامن القوة، فإن هذه التحديات تتطلب مجهوداً مكثفاً ومنتظماً بوضع برنامج إصلاح اقتصادي شامل بوتيرة متسارعة ويأخذ في الاعتبار تغيير النهج في حياتنا ونشاطنا وعملنا نحو رفع تنافسية الكويت عالمياً ومن أجل أداء أفضل اقتصادياً لتحقيق نمو مستدام في الدخل للمواطنين.التقريرويتناول التقرير في موضوعه الرئيسي بيئة الأعمال والتنافسية، والملامح العامة لبيئة الأعمال في الكويت، ويرى أن هناك بطئا في الإجراءات البيروقراطية والدورة المستندية المعقدة في كل ما يتعلق باستخراج التراخيص التي تواجه المستثمرين والفاعلين في قطاع الأعمال وطولها وتعددها، كما ان هناك غيابا للإطار التشريعي الفعال الداعم للمبادرات الفردية في مجال الأعمال، وكذلك غياب الإطارين المؤسسي والتنظيمي الداعمين للنشاط الاقتصادي، وكذلك تعقيدات نظم سوق العمل الكويتي واختلالاته الهيكلية، وعدم توفر احتياجات القطاع الخاص من الأراضي اللازمة للقيام بأنشطته بالشكل الكافي، وغياب الفاعلية في مواجهة مشكلة الفساد، وقصور الشفافية.وذكر التقرير ملامح المتطلبات المستقبلية لتحسين بيئة الأعمال في الكويت، وهي:- الإصلاح المؤسسي وإعادة هيكلة الجهات التنظيمية وإلزامها باعتماد أنظمة الجودة الشاملة.- وضع استراتيجية لمحاربة المعوقات الإدارية تتضمن آليات فعالة لمعالجة بطء الإجراءات البيروقراطية، والروتين المعقد في مسارات استخراج التراخيص التي تواجه المستثمرين في قطاع الأعمال.- إعادة صياغة القوانين لكي تواكب متطلبات تحرير الاقتصاد، وتسهيل انتقاله نحو اقتصاد موجه بآليات السوق.- تطوير النظامين التعليمي والتدريبي بما يساير الاتجاهات الحديثة.- تحفيز القطاع الخاص لزيادة مشاركته في الانشطة الاقتصادية.- تطوير البنية التحتية. الدورة المستندية عائق للتنمية:- طول الدورة المستندية أحد أبرز الأسباب الكامنة وراء عدم تنفيذ الخطة الإنمائية.- الكويت لا تعاني مشكلة في التمويل لكنها تعجز عن تنفيذ المشاريع الحكومية بشكل فعّال.- الحساب الختامي السنوي للدولة دائماً يبرز انفاقا أقل مما هو معتمد في الباب الرابع.المؤشرات على طول الدورة المستندية:- دراسة ماكنزي، دراسة بلير، تقرير لجنة السياسات العامة والتنمية الإدارية بالمجلس الأعلى للتخطيط.- تعرف الدورة المستندية بأنها مجموع الإجراءات التي تمر بها تنفيذ المشاريع أو البرامج الحكومية من البداية إلى النهاية.- مثال إنشاء مركز في ضاحية "استغرقت الدورة المستندية ما يقارب 34 شهراً".العوائق العملية للمشاريع:- عدم وجود سقف زمني للرد على مخاطبات الجهات ومراسلاتهم وطلباتهم.- اللوائح الداخلية والتعميمات التي تؤخر سير الدورة والتي يمكن تبسيطها.- لا يوجد دور فعّال لفرق متابعة المشاريع.- عدد كبير من الموافقات تصل إلى 18 رخصة وموافقة.- لا توجد أي مساءلة جدية أو عقوبات على المشاريع المتأخرة.- أنظمة الجهات الحكومية مختلفة وغير متوافقة مع بعضها.- القوانين واللوائح الداخلية لدى الجهات الحكومية لا تراعي متطلبات الجهات الحكومية الأخرى أو الدورة المستندية فيها.المتطلبات المستقبلية لمعالجة طول الدورة المستندية:- توفير الدعم السياسي والعملي لبرامج تبسيط الإجراءات في الجهات.- العمل على تغيير الثقافة الإدارية في أجهزة الدولة.- تطوير الوحدات الإدارية الحكومية الحالية التي تختص بمتابعة المشاريع التنموية في الجهات المختلفة.- العمل على مراجعة قانون لجنة المناقصات المركزية رقم 37 لسنة 1964.- تفعيل قانون المعاملات الإلكترونية.- التوسّع في إنشاء وتطوير مكاتب النافذة الواحدة.- الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في الدورة المستندية بين الجهات.بدوره، قال الدكتور نايف الشمري أن الهدف من اللجنة التي تم تأسيسها عام 2005 يتمثل في المساهمة الفعالة في تسريع عملية الاصلاح الاقتصادي في الكويت.وقال إن اللجنة أخذت زمام المبادرة لتحقيق غايتين الاولى تتمثل بإدراج الكويت في التقرير العالمي للتنافسية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وتم ذلك منذ تقرير 2005/2006 في حين تتمثل الغاية الثانية بإصدار "تقرير الكويت للتنافسية" الذي يتناول بشكل خاص تحليل جوانب التنافسية المتعلقة بالكويت.وأشار الى سعي اللجنة من خلال اصدار تقاريرها السنوية الى توفير أدوات قيمة للمساعدة في صياغة السياسات الاقتصادية وتوجيه قرارات الاستثمار، لافتا الى سعي اللجنة كذلك الى توفير منتدى للتواصل والتقييم بين مختلف المختصين (المسؤولين الحكوميين ومجتمع الأعمال والمجتمع المدني) لتسهيل تطبيق برامج الإصلاح التي سوف ترفع من مستوى التنافسية الاقتصادية للكويت بين دول العالم.وأعرب عن أمل اللجنة في أن يكون هذا التقرير مرجعا سنويا للكويت لمناقشة التحديات الحقيقية المتعلقة بالتنافسية والتنمية الاقتصادية اضافة إلى تهيئة المناخ لانطلاق برامج الإصلاح الاقتصادي.وأوضح الدكتور الشمري أن تقرير التنافسية العالمي هو تقرير سنوي يصنف الدول حسب مؤشر التنافسية العالمي الذي يدمج جوانب الاقتصاد الكلي والجزئي في معيار واحد، ويتميز التقرير العالمي للتنافسية الذي بدأ اصداره منذ عام 2004 من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي (جنيف) بأنه من أكثر التقارير تميزا وشمولا ومصداقية.