أكد مسؤولون ومفكرون أتراك عمق العلاقة الكويتية التركية في العديد من المجالات، مشيرين إلى أن الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليست إلا دليلاً على التعاون المشترك بين الدولتين في كثير من القضايا المشتركة.

Ad

وأضافوا، في لقاءات صحافية مع الوفد الصحافي الكويتي الذي زارهم، بناء على دعوة من مجلس الوزراء التركي، وتنقل بين العاصمة أنقرة وإسطنبول وغازي عنتاب، أن الكويت تعتبر من أكبر المستثمرين في تركيا بمجالات اقتصادية عديدة، آملين زيادة التبادل التجاري بين الدولتين وزيادة الاستثمارات البينية بناء على الفرص الاستثمارية الموجودة.

وشددوا على أن هناك العديد من التسهيلات التجارية التي قامت بها تركيا لفتح أبواب الاستثمار للمستثمرين الأجانب فيها، مشيرين إلى تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات الرسمية اللازمة لجذب الاستثمارات الأجنبية.

وقالوا إن تركيا تطمح لأن تكون ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم والوصول بالناتج القومي إلى تريليوني دولار، والصادرات إلى 500 مليار دولار، وعدم الاكتفاء بالمركز الـ17 عالمياً الحالي، داعين المستثمرين العرب إلى الحضور إلى تركيا والاستثمار فيها وزيادة الاستثمارات الخليجية.

وأوضحوا أن العلاقات بين تركيا ودول الخليج في السنوات الأخيرة شهدت تطوراً ملحوظاً، مشيرين إلى أن الإقليم يعاني مشاكل كثيرة ولابد من قيام علاقة بين تركيا ودول الخليج بالذات للتغلب على المشاكل في المنطقة، مؤكدين أن هدف السياسة الخارجية لتركيا في الآونة الأخيرة يركز على دعم العلاقات بين تركيا وبين الدول العربية على مبدأ الاحترام والمحبة.

وأكدوا ضرورة تجديد الخطاب الديني لحماية المنطقة الإسلامية وشبابها من التطرف الديني والانخراط في التنظيمات الإرهابية، مشيرين إلى ضرورة تشكيل نظام قوي لمواجهة الأخطار المشتركة، وفيما يلي التفاصيل:

بدايةً، أكد رئيس لجنة التربية والثقافة والرياضة والشباب في البرلمان التركي   د. امر الله ايشلر متانة العلاقات السياسية والاقتصادية بين تركيا والكويت، لافتاً إلى وجود زيارات متبادلة لتطوير العلاقات باستمرار، كما أن العلاقات بين تركيا ودول الخليج في السنوات الأخيرة شهدت تطوراً ملحوظاً.

وأضاف ايشلر أن تطور العلاقات البرلمانية الثنائية يعتمد على تطور العلاقات السياسية بين البلدين والعلاقات السياسية جيدة، ومن ضمن هذه العلاقات المتطورة مع الخليج تطورت العلاقات مع الكويت وبالتوازي مع هذه العلاقات المتطورة يأتي تطور العلاقات بين البرلمانيين بين البلدين، مشيرا إلى أن الإقليم يعاني مشاكل كثيرة ولابد أن تكون هناك علاقة بين تركيا ودول الخليج بالذات للتغلب على المشاكل في المنطقة.

وفيما يتعلق بالتسهيلات والتشريعات للمستثمرين الكويتيين، أشار إلى أن تركيا أسست رئاسة معنية بالاستثمارات الأجنبية تعمل على تقديم كل التسهيلات للمستثمرين الأجانب وعلى رأسهم العرب.

واشار إلى أن هناك العديد من الفرص الاستثمارية في تركيا، اضافة الى وجود مكاتب لهذه الرئاسة في عدد من الدول لتقديم التسهيلات للمستثمرين بسرعة كبيرة، داعياً المستثمرين العرب للحضور إلى تركيا والاستثمار فيها، قائلأً: «نحن نريد مزيدا من الاستثمارات الخليجية».

وبشأن الانتخابات التي ستشهدها تركيا الشهر المقبل، قال ان كل استطلاعات الرأي العام تشير إلى استمرار حزب العدالة والتنمية في الحكم، مضيفا «أننا نركز بالحصول على مقاعد زيادة لتغيير الدستور. الدستور الحالي وافق عليه الشعب قبل 33 عاما وهو دستور عسكري، ولذا نحن نحتاج إلى دستور مدني الآن، والبلد يحتاج إلى دستور مدني جديد ونركز على ذلك في هذه الانتخابات».

دعم العلاقات

بدوره، قال رئيس منسقية الدبلوماسية العامة والمدير العام لمديرية الصحافة والنشر والإعلام التركية وكبير مستشاري رئيس الوزراء التركي، جمال الدين هاشمي ان المنطقة العربية مهمة جدا لتركيا وتجمعها مع الدول العربية علاقات جيدة جدا خاصة في ظل التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط، مؤكداً أن هدف السياسة الخارجية لتركيا في الآونة الأخيرة يركز على دعم العلاقات بيننا وبين الدول العربية على مبدأ الاحترام والمحبة.

ولفت هاشمي إلى أن التغيير الذي يشهده الشرق الأوسط كان له تأثيرات خطيرة جداً، واصبح من الضروري تشكيل نظام قوي لمواجهة الأخطار المشتركة، مشيرا إلى أن هذه التغييرات ليس لها نموذج خاص بحيث يكون لكل دولة نموذجها الخاص، والاهم ان يتم التغيير بدون إراقة الدماء بل على أساس السلام.

واكد ان هناك معلومات خاطئة تقال عن تركيا بانها تدعم الإخوان السلمين أو المنظمات الإرهابية، وهذا غير صحيح إطلاقا لأن سياسة تركيا الخارجية تركز على ضم جميع الأطراف العربية دون دعم حزب على حساب آخر.

وفيما يتردد بوسائل الإعلام عن حلم تركيا بإعادة الامبراطورية التركية، قال هاشمي: «نحن الآن في عام 2015 ولا نبحث عن سيطرة وإعادة الحكم في المنطقة»، لافتاً إلى «أننا سعداء بحدودنا ولا توجد لدينا نية لتوسيعها».

وحول قرار انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي قال: «على الاتحاد الأوروبي الإقرار بالديمقراطية عموماً وعدم التعامل بمعايير مزدوجة»، مضيفاً أن بلاده ترغب بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لكنها لا ترغب أن تكون داعمة له دون انضمام، وقد اتمت تركيا جميع شروط الانضمام في المجال الاقتصادي.

تريليونا دولار

من جهته، قال نائب رئيس وكالة تشجيع ودعم الاستثمار التركية احمد إحسان ان حجم الاستثمارات الأجنبية في تركيا بلغت بين عامي 2013 - 2014 حوالي 149 مليار دولار منها 41 مليار دولار عام 2014، موضحا ان 190 شركة كويتية مستثمرة في تركيا من القطاع الخاص الكويتي، فيما بلغ حجم الاستثمارات الكويتية في تركيا عام 2014 قرابة 234 مليون دولار مقابل مليوني دولار حجم الاستثمار التركي في الكويت، مشيراً إلى أن حجم الواردات الكويتية إلى تركيا يبلغ 196 مليون دولار مقابل صادرات تركيا إلى الكويت بقيمة 372 مليون دولار لعام 2014.

وأشار إلى أن النظرة المستقبلية لتركيا بشأن الاستثمار لعام 2030 ستركز على تصنيع السيارات واستقبال 50 مليون سائح في السنة، والوصول إلى قائمة اكبر 10 اقتصاديات في العالم، والوصول بالناتج القومي إلى تريليوني دولار، والصادرات إلى 500 مليار دولار، لافتا الى ان الاقتصاد التركي في المرتبة الـ17 عالميا فيما يصبح في المرتبة 6 عالميا في حال الانضمام الى منطقة اليورو.

واضاف أن هناك 25 اتفاقية موقعة مع 25 دولة في مجال الاستثمارات ومن هذه الدول لبنان و مصر، مشيرا إلى أن حجم الصادات التركية عام 2014 بلغت 158 مليار دولار، وتتضمن ابرز الصادرات المواد البتروكيماوية والمنتجات الصناعية.

وأضاف إحسان أن الوكالة تساعد الراغبين بالاستثمار قبل الاستثمار وبعده من خلال الإرشادات وتقديم التوجيهات لهم بحيث نعرفهم على الجهات المتخصصة كما نعرض عليهم الفرص الاستثمارية المتاحة، لافتاً إلى أن جميع هذه الخدمات تقدم للمستثمرين مجانا.

وبين أن للوكالة فرعين في أنقرة وإسطنبول وعدد كبير من الموظفين الذين يتحدثون مختلف اللغات، إضافة إلى أن الوكالة لديها تمثيل كبير في معظم دول العالم، مضيفاً أن الوكالة ليس لها علاقة مباشرة بالاستثمار بل مهمتها تقديم الاستشارات فقط للمستثمرين، وعلى المستثمر الراغب بالاستثمار في تركيا اتباع 6 خطوات لعملية الإنشاء وتتطلب مدة لا تتجاوز 6 أيام.

إيران تزعزع المنطقة

من جهته، قال المدير العام لمؤسسة الفكر الاستراتيجي التركية د. مهمات شاهين أنه لا يوجد استقرار في العالم العربي، مشيراً إلى أن هذا الوضع غير المستقر ازداد في الآونة الأخيرة وهناك اهتزاز في الوحدة العربية، وتركيا تتأثر بهذا الوضع عموما، لكن هذا الاهتزاز الذي تمر به الدول العربية من المواضيع التي يجب أن تعمل تركيا مع الدول العربية بشأنها.

وشدد على ضرورة استقرار الوضع العربي ومن الممكن أن نتعاون بشأن الأمن، لافتاً إلى أن إيران تعمل على زعزعة المنطقة من اجل الحفاظ على أهدافها الخاصة، لذا يجب ان تتحد الدول العربية.

وأضاف شاهين أن مؤسسة الفكر الاستراتيجي تتناول المعهد المشاكل الإقليمية والتركية الداخلية، ويضم المعهد 5 منسقيات تابعة له، تختص بالعلاقات الدولية والشرق الأوسط، والديمقراطية والسياسة الداخلية، والأمور الاقتصادية، والدفاع والأمن، والحافظة التاريخية.

«الأناضول للأنباء»

من جهته، قال رئيس تحرير اللغات في وكالة الأناضول العالمية للأنباء محمد أزترك أن هناك إدارة جديدة للوكالة و»نفكر في تأسيس مكاتب لدى دول الخليج العربي نبدأ في المملكة السعودية ويكون لنا كيان اكبر في دول الخليج»، لافتا إلى وجود اتفاقية منذ عام 2004 وتم تجديدها عام 2014 مع وكالة الأنباء الكويتية كونا»، متمنياً أن تتحسن الروابط التركية مع دول الخليج، «لأننا شعب واحد يعيش في نفس المنطقة».

تجديد الخطاب الديني

من ناحيته، اكد رئيس الشؤون الدينية المساعد أكرم كلش «أننا نحتاج إلى تجديد الخطاب الديني بشرط أن نحافظ على أسس الدين ولا تتغير في المصادر الإسلامية ولا يمكن تغيير الأحكام بتغير الأزمان، ونعتقد أن هناك خطابا إسلاميا جديدا بأسلوب جديد خصوصا للشباب ولابد أن نقدم الإسلام بالخطاب العصري والخطاب الجديد لحمايتهم من التطرف والانخراط في التنظيمات الإرهابية».

الذويخ: الكويت مستثمرة رئيسة في تركيا

قال السفير الكويتي في تركيا عبدالله عبدالعزيز الذويخ ان العلاقات الكويتية التركية في تطور دائم وتجدد دائم وهذه العلاقات لم تأت إلا من خلال القيادات بين البلدين، مضيفا "بكل فخر الكويت متميزة في علاقاتها مع تركيا وهذا التميز يأتي من خلال الوجود على الساحة وتبادل الزيارات"، لافتا إلى أن زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الكويت دليل عمق العلاقات وتفعيل الاتفاقيات الـ35 اتفاقية، ونحن في تركيا نعد المستثمرين الرئيسيين وهذا لم يأت من فراغ لثقة المستثمر الكويتي بالاقتصاد التركي، كما أعلن عن مشروع زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء إلى تركيا نهاية العام".

وعن الاستثمارات الكويتية في تركيا، قال الذويخ: "لدينا جانبان من الاستثمار، الأول عن طريق هيئة الاستثمار والآخر القطاع الخاص"، مضيفاً أن الاستثمارات الكويتية متميزة عن باقي الاستثمارات بأنها مباشرة وتخاطب المواطن التركي والكويتي متمثلة بالجانب الخدمي والبنكي ولدى بيت التمويل 335 فرعا لـ"ترك بنك".

واعرب السفير الكويتي عن امله في أن يتم توظيف عناصر كويتية في هذه الفروع لفتح مجال للمواطن الكويتي بالمساهمة بالاستثمار، إضافة إلى مجموعة الشايع بعدد من المؤسسات والشركات ومحلات التجزئة، وهذا كله يساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد التركي، مناشداً الشركات التركية المساهمة في التواجد بالكويت عن طريق الاستثمارات والمشاركة في خطة التنمية الكويتية.

واوضح أن الكويت مقبلة على نهضة في كل المجالات ولديها مع الجانب التركي 35 اتفاقية لاسيما في الصحة والقضاء ومختلف المجالات الاخرى ويجب تفعيلها للاستفادة منها، أما بالنسبة لاستثمارات هيئة الاستثمار فإنها تتمثل في جواهر مول وهو أحد المجمعات التجارية الضخمة في إسطنبول إضافةً إلى مساهمة في البنوك، وغيرها، و"نأمل من الجانب التركي أن يخصنا بالفرص التي يمكن أن تستفيد منها الكويت".

وأكد السفير أن هناك تعاونا وتبادل معلومات بين الجانب الكويتي والتركي بشأن الكويتيين الذين يتوجهون إلى سورية للانضمام الى التنظيمات الإرهابية ومنها "داعش".

زيارة مخيم اللاجئين السوريين

قام الوفد الصحافي بزيارة إلى مخيم اللاجئين السوريين في مدينة غازي عنتاب التركية الحدودية مع سورية، واطّلع على المساعدات التركية والكويتية للاجئين السوريين المقيمين في المخيمات الموجودة في المدينة، والتي تأتي تنفيذا لتوجيهات سمو امير البلاد وفي إطار جهود منظمة الأمم المتحدة لدعم اللاجئين السوريين.

وذكر المسؤولون الأتراك أن هناك 2100 منزل جديد في المخيم تم الانتهاء من إنشائها بتبرعات مباشرة من اللجنة الكويتية العليا للإغاثة والتي ستحوي أكثر من 15 ألف لاجئ سوري، مؤكدين أن الكويت منذ بداية الأزمة السورية كانت سباقة في مساعدة ودعم اللاجئين السوريين في جميع مخيماتهم في تركيا وغيرها من الدول المحيطة بسورية.

ويضم المخيم إضافة إلى منازل اللاجئين مستوصفا صحيا ومدارس إعدادية وروضة أطفال وسوبر ماركت.