أدباء مصر يودعون صاحبة «ثلاثية غرناطة»: رحيل رضوى عاشور خسارة للأدب العربي

نشر في 03-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 03-12-2014 | 00:01
No Image Caption
أصيب الوسط الأدبي في العالم العربي بصدمة، إثر انتشار خبر وفاة الروائية الكبيرة والأستاذة الجامعية المرموقة رضوى عاشور، ونعاها زملاؤها بكثير من الأسى والحزن متذكرين لها رواياتها ودراساتها وأبحاثها ومواقفها السياسية النبيلة، مؤكدين أنها تركت وراءها ميراثاً كبيراً سيخلد اسمها في سجل الخالدين.
أبدى الروائي الكبير عبدالوهاب الأسواني حزنه الشديد على رحيل رضوى عاشور قائلاً: «لن أنسى لها موقفها العظيم حينما كانت طالبة في الجامعة وقت عقد المؤتمر الأول والأخير للأدباء الشبان في الزقازيق عام 1969 حيث كانت تصول وتجول وهي فتاة صغيرة وكانت مليئة بالحيوية ولديها ما يكفي من الشجاعة والفصاحة حيث كانت تستوعب وتعي الأزمة السياسية والأدبية آنذاك.

يتابع الأسواني: «كانت الراحلة من أهم الأصوات المتحمسة في جيلها وكانت تعطي الحماسة للجميع من دون خوف أو خجل أو مواربة»، مشيراً إلى أن رضوى عاشور لها بصمات واضحة في أنسنة الكتابة ومنحها بعداً إنسانياً وأن تاريخ الأدب العربي سيذكرها دائماً وأبداً ويكفي لها «ثلاثية غرناطة» أن تكون ضمن سجل الخالدين.

الروائي إبراهيم عبدالمجيد يرى أن الراحلة كانت شخصية محورية في الحياة الثقافية المصرية مثلت الوجدان المصري في المواقف الوطنية والقومية العربية بمنتهى الشجاعة والبسالة والثبات وتصدت بكل شجاعة للقضايا الحاسمة والمصيرية على الصعيد العربي عموماً والمصري. وعلى الجانب الأدبي لم تكن مجرد روائية مبدعة بل كانت أستاذة في الأدب الإنكليزي.

يقول عبدالمجيد إن عاشور كانت وريثة هدى شعراوي وكثير من المناضلات العربيات اللاتي ضحين لأجل مبادئهن، لا سيما أنها تركت وراءها ميراثاً كبيراً لقرائها وتلامذتها الذين نهلوا من نبع منهجها وأخلاقها الرفيعة، مشيراً إلى أنه رغم مرضها إلا أنها لم تستسلم في يوم ما حتى توفاها الله راضية مرضية.

الروائي أحمد الديباوي يرى أن الراحلة العظيمة تميزت بالرواية التاريخية، خصوصاً التي تتناول مأساة المطرودين من أرضهم ومعاناتهم في الاغتراب كما في رائعتها ثلاثية غرناطة، كذلك تميزت أعمالها بمعالجة مشاكل التحرر الوطني والإنساني وليس بأدل على صدق مشاعرها تلك من معاناتها مع زوجها الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي منذ حكم الرئيس السادات وشتاتها بل واغترابها في وطنها مع زوجها وابنها.

يوضح الديباوي بأن عاشور لم تكن مجرد روائية أو قاصة، بل إن لها إسهامات رائعة في النقد الأدبي، خصوصاً مجال النقد التطبيقي، ومما ساعدها في ذلك اتقانها التام للغة الإنكليزية وذائقتها الرفيعة في اللغة العربية. “هي بحق أديبة ومثقفة جديرة بالاهتمام والدراسة”.

الناقد الأدبي الدكتور سيد ضيف الله يرى أن وفاة رضوى عاشور خسارة كبيرة ليس للأدب فحسب، بل للجامعة والأكاديمية فقد كانت مقاومة من خلال أدبها وممارستها الأكاديمية كجامعية مرموقة قدمت نموذجاً للمرأة التي تؤسس وتؤطر لثقافة المقاومة فقد كانت حاضرة وعضواً أساسياً من خلال رواياتها التي كتبتها بمثالية عالية جداً وبإيمان شديد جداً بشكل المجتمع الذي تريد أن تحياه.

يشير ضيف الله إلى أن الراحلة العظيمة كانت تعتمد على التاريخ والتراث في رواياتها  للإسقاط على الواقع حيث كانت ترى التاريخ العربي جزءاً واحداً وليس أشلاء منفصلة عن بعضها البعض لأنها كانت مصرية بقلب عربي وفلسطينية بقلب عربي أيضاً، فدفاعها عن القضية الفلسطينية مشهود لها كتابة وممارسة.

يستكمل ضيف الله كلامه: “هي امتداد للكاتبة الكبيرة لطيفة الزيات وأمينة رشيد اللتين أرضعتا أجيالاً معنى ثقافة المقاومة وقدمتا نموذجاً لكثير من العربيات المناضلات بكتاباتهما وأفعالهما وأدبهما فخسارتها فادحة لمن يعرف قيمتها في الجامعة وعلاقتها بتلامذتها ومن يعرف أيضاً دورها في الثقافة العربية، ذلك من خلال دراساتها ورواياتها والاستمتاع الذي قدمه أدبها المجسد لهموم النساء، فهي كانت قومية في رؤيتها، إنسانية في معالجتها القضايا من خلال طموحها إلى ديموقراطية تسمح للجميع بالتعايش وتطالب بمفهوم مدني للدولة بعيداً عن أي تعصبات دينية أو قومية”.

وكان وزير الثقافة المصري الدكتور جابر عصفور نعى الراحلة في بيان صدر عن الوزارة قال فيه: “رحيلها سبب خسارة كبيرة للحركة الثقافية والأدبية بعدما أثرت مكتبتنا العربية بعدد كبير من الروايات الرائعة، والكتابات الأدبية التي انحازت من خلالها للقضية الوطنية والطبقات الشعبية، وحصلت على كثير من الجوائز عن إنتاجها الأدبي ثلاثية غرناطة، رأيت النخل، قطعة من أوروبا، حجر دافئ، سراج، مريمة والرحيل، أطياف.

يُذكر أن رضوى عاشور ولدت  في القاهرة عام 1946 وحصلت على درجة الماجستير من كلية الآداب جامعة عين شمس، وهي عضوة مؤسسة في حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، وزوجة الشاعر العربي الكبير مريد البرغوثي وابنها الشاعر تميم البرغوثي.

back to top