وثيقة لها تاريخ: في 1907 رفض «آل بوعينين» دفع ضريبة الغوص فنشب خلاف مع «آل ثاني»
كلنا شاهدنا ونحن نقود السيارة في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية محطات واستراحات البوعينين، وهي منتشرة وموجودة منذ عقود من الزمان، ولكن كثيرين منا لا يعرفون شيئاً عن هذا الاسم وخلفيته التاريخية. سنبدأ من مقال اليوم بسلسلة مقالات عن تاريخ عشيرة البوعينين، وسنستعرض ما يمكننا من وثائق أرشيف المكتبة البريطانية في لندن.
ونبدأ بالتعريف بعشيرة البوعينين التي تنتمي إلى قبيلة تميم، وفق أكثر الأقوال الواردة، وكانت تعيش في الوكرة، وهي بلدة قديمة في قطر قريبة من الدوحة.ووفقاً لتقرير الوكالة البريطانية في البحرين، والمؤرخ بتاريخ 13 ديسمبر 1907، فإن آل بوعينين كانوا يدفعون لشيخ الدوحة من أسرة آل ثاني الحاكمة رسوماً سنوية من الغوص على اللؤلؤ، وفق الاتفاق بينهما، ولكن شيخ البوعينين، واسمه جابر، رفض في عام 1907 أن يدفع الرسوم، فقام الشيخ عبدالرحمن بن جاسم بن ثاني بمصادرة شحنة من التمور كانت في سفينة تابعة لآل بوعينين، ما دفع الشيخ جابر البوعينين إلى أن يتوجه للقاء الشيخ عبدالرحمن. وفي أثناء اللقاء بين الاثنين احتدم النقاش وانفعل الطرفان، فأمر الشيخ عبدالرحمن بن ثاني بوضع الشيخ جابر البوعينين في الحجز، وعندما علم ابنه حمود بالأمر، انطلق ومعه سلاحه نحو منزل الشيخ عبدالرحمن.وشاهدته والدته وهو يهم بالخروج مسرعاً من البيت ومعه سلاحه، فتبعته من دون أن يشعر بها، وعندما تهيأ ليطلق الرصاص على الشيخ عبدالرحمن، قامت بدفعه من الخلف فانطلقت الرصاصة في الهواء، وهبّ رجال الشيخ عبدالرحمن وقبضوا على حمود، وتم إيداعه السجن وأطلق سراح أبيه الشيخ جابر. وإليكم نص التقرير بعد ترجمته من الإنكليزية:"اقتباس من المذكرات الأسبوعية للوكالة السياسية، البحرين، للأسبوع المنتهي بـ13 ديسمبر 1907، موضوع رقم 310، تاريخ 13 ديسمبر 1907.لقد ذكرت التقارير الواردة من قطر أن محاولة فاشلة على حياة حاكم مدينة الوكرة الشيخ عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني وقعت قبل ثلاثة أيام. وكان أحد رجال قبيلة البوعينين، واسمه جابر، قد طلب منه دفع الرسوم السنوية عن الغوص على اللؤلؤ لعبدالرحمن، إلا أن جابر رفض أن يدفع، ما اضطر عبدالرحمن إلى أن يضع يده على شحنة تمور مخصصة لجابر. وقد قام جابر بزيارة لعبدالرحمن وتذمّر مما قام به، وكانت النتيجة أن صدرت أوامر بحجزه. وعندما سمع حمود ابن جابر ما حدث لوالده، قام في لحظة غضب ومعه بندقيته وتوجه لإطلاق النار على عبدالرحمن. وقد انتبهت زوجة جابر لابنها وهو يخرج مسرعاً فتبعته بهدوء، وعندما كان حمود يوجه البندقية على عبدالرحمن، قامت بدفع البندقية إلى الأعلى، مما جعل الطلقة تطيش في الهواء. وفي الحال تم القبض على حمود وتجريده من سلاحه وإيداعه السجن في مكان والده الذي تم إطلاق سراحه".هذا ما حصل وفق الرواية البريطانية، وإن كان بعض المختصين يشكك في تفاصيلها، ويرفض بعض ما جاء فيها من أحداث. عموماً، ما وقع من خلاف بين آل بوعينين وآل ثاني في ذلك العام أدى إلى أحداث مهمة سنتحدث عنها في الحلقات المقبلة إن شاء الله.