يرد برناردشو على القول الشائع "وراء كل عظيم امرأة" بقوله: صار عظيماً ليفر من سطحيتها! لكن برناردشو نفسه في كتابه "الزنجية تبحث عن الله" يقول: إنني أدين لأمي بكل ما وصلت إليه.
إذاً: "وراء كل عظيم امرأة" جملة صادقة، فلا يلزم أن تكون المرأة التي وراء الرجل العظيم زوجته، أو حبيبته، إنها على الأغلب أمه!من المؤسف أن يجحد التاريخ فضل أمهات العظماء، أمهات الأنبياء والقادة والأدباء والفنانين.أم هانيبال لا نعرف اسمها، وأم الإسكندر، لو لم تساهم في موت زوجها فيليب لما ذكرها التاريخ، وما أقل ما نعرفه عن أم النبي موسى، رغم أن الكتب السماوية ذكرتها، وأم يوسف، وأم نوح، ولولا حديث القرآن الكريم عن أم عيسى لما عرفنا شيئاً عن السيدة مريم!وقد غلف رواة التاريخ بسطوره القليلة ما كتبوه عن السيدة آمنة بنت وهب أم رسولنا العظيم، ولم يذكروها بما تستحقه، بل إن البعض من المتزمتين يرفض الترضي عليها بحجة أنها لم تمت مسلمة!ولا شيء نعرفه عن أمهات المتنبي، وتشارلز ديكنز، والبحتري وفولتير، والكثير من أمهات من صنعوا التاريخ الحضاري للبشرية!وربما تفلت من التاريخ مرات قليلة بعض الفلتات، فيترك جحوده للأمهات جانباً، عندما يكون الابن نجيباً فيخلد أمه، مثلما فعل طاغور يوم منح جائزة نوبل عام 1913 من القرن الماضي حينما وقف على منصة الاحتفال قائلاً: "أمي هي التي صنعت مني هذا الإنسان الذي تكرمونه، ولا أتصور أن يعيش رجل على أرض البنغال الذهبية، وتكون له مثل أمي، ولا يشب شاعراً أو روائياً، فمنذ أن تفتحت عيناي على وجهها الذكي، وكان كل شيء في متناول يدي؛ النجوم، والأقمار، والأشجار، بل كنت أعانق من خلالها كل مخلوقات الله الجميلة. كانت أمي مصدري الأول في الطعام الذي يغذي بدني، وكانت مصدري الأول في الإلهام الروحي، لأن كل أم في هذا الكون هي شاعرة، وإن أعوزتها – أحياناً– الكلمات، ليرقب أي إنسان وجهها، وهي تحتضن وليدها في حجرها، سيجد أن كل خلجة في هذا الوجه، اكتست بمشاعر الرحمة والرأفة والحب، وهذا هو الشعر، ولو أرهفنا السمع لما تهمس به للحبيب الصغير من كلمات، بل أحياناً مجرد حروف، سنجدها حافلة بالرحمة والرأفة والحب...".* * *رغم أنني تجاوزت السبعين من عمري، فإنني كلما قرأت كلمة طاغور، أترحم على من حرموني من الأمومة، لعل الله يغفر لهم تلك الجريمة!
أخر كلام
من هي المرأة العظيمة؟!
23-05-2015