الانحياز الاجتماعي للميزانية العامة
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
أضف إلى ذلك أنهم يغضون النظر عن الفساد بأشكاله المختلفة سواء السياسي أو المالي أو الإداري الذي ترصده تقارير ديوان المحاسبة، وما يترتب عليه من هدر فظيع واستنزاف هائل للثروة الوطنية، فضلاً عن عدم تطرقهم إلى الدعوم السخية التي تمنحها الحكومة لكبرى الشركات الخاصة باعتبارها بنوداً غير ضرورية، والتي تشمل، التسهيلات والإعفاءات الجمركية، ودفع 70% من رواتب العمالة الوطنية، ورسوما مخفضة للغاية للماء والكهرباء (فلس واحد للكيلوواط بينما سعره فلسان للأفراد)، ومنح أراضي الدولة وأملاكها لمدد طويلة جدا وبأسعار زهيدة للغاية لا تتناسب إطلاقا مع قيمتها الإيجارية في السوق، والمناقصات "المُفصلة على المقاس"، وغض النظر عن المخالفات المالية للقطاع الخاص في مشاريع التي تسمى مجازاً الـ"بي أو تي" والتي تكلف ميزانية الدولة مبالغ باهظة، علما أنها شركات مملوكة لعدد محدود من الأفراد، وتعتمد بشكل شبه كامل على الإنفاق الحكومي رغم تواضع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وعدم دفعها ضرائب على الأرباح.إذاً، وبحسب وجهة نظر هذا الفريق، فإن البنود غير الضرورية في الميزانية العامة للدولة هي بنود الدعم الاجتماعي ورواتب الموظفين والمتقاعدين وبدلاتهم، وهذا معناه أن الاستقطاعات والرسوم الجديدة والضرائب سواء مباشرة (تطرقنا في مقال سابق إلى شروط وجود نظام ضريبي عادل) أو غير مباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة، ستؤخذ من جيوب أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية، وستذهب مباشرة إلى أرصدة كبار الأغنياء ليزدادوا ثراء، وهنا تتضح إجابة السؤال الثاني المتعلق بالانحياز الاجتماعي الذي تعبر عنه الميزانية العامة للدولة الذي يدعو إليه هذا الفريق ويدافع عنه، وهو الأمر الذي سيترتب عليه ظلم اجتماعي وعدم عدالة في توزيع الثروة الوطنية.