وسّع تنظيم داعش نطاق سيطرته في سورية، منذ إعلانه «دولة الخلافة» في 28 يونيو 2014، لتصل إلى أكثر من 95 ألف كلم من المساحة الجغرافية، مع إعلانه السيطرة الكاملة على الغالبية الساحقة من البادية السورية ومنطقة تدمر الأثرية، التي غنمها بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية.

Ad

فتح اجتياح تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لمدينة تدمر الأثرية الطريق أمامه نحو البادية السورية، الممتدة من محافظة حمص (وسط) حتى الحدود العراقية شرقا، وبالتالي بات يسيطر فعليا على نصف مساحة سورية الجغرافية تقريبا، مع تواجده في 9 محافظات هي حمص، الرقة، دير الزور، الحسكة، حماة، حلب، دمشق، ريف دمشق، السويداء، إضافة لوجود موالين له في محافظة درعا.

وبعد معارك استمرت ثمانية أيام، قتل فيها 462، هم 71 مدنيا، أغلبهم أعدم بالرصاص أو بقطع الرؤوس، و241 من قوات النظام، و150 عنصرا من «داعش»، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن أمس «انتشار عناصر تنظيم الدولة في كل أنحاء المدينة، بما فيها المنطقة الأثرية في جنوب غربها والقلعة في غربها».

وفي ما لايزال النظام يحتفظ فقط ببعض المواقع العسكرية، بينها ثلاثة مطارات عسكرية «س 1» و»س 2» ومطار تيفور العسكري، أوضح عبدالرحمن أن «التنظيم بات يسيطر على أكثر من 95 ألف كلم مربع من المساحة الجغرافية لسورية»، أي ما يوازي نصف مساحة البلد، وإن كان معظمها لا يضم الغالبية السكانية.

محافظات «داعش»

ويتواجد التنظيم في نحو 30 في المئة من محافظة الحسكة (شمال شرق) وفي محافظة الرقة (شمال) باستثناء قرى قليلة استولى عليها الأكراد، وفي كل محافظة دير الزور (شرق) باستثناء نصف مدينتها، ومواقع أخرى محددة للنظام، والجزء الشمالي الشرقي من محافظة حلب (شمال) باستثناء بلدة كوباني الكردية ومحيطها، كما بات له تواجد كثيف في ريف حمص الشرقي، من تدمر إلى الحدود العراقية، وفي ريف حماة الشرقي (وسط) وبعض الموالين في درعا.

وبحسب المرصد، بات «داعش» يسيطر كذلك على «الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سورية»، باستثناء حقل شاعر الذي تسيطر عليه قوات النظام في ريف حمص الشرقي، وحقول رميلان التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية في ريف الحسكة.

انهيار النظام

وفي حين تحدث الناشط محمد الحمصي، المتحدر من تدمر، عن «انهيار قوات النظام وانسحابها من معظم المواقع دون مقاومة تذكر»، أقر الإعلام الرسمي السوري من جهته بانسحاب قواته. وجاء في خبر لوكالة «سانا»: «انسحبت قوات الدفاع الشعبي من أحياء تدمر بعد تأمين خروج معظم الأهالي، واستقدام تنظيم داعش الإرهابي أعدادا كبيرة من إرهابييه».

وانسحبت معظم قوات النظام في اتجاه مدينة حمص، بحسب المرصد، موضحا أن «قسما من السكان نزح الى حمص، بينما لازم آخرون منازلهم».

وبدأ التنظيم هجومه في اتجاه مدينة تدمر في 13 مايو، وسيطر على مناطق محيطة بها خلال الأيام الماضية، بينها بلدة السخنة وحقلان للغاز، وسط معارك ضارية مع قوات النظام. وتمكن من دخول المدينة بعد ظهر أمس الأول، وتقدم فيها سريعا، وليلا سيطر على آخر المواقع العسكرية في سجن تدمر والمطار العسكري (شرق) وفرع البادية للمخابرات العسكرية (غرب).

سجن تدمر

ولم يعرف تحديدا مصير نزلاء سجن تدمر، الذي وصفه الناشط محمد الحمصي، في حسابه على «فيسبوك»، بـ»القبر الكبير»، وهو سجن ذاع صيته في الثمانينيات، بسبب ممارسات القمع التي حصلت فيه على يد نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ويثير دخول التنظيم الجهادي إلى المدينة العريقة، التي كانت قبل اندلاع الصراع في 2011 الوجهة الأساسية لأكثر من 150 ألف سائح سنويا في سورية، قلقا في العالم، إذ سبق ان دمر وجرف مواقع وقرى أثرية في سورية والعراق، بينها آثار الموصل ومدينتا نمرود والحضر التاريخيتان.

تقدم الأكراد

وجاء تقدم «داعش» في معركة البادية على حساب الجبهة المفتوحة في الحسكة مع النظام والأكراد، حيث خسر خلال اليومين الماضيين عددا كبيرا من القرى قرب تل تمر، بينما يواجه ضغوطا كبيرة في معقله بمنطقة جبل عبدالعزيز.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن وحدات حماية الشعب الكردي مدعمة بقوات حرس الخابور والمجلس العسكري السرياني وجيش الصناديد، التابع لحاكم مقاطعة الجزيرة حميدي الهادي، سيطرت على قرية أغيبش المحاذية لبلدة تل تمر، والواقعة على طريق حلب – القامشلي، بعد يوم من سيطرتها على أجزاء واسعة من جبل عبدالعزيز، بينما أحكمت سيطرتها النارية على أجزاء متبقية من الجبل ومحيطه، وسط استمرار الاشتباكات في قرى واقعة بالريف الجنوبي والجنوبي الغربي لبلدة تل تمر بين الطرفين.

غارة على «النصرة»

وفي حلب، شن طيران الائتلاف الدولي عصر أمس الأول غارتين جويتين على مقر لجبهة «النصرة» في قرية التوامة بالريف الغربي، ما أدى إلى مقتل 14 وإصابة العشرات.

وبينما أوضحت شبكة «سورية مباشر» أن الهجوم استهدف بصاروخي جو – أرض مبنى البلدية في قرية التوامة وآخر على أطرافها، أصدرت «النصرة» بيانا أكدت فيه أن خطوط الدعم الخلفية للعمليات القتالية في إدلب تم ضربها في قريتي «كنصفرة» و»التوامة»، معتبرة العملية الدولية دعما لنظام الأسد.

وتعتبر هذه المرة الثالثة التي تتعرض فيها مقرات «النصرة» للقصف من طيران الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة هذا العام، والمرة الخامسة منذ اعلان بدء غاراته في الأراضي السورية في أغسطس الماضي.

(دمشق - أ ف ب،

رويترز، د ب أ، كونا)