أثبتت الصين خلال مشاركتها الحادية عشرة في نهائيات كأس آسيا انها حققت تقدما كبيرا، وابرز دليل على ذلك فوزها بمباراتيها الاوليين للمرة الاولى منذ 1988، ثم إنهاؤها الدور الاول بالعلامة الكاملة للمرة الاولى في تاريخها.

Ad

ولايزال الصينيون يتحسرون على ضياع الحلم على أرضهم عام 2004، حين وصلوا الى المباراة النهائية، قبل أن يخسروا امام اليابان 1-3، لكن الفرصة متاحة امامهم الآن كي يكشروا عن انيابهم ويصدموا القارة من خلال إقصاء أستراليا المضيفة، عندما يتواجهان معا غدا في الدور ربع النهائي. ونجح منتخب الصين في التأهل لنهائيات كأس آسيا 2015 في أستراليا، بعدما انتظر حتى نهاية مباريات الجولة الأخيرة من التصفيات.

طريق التأهل لربع النهائي

وخالفت الصين التوقعات في مجموعتها الثانية، بعدما اعتقد الجميع ان المنافسة ستنحصر بين السعودية وأوزبكستان، نظرا لتاريخ الاولى والمشوار التصاعدي للثانية في البطولة القارية. وقال «التنين»، بقيادة مدربه الفرنسي ألان بيران، كلمته، وقلب الطاولة عليهما، وضرب موعدا في الدور ربع النهائي مع نظيره الاسترالي، بعدما ضمن تأهله وصدارته منذ الجولة الثانية وقبل تحقيقه فوزه الثالث على حساب كوريا الشمالية (2-1)، من خلال فوزه على «الأخضر» 1-صفر ثم على أوزبكستان 2-1. وكانت استعدادات المنتخب الصيني لنهائيات استراليا واعدة، اذ لم يذق طعم الهزيمة الا مرة واحدة في 11 مباراة يونيو الماضي، بقيادة بيران الذي استلم المهمة قبل الجولة الأخيرة من التصفيات أمام العراق، حيث تأهلت الصين رغم الخسارة 1-3.

مؤشرات التقدم

واصابت الصين حين قررت الاعتماد على خبرة بيران، الذي قادها الى الدور ربع النهائي للمرة الاولى منذ أكثر من عقد من الزمن، وتحديدا منذ نهائيات 2004 على ارضها.

وهناك مؤشرات واضحة على تقدم الكرة الصينية التي يبقى أفضل إنجاز لها تأهلها لمونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، حيث ودعت من الدور الاول، وابرزها تمكن غوانغجو ايفرغراند، بقيادة المدرب الايطالي الفذ مارتشيلو ليبي، من وضعها على خارطة الالقاب الآسيوية بتتويجه بطلا لمسابقة دوري ابطال آسيا العام الماضي.

ويخوض المنتخب الصيني نهائيات أستراليا مع 7 من لاعبي غوانغجو ايفرغراند، بينهم قائد «التنين» جي جنغ، اللاعب الوحيد في تشكيلة الـ23 لاعبا الذي يتجاوز الثلاثين من عمره (34 عاما)، والمهاجم غاو لين (28 عاما) الذي ساهم بقيادة فريقه ليكون أول فريق صيني يتوج بلقب دوري أبطال آسيا بتغلبه في النهائي على إف سي سيول الكوري الجنوبي، بفضل فارق الاهداف التي سجلها خارج ملعبه (2-2 ذهابا في سيول و1-1 ايابا).

لكن المدرب الفرنسي، البالغ 58 عاما، والذي استلم منصبه في فبراير الماضي، لم يبالغ في تفاؤله، وقلل عشية النهائيات حظوظ فريقه في المنافسة على اللقب القاري، قائلا: «لسنا مرشحين، ولا نملك افضل الفرص للمنافسة على اللقب».

مخطط طويل الأمد

ومن المؤكد ان رأيه اصبح مغايرا الآن، بعدما اظهر رجاله انهم قادرون على الذهاب بعيدا في البطولة القارية التي وصلوا الى مباراتها النهائية مرتين دون ان يتذوقوا طعم التتويج. وما هو مؤكد ان هناك مخططا طويل الامد من اجل التقدم بالكرة الصينية، بهدف اللحاق باليابانيين او الكوريين الجنوبيين، وقد استثمرت ملايين الدولارات على مختلف الصعد لتحقيق الغاية المرجوة.

وهذا المخطط ليس محصورا بمجهود الاتحاد او الاندية، بل تشكل الدولة اساسه، وابرز دليل على ذلك ان الحكومة قررت في نوفمبر الماضي اللجوء الى تعليم كرة القدم في المدارس بهدف رفع مستوى اللعبة. واظهرت الصين منذ فترة طويلة قدرتها على الابداع الرياضي وحصد الالقاب والميداليات في رياضات مثل الجمباز والغطس وكرة الطاولة والبادمنتون، وعلى انتاج لاعبين مميزين في كرة السلة، مثل ياو مينغ ووانغ جي جي او حتى العاب القوى. لكنه ورغم الاموال التي انفقتها في الاعوام الاخيرة على مدربين ولاعبين اجانب، لم تتمكن كرة القدم الصينية من الارتقاء الى المستوى المطلوب، فوجود المنتخب الوطني في المركز السادس والتسعين عالميا لا يرضي طموح بلد المليار نسمة.

الترويج بدأ من وزارة التربية

واتخذت الحكومة قرار تحويل صلاحيات الاهتمام بمسألة ترويج اللعبة لدى الشباب الصيني إلى وزارة التربية الوطنية، وسحبها في الوقت ذاته من الاتحاد الصيني لكرة القدم الذي يتخبط بالكثير من فضائح الفساد. ويرى نائب رئيس الحكومة ياندونغ ليو ان تطوير كرة القدم يبدأ من القاعدة اذا ارادت الصين الوصول الى هدفها بأن تصبح بين كبار اللعبة في العالم. أما نائب عميد الجامعة الرياضية في بكين وينكيانغ وو فيقول في هذا الموضوع: «كرة القدم لم تكن يوما موضوع ترويج جدي في المدارس الصينية، في ظل الانشغال الزائد بالتعليم المنهجي». بدوره، قال هيشون ليو مدرب اللياقة البدنية في المدرسة الابتدائية بمدينة داليان، «كانت كرة القدم الصينية ستصل الى مستوى عالمي لو تم ترويج هذه اللعبة بشكل ابكر في المدارس».

لا تزال بعيدة عن جارتيها

ومن المؤكد ان الصين ورغم تقدمها السريع في كل المجالات فإنها لاتزال بعيدة عن جارتيها اليابان وكوريا الجنوبية على صعيد اللعبة الشعبية الاولى في العالم، إذ إنها لم تصل الى نهائيات كأس العالم الا مرة واحدة عام 2002، وخسرت مبارياتها الثلاث، في وقت وصلت كوريا الجنوبية الى نصف نهائي تلك النسخة.

وهذا الامر لا يرتقي الى طموح الصينيين ورئيسهم شي جين بينغ، الذي طالب بلاده بالتأهل، ثم استضافة، وصولا الى الفوز بكأس العالم. وفي اطار تحقيق هذه الرغبة قرر الصينيون الاستعانة بخدمات خبراء مثل الاميركي توم باير الذي لعب دورا كبيرا في برنامج تطوير المواهب الشابة في اليابان.

وتبقى معرفة الى اي مرحلة وصل التقدم الصيني، على اقله على الصعيد القاري، عندما يخوض اختبارا حقيقيا صعبا امام «سوكيروس» غدا في ريزبين.

(أ ف ب)