كشفت مصادر قضائية، أن النيابة العامة المصرية تدرس مصير استمرار حبس الرئيس الأسبق حسني مبارك احتياطياً، بعد صدور حكم ببراءته في قضية قتل متظاهرين إبان ثورة يناير، في حين أيد المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي دعوات للتظاهر تحت شعار «ثلاثاء الغضب»، معتبراً أنها عودة لـ«الثورة».

Ad

في أول خطوة من جانب النظام المصري، لاحتواء تداعيات حكم براءة رموز النظام الأسبق، قررت وزارة "الداخلية" المصرية، أمس فتح ميدان التحرير، وإعادة حركة السير أمام المارة والسيارات، مع استمرار وجود الخدمات الأمنية في محيطه، تحسبا لأي أحداث عنف.

يأتي ذلك، بعد ثلاثة أيام من إغلاق قوات الأمن الميدان الذي يعتبر رمز الثورة المصرية، تحسباً لوقوع أعمال عنف، على خلفية الغضب المشتعل في الشارع من جراء صدور حكم قضائي، ببراءة الرئيس الأسبق حسني مبارك وعدد من رموز حكمه، في عدة قضايا بينها قتل والتحريض على قتل متظاهرين إبان ثورة يناير2011.

ودخلت النيابة العامة على خط أزمة حكم البراءة، أمس، حيث قال المحامي العام الأول لنيابة وسط القاهرة، المستشار وائل شبل، إن النيابة بدأت في حساب الفترة التي قضاها مبارك، داخل الحبس الاحتياطي لخصمها من الحكم الصادر ضده بالسجن ثلاث سنوات في قضية "قصور الرئاسة".

 وأشار شبل في تصريحات صحافية إلى أنه عقب الانتهاء من حساب المدة، سيصدر قرار وفقاً لهذا الأمر، وتخطر النيابة به مصلحة السجون لتنفيذه.

مخاوف سياسيين من إطلاق سراح مبارك، عززها تعليق رئيس محكمة استئناف القاهرة سابقاً سعيد الجمل لـ "الجريدة"، والذي أكد أن "إجراءات النيابة سوف تأتي وفقاً للمادة 482 من قانون الإجراءات الجنائية"، مرجحاً إصدار النيابة بياناً عما إذا كانت فترة الحبس الاحتياطي قد ماثلت الحكم الصادر ضده أم لا، كما أوضح المستشار بهاء الدين أبوشقة، أنه وفقاً للمادة ذاتها، فإن مدة العقوبة المقيدة للحرية تبدأ من تاريخ القبض على المحكوم عليه.

إصلاح تشريعي

بدورها، حاولت مؤسسة الرئاسة، امتصاص الغضب الشعبي جراء الحكم، حيث قالت رئاسة الجمهورية في بيان لها مساء أمس الأول إن الرئيس عبدالفتاح السيسي تابع الأحكام الصادرة بحق رموز النظام الأسبق، وأنه لا تعليق على الأحكام القضائية، بنص الدستور الذي كفل استقلال القضاء.

ولفت البيان الرئاسي إلى أن الرئيس المصري، كلف رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب "اتخاذ الإجراءات اللازمة لمراجعة الموقف بالنسبة لتعويضات ورعاية أسر شهداء ومصابي الثورة، كما وجّه بتكليف لجنة الإصلاح التشريعي "دراسة التعديلات التشريعية على قانون الإجراءات الجنائية"، مشدداً على أن مصر في طريقها إلى تأسيس دولة ديمقراطية حديثة، قائمة على العدل والحرية والمساواة ومحاربة الفساد.

إلى ذلك، قال مصدر في لجنة "الإصلاح التشريعي"، إن اللجنة تعكف حالياً على تعديل المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية، المتعلقة بأمد انقضاء الدعاوى الجنائية، والمحدد بعشر سنوات، "من يوم وقوع الجريمة"، لتنص على أن يبدأ انقضاء الدعاوى الجنائية من "تاريخ ترك الموظف العام منصبه".

في غضون ذلك، بدا أن الإجراءات التي تتخذها الدولة لا تكفي لإخماد نيران الغضب السياسي، حيث رفض "التحالف الديمقراطي" الذي يضم أحزاباً مدنية بينها "الدستور" و"التيار الشعبي" و"الكرامة"، أحكام البراءة، معتبراً إياها تهدر دماء وحقوق الشهداء، وأكد التحالف في مؤتمر صحافي، أمس، تنظيمه فعاليات احتجاجية اليوم.

ودان المرشح الرئاسي السابق مؤسس "التيار الشعبي"، حمدين صباحي، استخدام الأمن العنف ضد تظاهرات سلمية في "سبت البراءة"، معتبراً أن "الحكم بالبراءة في حق مبارك هو يوم أسود في تاريخ مصر".

وأكد أن التيار يؤيد كل التظاهرات التي ستخرج تعبيرا عن حالة الغضب في الشارع، قائلا "نحن مع أي تعبير سلمي عن غضب مشروع، وهو ليس احتجاجا على حكم قضائي، وإنما هو إعلان عن عودة الثورة، وسنتخذ سلسلة من الإجراءات ستتصاعد على ضوء التطورات ما إذا كانت البلاد تسير في طريق الثورة أم في طريق الردة "، وجاء ذلك ردا على سؤاله عن دعوات للتظاهر اليوم تحت اسم "ثلاثاء الغضب".

في السياق، لوَّح الأمين العام لحزب "الكرامة"، محمد بسيوني، بانسحاب التيار من الاستحقاق الانتخابي المقبل "الانتخابات البرلمانية" حال عدم اتخاذ الدولة قرارات ضد مبارك ونظامه.

من جانبه، حاول تنظيم "الإخوان" الاستفادة من الغضب، في وقت دعا تحالف ما يسمى بـ"دعم الشرعية" إلى مواصلة التظاهرات الغاضبة ضد أحكام البراءة، اليوم في ميدان التحرير، وأصدر شباب الجماعة بياناً اعتذارياً للقوى السياسية، مطالبين بوحدة الصف لاستكمال أهداف ثورة يناير.

ويبدو أن سلالم نقابة الصحافيين سوف تعود إلى دورها النضالي في عهد الرئيس الأسبق مبارك، حيث دعت جبهة "الدفاع عن الصحافيين والحريات" إلى تنظيم وقفة احتجاجية اليوم على سلالم النقابة، للإعلان عن رفض الأحكام الصادرة بالبراءة، والاحتجاج على سوء معاملة الأمن للصحافيين، خلال أحداث "سبت البراءة".

إلى ذلك، استمرت تظاهرات طلابية غاضبة في عدة جامعات مصرية، من بينها القاهرة والإسكندرية وحلوان وعين شمس.