صاحب ظهور «داعش» التنظيم، خلال عام 2014 الذي يوشك على الأفول، «داعش اقتصادي»، أو بالأحرى نفطي، وهو «النفط الصخري»، الذي أصبح واقعاً يفرض نفسه تماماً، كالتنظيم، لكن في ميدان آخر، هو اقتصادات وأسواق دول في منطقة الشرق الأوسط وجوارها، وبعض الاقتصادات والأسواق الأخرى، التي تعتمد كلياً على عوائد إنتاج النفوط.
إذا كتبت، على محرك البحث «غوغل»، العبارة المنقوصة «داعش صناعة ...»، فسوف يطرح عليك، المحرك، استكمالها بعدد محدود من الاحتمالات، أولها، «أميركية»، وإذا نقرت فوق الاحتمال فستجد ما يقارب من 900 ألف نتيجة لموضوعات تتناول «داعش» باعتبارها صنيعة الولايات المتحدة الأميركية.قد يبدو هذا الاتهام، مشروعاً، بالنسبة إلى البعض، بما له من دلالات منطقية، وفق ما يخدم الأهداف الجيوسياسية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن «الماكينة» الأميركية نفسها، التي نالت حظاً وافراً من الاتهامات بشأن «داعش»، صنعت، فعلاً، «داعش» آخر، له التداعيات نفسها على المنطقة والجوار، لكن على الصعيد الاقتصادي.فقد صاحب ظهور «داعش» التنظيم، خلال عام 2014 الذي يوشك على الأفول، «داعش اقتصادي»، أو بالأحرى نفطي، وهو «النفط الصخري»، الذي أصبح واقعاً يفرض نفسه تماماً، كالتنظيم، لكن في ميدان آخر، هو اقتصادات وأسواق دول في منطقة الشرق الأوسط وجوارها، وبعض الاقتصادات والأسواق الأخرى، التي تعتمد كلياً على عوائد إنتاج النفوط.وفضلا عن «النفط الصخري»، كأحد أهم الأسباب الرئيسية لتدهور أسعار النفط العالمية، ثمّة العديد من الأسباب الأخرى، التي تتوزع بين سياسية واقتصادية مع ترجيح أكثر للسياسية، يمكن إيجازها في: انكماش الاستهلاك العالمي، تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، استمرار خمول الاقتصاد الياباني، سياسات التقشف في أوروبا، العقوبات الاقتصادية ضد روسيا وإيران، وأخيراً تمسك منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بمستويات الإنتاج.وفي وقت جاء النفط الصخري وبالاً على اقتصادات الكثير من الدول، ومثَّل السبب الرئيس في التراجع الشديد الذي شهدته أسعار النفط «التقليدي» وفقدانها أكثر من 40 في المئة من قيمتها، منذ يوليو الماضي، بما ضغط على ميزانيات تلك الدول، وصبغ أسواقها المالية باللون الأحمر، فقد أصبح صمام الأمان بالنسبة لاقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، وساعد اكتشافه في تسريع عملية شفاء وتنشيط الاقتصاد، عن طريق تخفيض كلفة الاستهلاك المحلي من الطاقة.وعلاوة على ذلك ساهم النفط الصخري في إيجاد وتجديد نحو مليوني وظيفة، وأضاف أكثر من 75 مليار دولار في ميزانية الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية، كما انخفضت ميزانية الاستيراد الخارجي بأكثر من 60 في المئة لتصل إلى أقل 20 في المئة ولتتضاءل إلى الصفر مع نهاية عام 2017.وإجمالاً، تصدر الهبوط الحاد لأسعار النفط، مقدمة التحولات الاقتصادية التي «هزّت» العالم في 2014، وأثر ذلك على دول كبرى منتجة للطاقة مثل روسيا والسعودية وأخرى مستهلكة كالولايات المتحدة والصين وانتهاءً بأموال المواطنين، ومن ثم، أثر على الأحداث الجيوسياسية في الشرق الأوسط، يضاف إليها العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا نتيجة ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية، ودعم المسلحين الانفصاليين شرقي أوكرانيا، وما تبعها من تداعيات اقتصادية على الدب الروسي، ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو.واتساقاً مع ما حفل به العام من أحداث اقتصادية، تحولت التوقعات بأن يمثل 2014 «مرحلة انتقالية»، تشهد مزيدا من القوة للاقتصادات المتقدمة، مقابل ضعف متفاقم بالنسبة للاقتصادات الناشئة، إلى الحقيقة، فقد اكتسب اقتصاد كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة المزيد من القوة، فيما شهدت الاقتصادات الناشئة أو بمعنى آخر أعضاء مجموعة «بريكس» للاقتصادات الصاعدة مثل الصين والبرازيل وروسيا تباطؤا في النمو.وفي الوقت الذي استمرت فيه دول غنية أخرى في أداء اقتصادي مخيب للآمال، واصل الاتحاد الأوروبي في النمو لكنه فشل في اكتساب مزيد من الزخم.أيضاً الكثير من الأحداث نالت نصيباً كأهم التحولات الاقتصادية التي شهدها 2014، والتي يمكن إيجازها في:يناير• الليرة التركية تهبط إلى أدنى مستوياتها التاريخية مقابل الدولار، على خلفية ما يقال إنه فضيحة سياسية ومالية تهز حكومة رجب طيب أردوغان.• مجلس الشيوخ الأميركي يصادق على تعيين جانيت يلين رئيسة لمجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، لتكون أول امرأة تترأس البنك المركزي الأميركي.• الولايات المتحدة وأوروبا تخففان بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران تنفيذا للاتفاق الأولي بشأن ملفها النووي.فبراير• مجلس النواب الأميركي يقر مشروع قانون يرفع سلطة إدارة باراك أوباما في الاقتراض لمدة عام واحد، لتفادي خطر التخلف عن سداد الديون.• إمارة دبي توصلت إلى اتفاق على تمديد أجل دين بقيمة عشرة مليارات دولار كان المركزي الإماراتي قدمها لها إبان الأزمة العالمية.مارس• في بداية الشهر تسود حالة من الهلع الأسواق الآسيوية والأوروبية بسبب احتمال تدخل روسيا في أوكرانيا.• الاتحاد الأوروبي يجمد أصول الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش و17 مسؤولاً آخر.أبريل• وكالة ستاندرد آند بورز تخفض التصنيف الائتماني لروسيا نتيجة تداعيات العقوبات الغربية عليها.مايو• صندوق النقد الدولي يوافق على خطة مساعدة لأوكرانيا بقيمة 17 مليار دولار.• البرتغال تقرر الخروج من برنامج الإنقاذ المالي الذي أشرف عليه الدائنون الدوليون.• صندوق النقد الدولي يحذر من عواقب اقتصادية عالمية محتملة للأزمة الأوكرانية.• الإنتاج الأميركي من النفط الخام يقفز إلى أعلى مستوى له منذ 28 عاما بفضل زيادة إنتاج النفط الصخري.يونيو• أوكرانيا وروسيا تباشران محادثات لتسوية نزاعهما بشأن سعر الغاز الروسي، وهو أحد أوجه توتر علاقات البلدين.• سعر الذهب يهبط في أسواق آسيا مسجلا أطول موجة هبوط منذ نوفمبر 2013.يوليو• صندوق النقد الدولي يقول إن العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية أوقفت نمو الاقتصاد الروسي وأصابت الاستثمار بالجمود.• قادة مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة يوقعون على اتفاق في البرازيل لإنشاء بنك جديد للتنمية وصندوق لاحتياطيات الطوارئ.• الولايات المتحدة تفرض عقوبات واسعة النطاق على روسيا بما في ذلك بنك غازبروم وشركة روسنفت النفطية وبنوك وشركات كبرى أخرى للطاقة والصناعات العسكرية.أغسطس• مصر تدشن مشروع حفر قناة موازية لقناة السويس بكلفة أربعة مليارات دولار، وتختار اتحاد شركات يضم القوات المسلحة لإقامة منطقة صناعية ومركز عالمي للإمداد والتموين في منطقة قناة السويس.سبتمبر• خام برنت القياسي يهبط لأدنى مستوى له في عامين لينزل إلى ما دون 97 دولارا للبرميل بسبب وفرة المعروض وضعف الطلب العالمي.• الأسهم الأوروبية والجنيه الإسترليني يصعدان عقب تصويت الأسكتلنديين بـ»لا» على الانفصال عن المملكة المتحدة.• اليونان تصبح ثالث دولة في منطقة اليورو تعلن عن قرب خروجها من برنامج الإنقاذ الذي يرعاه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.أكتوبر• واشنطن تعلن أن عجز الموازنة الاتحادية لعام 2014 بلغ أدنى مستوياته في ستة أعوام.• الاقتصاد الصيني ينمو في الربع الثالث من 2014 بأبطأ وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية.• مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) ينهي برنامجه الشهري لشراء السندات نتيجة بروز مؤشرات على تعافي الاقتصاد الأميركي.نوفمبر• البنك المركزي الروسي يتوقع أن يصل حجم حركة هروب الرساميل من البلاد إلى 128 مليار دولار في 2014 نتيجة الأزمة الأوكرانية، وأن تتخطى نسبة التضخم 8 في المئة.• أسعار النفط تنخفض بأكثر من ستة دولارات في يوم واحد عقب إعلان «أوبك» قرارها إبقاء حجم إنتاجها النفطي البالغ ثلاثين مليون برميل يوميا، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ عام 2011.ديسمبر• اتخذ البنك المركزي الروسي خطوة مفاجئة برفع معدل الفائدة إلى 17 في المئة من 10.5 في المئة، لتعد تلك الخطوة هي الأكبر منذ عام 1998، وذلك بعد أن تراجعت العملة الروسية إلى 64.4455 مقابل الدولار، ممدة خسائرها هذا العام إلى 49 في المئة.• مؤشرات البورصات الخليجية تشهد انخفاضا كبيرا جراء عمليات بيع وصفت بالمذعورة نتيجة تهاوي أسعار النفط العالمية.
اقتصاد
في 2014... «الماكينة» الأميركية تصنع «داعشاً اقتصادياً» وتعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة
31-12-2014