«الإدارية» تعتمد شهادة ماجستير من جامعة سودانية وتلغي قرار «التعليم العالي»
«الوزارة وضعت أسباباً مجهلة ومرسلة لم تحدد سبب الرفض»
قررت المحكمة الإدارية برئاسة المستشار ناصر الأثري وعضوية المستشارين محمد بهمن ود. نواف الشريعان الغاء قرار وزارة التعليم العالي بشأن عدم اعتماد شهادة ماجستير لأحد المواطنين صادرة من الجمهورية السودانية، بعد أن رفضت الوزارة إيضاح اسباب عدم اعتماد الشهادة.
ترجع وقائع الدعوى إلى القضية التي أقامها مواطن ضد وزارة التعليم العالي بغية القضاء بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار وكيل وزارة التعليم العالي المتمثل في رفض معادلة شهادة الماجستير في التربية تخصص الإدارة التربوية الحاصل عليها المدعي من كلية التربية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، واعتبار هذا القرار كأن لم يكن، وبمعادلة الشهادة بتقدير مرتبتها وفقا لقرار المعادلات للشهادات العلمية لما فوق الثانوية العامة وتعديلاته، وبإلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة.وقالت المحكمة إن المواطن المدعي ساق أسبابا لدعواه بأنه بتاريخ 21/6/2012 حصل على تلك الشهادة من كلية التربية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وهي جامعة حكومية معتمدة ومعترف بها وعضو في اتحاد الجامعات العربية، وأنه بتاريخ 21/3/2013 تقدم – عن طريق جهة عمله وزارة التربية – بكتاب إلى وزارة التعليم العالي ملتمساً معادلة الشهادة الحاصل عليها بمثيلاتها الصادرة من جامعات الكويت، إلا أن جهة الإدارة وقفت من هذا الكتاب موقفا سلبيا، ولم تبد أي قبول أو رفض.وأضافت أنه بتاريخ 8/10/2013 تقدم المدعي بكتاب آخر إلى وزارة التعليم العالي متظلما من التأخير في إجراء المعادلة، وقد فوجئ بعد ذلك بورود كتابها المؤرخ 27/11/2013 إلى جهة عمله والذي جاء فيه ما يفيد بتعذر إجراء المعادلة لعدم استيفاء الشهادة الحاصل عليها لشروط المعادلة، مبينة أن هذا القرار مخالف للقوانين واللوائح وغير قائم على أي سبب يبرره واقعا وقانونا، الأمر الذي حدا به إلى رفع الدعوى الماثلة بما سلف من طلبات.وذكرت أن حقيقة طلبات المدعي – وفقا للتكييف القانوني الصحيح لها – تنحصر في القضاء بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من التعليم العالي بتاريخ 27/11/2013 برفض معادلة شهادته للماجستير الحاصل عليها من كلية التربية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، بمثيلاتها الصادرة من جامعات الكويت، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة.مقبولة شكلاً وعن شكل الدعوى، بينت أنه من المستقر عليه أن القرارات الإدارية المتعلقة بمعادلة الشهادات العلمية لا تخضع لنظام التظلم الوجوبي المنصوص عليه في المادة الثامنة من قانون إنشاء الدائرة الإدارية، وإذا كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 27/11/2013، وأن المدعي رفع الدعوى الماثلة بتاريخ 5/12/2013 أي قبل انقضاء ميعاد الستين يوما المقرر لرفع دعاوى الإلغاء، وقد استوفت – في عين الوقت – سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا، ومن ثم تقضي المحكمة بقبولها شكلاً.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه إذا نازع خصم جهة الإدارة أمام القضاء في صحة الأساس الواقعي والقانوني الذي انبنى عليه قرارها، فإنه يتعين عليها أن تثبت أمام المحكمة قيام السند القانوني المبرر للقرار الذي أصدرته، فإن تقاعست عن ذلك تكون قد فشلت في إثبات صحته، ومن ثم تكون الدعوى واردةً دون وجود رد جدي عليها، ويكون القرار غير قائم على أساس قانوني سليم متعين الإلغاء.وأشارت إلى أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز إذا كان الأصل – وفقا للقواعد العامة في الإثبات – أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي، فإن الأخذ بهذه القاعدة على إطلاقها لا يستقيم في مجال المنازعات الإدارية بالنظر إلى أن جهة الإدارة الخصم في هذه المنازعات تحتفظ في غالب الأحوال بالوثائق والمستندات المتعلقة بتلك المنازعات واللازمة للفصل فيها، ولذلك فإنه من المبادئ المستقرة في المجال الإداري أن الإدارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إثباته إيجابا أو نفيا متى طُلب منها ذلك وكانت تلك المستندات في حوزتها، فإن امتنعت عن تقديمها، فإن ذلك يقيم قرينة تستخلص منها المحكمة صحة البيانات المقدمة من خصمها.سبب مرسَلوبينت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن المدعي حصل بتاريخ 21/6/2012 على شهادة الماجستير المذكورة وأن وزارة التعليم العالي أصدرت بتاريخ 27/11/2013 القرار المطعون فيه برفض معادلة هذه الشهادة بمثيلاتها الصادرة من جامعة الكويت، وقد ذكرت – حسبما يبين من كتاب وكيل الوزارة المرسل إلى وكيل وزارة التربية – أن سبب هذا الرفض يعود إلى عدم استيفاء الشهادة لشروط المعادلة، مضيفة أن جاء هذا السبب على نحو مرسل ومجهل لا يسانده أي دليل في الأوراق باعتبار أن جهة الإدارة لم تقدم أي دفع أو دفاع في الدعوى يثبت الأساس القانوني لهذا السبب.وأضافت أن جهة الإدارة لم تقدم الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع ولم توضح أو تشر – من قريب أو بعيد – إلى الشروط المقصودة التي زعمت عدم توافرها في هذه الشهادة لكي يتسنى للمحكمة بسط رقابتها عليها ووزنها بميزان القانون في ضوء صحيح الواقعة، هذا فضلاً عن أن جميع المستندات المقدمة من المدعي تثبت سلامة موقفه من حيث صحة الشهادة الحاصل عليها وتوافر المعايير والمقاييس الأكاديمية في الجامعة، الأمر الذي ترى معه المحكمة أن جهة الإدارة قد نكلت عن بيان سبب قرارها المطعون فيه مما يُعد تسليمًا منها بصحة طلبات المدعي، ومن ثم فإنها تستخلص عدم قيام هذا القرار على أساس قانوني سليم وتقضي بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.وعن المصروفات، ألزمت المحكمة جهة الإدارة بها لخسرانها التداعي عملاً بنص المادة (119/1) من قانون المرافعات، أما مقابل أتعاب المحاماة الفعلية، فإن المحكمة تقدرها – بالنظر إلى موضوع الدعوى والجهد المبذول فيها ودرجة التقاضي، إضافةً إلى الفائدة العائدة على المدعي – بمبلغ (200 دينار) عملاً بنص المادة (119) مكرر من قانون المرافعات.