بعد ترحيل الصحافي الأسترالي بيتر غريست والافراج المتوقع قريباً عن زميله الكندي محمد فهمي، تخشى عائلة باهر محمد صحافي قناة الجزيرة الثالث أن يبقى في السجن كونه يحمل الجنسية المصرية فقط.

Ad

وإثر ضغوط دولية للإفراج عنهم، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نوفمبر الماضي قانوناً بدا مفصلاً على قياس صحافيي الجزيرة إذ يتيح ترحيل الأجانب أثناء أو بعد محاكمتهم.

وتم ترحيل غريست الذي يعمل لقناة الجزيرة الانكليزية الأسبوع الماضي، أما محمد فهمي فقد تنازل عن جنسيته المصرية ليحتفظ بالكندية حتي يتسنى ترحيله هو الآخر وهو أمر بات وشيكاً، بحسب مسؤولين مصريين وكنديين.

لكن مصير باهر محمد "32 عاماً" لا يزال مجهولاً وتخشى أسرته أن يتم نسيانه في السجن بعد ترحيل زميليه.

وتقول جيهان راشد "30 عاماً" زوجة باهر بأسى قرب صورة له في منزله في حي الشيخ زايد الراقي لوكالة فرانس برس "ندفع الثمن كوننا مصريين، منتهى الظلم أن يبقى زوجي سجيناً ويخضع للمحاكمة لمدة لا نعرفها بينما يرحل زملاؤه الأجانب للخارج".

وتتساءل بحسرة وابنها حازم يلعب أمامها "ترحيلهم يعني عملياً براءتهم.. فلماذا يظل زوجي وحده في السجن"؟

وحكم على صحافيي الجزيرة الثلاثة في يونيو الفائت بالسجن مدداً تتراوح بين سبع وعشر سنوات بتهم دعم جماعة الإخوان المسلمين ونشر أخبار كاذبة، قبل أن تلغي محكمة النقض هذه الأحكام في اليوم الأول من العام الحالي وتأمر بإعادة محاكمتهم.

وتخشى جيهان، أم فيروز "3 سنوات" وهارون "8 أشهر" الذي أنجبته أثناء حبس باهر، نسيان زوجها بعد انحسار الأضواء عن القضية بترحيل الأجانب.

وتقول جيهان التي ترتدي حجاباً أسودا بينما كانت تراقب أبناءها أثناء لعبهم في حديقة المنزل "أسعى بجدية أن أحصل له على جنسية أخرى طالما أنها السبيل الوحيد لاخراجه من السجن".

لكنها تنقل عنه قوله في آخر زيارة الأسبوع الماضي "أنا لم أفعل خطأ لكي اضطر للتنازل عن جنسيتي كشرط لنيل حريتي".

إلا أن جيهان تقول وهي تحاول اخفاء دموعها "أبحث عن جنسية أخرى له ولأبنائي لحماية حقوقهم مستقبلاً، لكي تكون هناك سفارة أجنبية تدافع عني في المحاكم".

من جهته، قال مصطفى ناجي محامي باهر أن موكله أمام طريقين قانونيين للخروج من السجن إما "قبول النيابة التظلم الذي قدمناه للإفراج عنه بعد ترحيل غريست أو انتظار امكانية اخلاء سبيله مع بداية المحاكمة الجديدة".

ولا يمكن أن يصدر بحق باهر عفواً رئاسياً لعدم وجود أحكام نهائية في قضيته التي لم يحدد بعد موعداً للنظر فيها أمام محكمة جديدة، بحسب محاميه، وتقول جيهان التي بدت متماسكة أنه منذ فجر ذلك اليوم في ديسمبر 2013 حين داهمت الشرطة منزلهم وأصابت كلبهم بالرصاص، أن "الأسرة تعيش مأساة حقيقية ويعاني الأطفال نفسياً وكثيراً ما يستيقظون ليلاً ويبكون بحثاً عن أبيهم".

وتصطحب جيهان أبناءها إلى السجن لكنها تقول لهم أن هذا مقر عمل والدهم.

ويحظى باهر بدعم قناة الجزيرة والصحافي غريست الذي شاركه الزنزانة لستة أشهر.

وبالنسبة لقناة الجزيرة القطرية فإن "حملة المطالبة بالإفراج عن صحافييها لن تتوقف إلا بعد الافراج عن الزميلين المتبقيين".

كما قال غريست في مؤتمر صحافي بعد عودته لأستراليا "إذا كان من العدل أن يُفرج عني فإن ذلك يجب أن ينطبق على الجميع"، معتبراً أنه بات الآن أمام مصر "فرصة لتظهر أن العدالة غير مرتبطة بالجنسية".

وأطلقت أسرة باهر حملة على موقع فيسبوك للإفراج عنه، وتشكو زوجته أن "الإعلام المصري لا يعرفه وغير مكترث بمصيره".

وسبق أن عمل باهر في صحيفة أساهي اليابانية لخمس سنوات حيث غطى أحداث الربيع العربي في اليمن وليبيا وتونس قبل انتقاله إلى طاقم قناة الجزيرة الانكليزية.

وبالنسبة لمحمد حازم، والد باهر، فإن "أزمة باهر جزء من معاناة الصحافيين المصريين حالياً بشكل عام في مناخ يضيق على الحريات"، ويقبع أكثر من 15 صحافياً مصرياً في السجون بعضهم لم يقدم للمحاكمة رغم توقيفه منذ أشهر.

وذكر تقرير للجنة حماية الصحافيين، ومقرها نيويورك، في نهاية 2014 أن مصر تحتجز 10 صحافيين ما يجعلها سادس أسوأ سجّان للصحافيين في العالم.

وكانت اللجنة قالت أن مصر ثالث أخطر بلد لعمل الصحافيين في العالم في العام 2013 بعد سورية والعراق، كما قُتِلَ 10 صحافيين منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق مبارك في العام 2011.

وتقول منظمات حقوقية دولية أن مصر تضيق على حرية الرأي والتعبير وتسجن صحافيين لمجرد قيامهم بعملهم.