صناعة البتروكيماويات في الكويت «ميتة إكلينيكياً»
الوزير قطع جسور التواصل ولا رغبة لديه في معرفة أولويات القطاع النفطي
ينادي الكثيرون ممن عملوا في صناعة البتروكيماويات باتخاذ القرار المناسب للتوسع في الصناعة، خاصة أن عجلة المشاريع بدول الجوار لم تتوقف.
«حجم صناعة البتروكيماويات في الكويت يتناقص بسبب عمل وتطور الآخرين، واذا لم تدعم هذه الصناعة فستموت، خصوصاً أن الزبائن لا ينتظرون بل يسعون إلى النمو وسيتجهون إلى الغير». ما ورد آنفاً جاء على لسان الرئيس التنفيذي الأسبق لمؤسسة البترول الكويتية سعد الشويب قبل عامين. واليوم سمعنا ما كشف عنه الرئيس التنفيذي لشركة صناعة الكيماويات البترولية المهندس أسعد السعد حول وقف شركة «أومبال» الهندية المفاوضات لبيع حصة 30 في المئة للكويت من مشروع مجمع للعطريات في الهند التي كانت تسعى الكويت إلى الاستحواذ عليها مقابل 160 مليون دولار. وعلاوة على ذلك نرى تعطل المشاريع الأخرى للشركة بسبب الكثير من العراقيل إلى درجة باتت صناعة البتروكيماويات معها «ميتة إكلينيكيا»، وهو ما لا يعرفه وزير النفط د. علي العمير الذي انصب جل اهتمامه على التعيينات والغياب عن بعض الاجتماعات المهمة لحسم مشاريع القطاع النفطي.ولا يخفى على أحد أن مؤسسة البترول الكويتية اليوم غارقة بالخلافات الناشبة بين الوزير العمير وبين بعض القيادات، رغم أن مؤسسة البترول هي المعنية بإمساك زمام انطلاقة صناعة البتروكيماويات، لأنها تحتكر جميع الموارد الهيدروكربونية بحسب الدستور، كما أنها صاحبة القدرة على توجيه صناعة البتروكيماويات، على غرار ما تقوم به شركتا «سابك» و»أرامكو» في السعودية، حيث يتم توجيه هذا القطاع والصناعات اللاحقة.أما لماذا تأخرنا؟ ولماذا لم يتساءل وزير النفط عن سبب تأخر الكويت في هذه الصناعة؟ فلن يعرف د. العمير الإجابة عن ذلك لأنه قطع جميع الجسور للتواصل أو التفاهم مع القيادات النفطية على الأولويات في المرحلة المقبلة. لكننا مع ذلك سنوفر عليه عناء الإجابة ومفادها بأن سياسات دول الخليج أعطت القطاع الخاص تسعيرة للمواد الأولية من خلال تشريعات، بحيث يلتزم القطاع الخاص بتوظيف نسبة من العمالة الوطنية، وتشييد بنية تحتية لهذه الصناعة التي باتت الآن متكاملة في الخليج، وقوية ومتطورة من خلال الشراكة مع الشركات العالمية.كما أن هناك إيماناً لدى أصحاب القرار في دول الخليج بأن الصناعات البتروكيماوية تلعب دوراً مهماً في النمو الاقتصادي والصناعي لأي دولة، والقيمة المضافة لصناعة البتروكيماويات في الاقتصاد المحلي تعد الأكبر مقارنة بالصناعات والقطاعات الأخرى.إلى ذلك، ينادي الكثيرون ممن عملوا في هذه الصناعة باتخاذ القرار المناسب للتوسع في الصناعة، خصوصاً أن عجلة المشاريع في هذا المجال بدول الجوار لم تتوقف، مما يضع الكويت في وضع تنافسي صعب لاسيما من السعودية حيث يتم إنشاء مشاريع بتروكيماويات عملاقة للمحافظة على نسبتها في سوق البتروكيماويات مما يضعف تنافسية الكويت.أرقام وحقائقهل يعلم معالي الوزير بعض الحقائق عن صناعة البتروكيماويات في الخليج؟ والأرقام التي تشير إلى أن الطاقات الإنتاجية الحالية الموجودة تبلغ 64 مليون طن، وأنها ستصل خلال 5 سنوات إلى 120 طناً، وأن موقع الكويت من هذه الصناعة لا يتجاوز إنتاج 5 ملايين طن فقط، والصادرات بحجم 2.5 مليون طن. في المقابل نرى أن دول الخليج أغلبها تخطى الكويت في هذه الصناعة.ويبقى السؤال المهم: ماذا ينقص الكويت لتتطور في صناعة البتروكيماويات؟ثمة خطوات يجب أن تتبع لإحياء صناعة البتروكيماويات في الكويت وضعتها مجموعة من الخبراء في هذه الصناعة، نتمنى من الوزير العمير النظر فيها، ومن الواجب تحقيق التوازن بين الثروات الموجودة في باطن الأرض، وما نحتاجه من هذه الثروة وسد حاجة الكويت من الكهرباء، وإن كانت كميات الغاز متوافرة الآن لشيدنا شركات بتروكيماوية جديدة. إذن، فالعائق أمام الكويت ليس نقص الأموال، بل تقنين وترشيد استهلاك الكهرباء على المدى الطويل وإيجاد البديل لها حتى نوفر الغاز لصناعة البتروكيماويات التي من شأنها دعم الاقتصاد الوطني من خلال تنويع مصادر الدخل وتحريك عجلة القطاع التجاري، والمساهمة في تدريب وتطوير الكفاءات الكويتية، ولنفترض أن لدينا مشاريع مثل شركة «إيكويت» التي توظف أكثر من 700 كويتي، فلهذا الأمر عوائد على المدى البعيد، إضافة إلى أن هذه الشركة تساهم بمليار دينار في الاقتصاد الكويتي سنوياً. فالعوائد ستكون مشابهة لو شيدنا مؤسسات مشابهة لشركة «إيكويت» أو بادرنا بتوسعة نشاط الشركة. وتعتمد الكويت اليوم ثلاثة محاور لتنفيذ استراتيجيتها في صناعة البتروكيماويات، الأول: بناء مشاريع بتروكيماوية جديدة سواء داخل أو خارج الكويت. الثاني: الاستحواذ على مصانع بتروكيماوية قائمة خارج الكويت. الثالث: تعزيز التكامل مع أنشطة مؤسسة البترول الكويتية داخل الكويت وخارجها.الجدية في العملإذاً، فمستقبل صناعة البتروكيماويات ينبغي النظر إليه بجدية، وحسمه بأسرع وقت، فإما أن تتجه الكويت إلى صناعة البتروكيماويات أو لا. وإن كان خيار الحكومة أن تتجه إلى هذه الصناعة، فيجب أن يتسم الحديث عنها بكثير من الجدية وبحثه بعناية لجهة كيفية الاستمرار في هذه الصناعة وتطويرها. ولدى الكويت محدودية في مواد اللقيم الأساسية التي تدخل في صناعة البتروكيماويات، وهي عبارة عن مواد غازية أو سائلة، ومع ذلك لم تصل المواد الأساسية للصناعة إلى الشح أو القلة، حيث إن الاكتشافات الأخيرة للغاز التي أعلنتها مؤسسة البترول الكويتية بالإضافة إلى مواد اللقيم السائلة الأخرى التي تأتي من مصافي التكرير متوافرة لكنها موجهة لتوليد الطاقة أو التصدير.أخبار ذات صلة :«نفط الكويت»: نتعامل قانونياً مع مطالبات التعويض في كل عقودنا... ونقابة عامليها: على العمير أن يستقيل لـ«عدم نيله مباركة القيادة السياسية»الجيماز: مصفاة ميناء عبدالله في عنق الزجاجة لتنفيذ «الوقود البيئي»