الأغلبية الصامتة: حفلات الدم الصاخبة

نشر في 09-10-2014
آخر تحديث 09-10-2014 | 00:01
 إبراهيم المليفي حفلة دم صاخبة لن يدعى إليها الصوت الوطني الديمقراطي، ولن يقبل حضورها لأنه يجهل عنوانها ولا يعرف طريقها، تتم بعلم ودراية من لقّم شطراً من الناس أكذوبة الانفتاح والتسامح قبل عامين، وها نحن منذ ذلك الحين نتباغض أكثر مما مضى، ونتباعد كأننا ألدّ الخصام.

في خضم الأحداث وغليان الرؤوس المتصارعة ليس مسموحاً للعقلاء التدخل، كم "خناقة وخناقة" دفع فيها شخص مشهود له بالحكمة والوقار بطريقة مخجلة لأنه حاول الفصل بين طرفين يكنّ لكل واحد منهما معزّة خاصة؟ وكم من "مفيد" ومنتج تم استبعاده من حفلات الدم الصاخبة لأنه حتماً سيفسد مجرياتها، ولن يكون مفيداً بالقدر الكافي للجزّ والتقطيع.

أقول كلامي هذا رداً على كل من يعيب على الصوت الوطني الديمقراطي ضعفه وتراجعه على الساحة، أسألهم ألا تخجلون من أنفسكم وأنتم تجاهدون في اختيار الأسوأ من السيئات والأفسد من الفساد نفسه؟ من أين سيحصل الصوت المعتدل على الدعم والمدد؟ من محيط مشغول بحروب الهويات الصغرى والكبرى، وهموم تصفية وجود الخصوم والأعداء؟

هل تتخيلون أن الصوت الوطني الديمقراطي سيلقي بــ"عقاله" بدلاً من بيانه لحشد الناس؟ وهل سيتّكل على طائفة ضد طائفة أو قبيلة ضد قبيلة، وهو الذي لا يتشكل ولا يتكوّن إلا من الكل والجميع، وغير ذلك ليس سوى هذر الكلام؟ لقد كنا قبل اشتعال وانشغال المنطقة بـ"داعش" في أسوأ حال من الفرقة والتشرذم كشعب صغير في بلد صغير حقن نفسه بالكراهية بما يفوق طاقة شعب الصين على تحمّله، والآن نحن كما أعتقد قادرون على تصدير كراهيتنا للكواكب الأخرى.

يا إلهي كم عدد المواضيع الطائفية التي يبعثها إلي المؤمنون في الواتسآب، في اليوم الواحد؟ كلها تدور في دائرة واحدة "السنّة ضد الشيعة والشيعة ضد السنّة"؛ ولأن فرن الأحداث منتعش بالأخبار العاجلة من العواصم والبلدات، يواصل المؤمنون الغارقون في خطاياهم الدنيوية في التكفير عن كل "خطية" بتغريدة كراهية كي تحسب له بعشر حسنات.

إنها حفلة دم صاخبة لن يدعى إليها الصوت الوطني الديمقراطي، ولن يقبل حضورها لأنه يجهل عنوانها ولا يعرف طريقها، تتم بعلم ودراية من لقّم شطراً من الناس أكذوبة الانفتاح والتسامح قبل عامين، وها نحن منذ ذلك الحين نتباغض أكثر مما مضى، ونتباعد كأننا ألدّ الخصام، نعم أيها السادة كفاكم تناقضاً في طلب ما تسعون إلى هدمه أولاً بأول، فلن ينزل عليكم التسامح من السماء، ولن يعلو صوت العقل وأنتم له كارهون.

اشربوا من دماء بعضكم حتى ترتووا، وقطّعوا حبال التسامح التي شدها أجدادكم فلن تنتهوا سوى إلى حقيقة واحدة تكررت منذ مئات السنين، إما التعايش أو التعايش، وغير ذلك تكرار لحفلات الدم الصاخبة.

back to top