فجر يوم جديد: {عمر وسلوى}
ينظر «آل السبكي» إلى فيلم «عُمر وسلمى»، الذي قام ببطولته كل من المطرب تامر حسني والممثلة مي عز الدين، بوصفه الدجاجة التي تبيض ذهباً، وعندما وصلت العلاقة بين المنتج محمد السبكي وتامر حسني إلى طريق مسدود، وتوقفت السلسلة عند الجزء الثالث، التقط شقيقه المنتج أحمد السبكي الخيط، واتجه إلى إنتاج فيلم بعنوان «عُمر وسلوى» أسند بطولته إلى كل من كريم محمود عبد العزيز والمغنية الشعبية بوسي، والراقصة صافيناز. لكن النتيجة كانت كارثية!فيلم «عُمر وسلوى» تأليف سيد السبكي، الذي كتب سابقاً أفلام: «ابقى قابلني»، «البيه رومانسي»، «شارع الهرم» و»حصل خير»، واعتمد في فيلمه الجديد على «البارودي» أو المحاكاة الساخرة للأفلام؛ مثلما فعل عندما التقط مشاهد من أفلام: «البيه البواب»، «اللمبي»، «بوبوس»، «النمر الأسود»، و»إبراهيم الأبيض». بل اتجه إلى محاكاة أغان مثل «إن غبت يا جميل خليك على غيتك» لمحمد قنديل وأخرى لحسن الأسمر. حتى إنه استعاد أغنية المغني الشعبي حكيم التي قدمها في فيلم «حلاوة روح»، واحتفظ بلحن إحدى أغاني شعبان عبد الرحيم في فيلم «مواطن ومخبر وحرامي»، ووضع عليه كلمات أخرى، ما شجع المخرج تامر بسيوني على استعارة كلمات أغنية «ضحكتها ما بتهزرش» للمطرب تامر حسني، ولصق عليها لقطات لا علاقة لها بالسياق الدرامي!
هي مناسبة للتوقف عند المخرج تامر بسيوني، الذي توقفنا سابقاً عند لغته البصرية الرائعة في أول أفلامه «يا أنا ياهوه» (2011)، والتي أكدها بقوة في فيلم «جيران السعد» بعيداً عن الموضوع الذي خذله كثيراً؛ فمن يتابع المخرج الشاب، المولود في العام 1972، في فيلم «عُمر وسلوى» يرصد تراجعاً كبيراً في لغته، وأسلوبه، وكأنه ارتمى في أحضان «التوليفة السبكية»، التي تتكرر ولا تتغير؛ فالمخرج، الذي تفاءلنا به خيراً، أبى أن يكتفي بالاستعانة بالراقصة الأرمينية صافيناز لكنه أراد أن يجعل منها ممثلة، واختارها للمشاركة في البطولة، بعد أن رسم لها، بالاتفاق مع كاتب الفيلم، شخصية درامية تكاد تنطبق على سيرتها الذاتية؛ فهي راقصة الملهى الليلي، التي تخشى أن تقوم السلطات الأمنية بترحيلها من البلاد، كونها أجنبية، فتتخذ قراراً بالزواج من خيال المآته (محمود الليثي)، وعندما يتحقق هدفها تطلقه! لم تتوقف الكارثة عند صافيناز والليثي، اللذين أغرقا الفيلم في طوفان من الأغاني المحشورة والرقصات المبتذلة، التي أثقلت كاهل الفيلم، وكانت سبباً في ترهل إيقاعه، لكن «بسيوني» وسليل «السبكية» اجترا «الحدوتة» السخيفة والمملة حول «عُمر» (كريم محمود عبد العزيز) الشاب «الدونجوان»، الذي يهدده والده (علاء مرسي) بالحرمان من الإرث في حال الاستمرار في غيه ونزواته، ويُطالبه بالزواج من فتاة ذات حسب ونسب، وفي حيلة ساذجة ومكشوفة يلجأ الشاب إلى الزواج من «سلوى» (بوسي) مطربة الملهى الليلي نفسه، بعدما استعصت عليه، ورفضت أن ترتبط معه بعلاقة محرمة، وتنطلي الحيلة على الأب المتصابي، الذي يسعى إلى الزواج من شقيقتها الدميمة (بدرية طلبة)، ولحظتها يستشعر الشاب الخطر، ويخشى أن تذهب ثروة والده إلى فتاتين محتالتين؛ خصوصاً بعد أن يعلم أن زوجته حامل، ويقرر أن يُطلقها، ويطرد شقيقتها قبل أن يعود الأب إلى رشده، ويستعيد صوابه فجأة، ويُطالب ابنه «عُمر» بالاعتراف بالجنين ويُعيد «سلوى» إلى عصمته، وتأتي النهاية السعيدة!لا أعرف كيف وصلت الجرأة بالبعض إلى حد وصف فيلم «عُمر وسلوى» بأنه كوميديا ممزوجة بقليل من الرومانسية؛ فالفيلم هبط في بئر لا قاع له من الهبوط والإسفاف والابتذال اللفظي والحركي والشكلي؛ فالزوج (الليثي) يفشل في ممارسة حقه الشرعي مع زوجته (صافيناز)، وخاله الضرير (يوسف عيد) يخشى أن تتكرر مأساته مع زوجته (ميسرة) التي خانته في فراش الزوجية، و«سلوى» تشعر أن «عُمر» بدأ ينصرف عنها فترقص له بخلاعة ومجون، وتتواصل الوقاحة عبر الجمل الحوارية التي تحمل إسقاطات إباحية، وتلاعباً بالألفاظ مثل «الدخول والخروج»، والمقارنة بين «النهود» الطبيعية والصناعية!في هذا السياق العجيب تهرب الكاميرا (أحمد عبد القادر) إلى السماء من دون سبب، وتتحرك الإضاءة حسب حركة الشخصية، وتتحول الموسيقى (شريف الوسيمي وشادي محسن) إلى تعليق سطحي فج، ويبلغ الهزل مداه مع الماكياج، الذي يجعل علاء مرسي كهلاً ثم يُعيده إلى شبابه مع نهاية الأحداث، ومن دون مناسبة يتحدث سعد الصغير عن مشروع قناة السويس الجديدة، ويتقافز محمود الليثي في كل مشهد، وكأنه «قرد»، وهو ما تؤكده بدرية طلبة وهي تخفف عن صافيناز بعد طلاقها منه فتقول: «اعتبريه قرد وراح»!ينتهي فيلم «عُمر وسلوى» ولا تملك سوى أن تحزن على كريم محمود عبد العزيز، الذي بدد موهبته، وتندهش لأن صافيناز أرادت أن تقلد فيفي عبده وإذا بها لا تتعلم سوى «الردح»!