أين... قطز؟
لا مراء... إن أمتنا العربية تمر بمرحلة يصعب وصفها، لما تحفل به من الكوارث!ولكن ألم يسبق لهذه الأمة أن تجرعت من التعاسات المأساوية – التي نتجرعها الآن – أكثر مما نحن عليه في وقتنا الراهن؟!
التاريخ يقول: نعم... لقد تجرعت هذه الأمة الويلات تلو الويلات، والكوارث تلو الكوارث!• لنقف قليلاً أمام هذه الحقبة التي تعتبر من أقسى فترات التاريخ العربي:- الخلافة العباسية تحتضر حينما هب عليها الإعصار المغولي فجعلها أثراً بعد عين، حينما دمرها تدميراً!- سواحل الشام كلها تحت السيطرة الأوروبية باسم الصليب، وتعاني حروباً وحملاتٍ متواصلة!- مصر تصطخب فيها النزاعات بين المماليك، وتحفل حياتها السياسية بالدسائس، والمؤامرات، والقتل المستمر بين الذين يسوسونها!- بابا روما "أنوسنت" يتواصل مع المغول لإبرام اتفاق بينه وبينهم للقضاء على المسلمين في المناطق التي احتلوها!- لكن البابا وملوك أوروبا أدركوا أن المغول في حملاتهم على العراق، والشام، وتحضيرهم لحملة على مصر، يعيدون إلى الأذهان "اتيلالا" التتري الذي أوشك أن يدخل إلى باريس وروما، فأبرموا اتفاقاً استراتيجياً تترياً صليبياً أن يكونوا في مواجهة العرب والمسلمين فقط، دون الدخول بالشأن الأوروبي!* * *• أمام كل هذه الأحداث وسواها ما الذي حدث بعد ذلك؟! يصور لنا التاريخ هذه الصورة لرسول المغول إلى مصر، حينما وقف أمام قطز ليتحدث إليه بوقاحة:- أيها الرجل إني رسول الخان الأعظم إليك، وإني...- قطز مقاطعاً: أيها المغولي إني ملك هذه البلاد فخاطبني بلقبي...- لا ملك غير سيدي الخان الأعظم، ونحن جئنا لنخيركم بين أن تسلمونا الأرض بسلام، أو هي الدماء التي ستغرقكم!- ستعرف جوابي الذي يقوله لك قائد جيوشي الظاهر بيبرس... أيها الكلب!- كلب؟! تقول لرسول مولاكم كلب؟!- أقول هذا لسيد الكلاب هولاكو نفسه! ما رأيك يا بيبرس؟!- هي الحرب يا مولاي! وليعودوا إلى سيدهم بهذا الرد.- كلا يا بيبرس، بل نفعل بهم ما يفعلون هم برسل الملوك والخلفاء إليهم، إذ إنهم يقتلونهم ويمثلون بجثثهم! وإني آمرك يا بيبرس أن تقيد هؤلاء الكلاب، ثم تخرج بهم في موكب كبير، ولتدوِّ الطبول حولهم، وليحذفْهم الناس بالحجارة ويبصقوا عليهم!* * *• هذا الأسلوب الذي استخدمه قطز استطاع به أن يُدخل الرعب على قلوب المغول، ويقضي به على أسطورتهم في "عين جالوت" فلم تقم لهم قيامة بعد ذلك، وعادت الأمة لبناء مجدها من جديد!• ولكن مشاكلنا المعاصرة، ومغولها الإسرائيلي الأميركي الداعشي تحتاج إلى قطز... فأين هو؟!