يسير اليمن بخطى متسارعة نحو مزيد من التعقيد في المشهد السياسي والأمني، بعد أن هددت جماعة الحوثي بالسيطرة على الملف الأمني في البلاد، بعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف مناصريها في صنعاء.

Ad

هددت جماعة الحوثي المسلحة أمس باستلام الملف الأمني بالكامل في البلاد اذا تعرضت لهجمات جديدة، بعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف مناصرين لها في ساحة التحرير وسط صنعاء، وأسفر عن مقتل 53 شخصا.

وقال المستشار الحوثي للرئيس اليمني، الذي انسحب من المجلس الاستشاري، صالح الصماد: «إذا لم تتحمل الجهات المعنية مسؤوليتها الأمنية فإن اللجان الشعبية ستمضي بالتعاون مع كل الأحرار والشرفاء في تأمين حياة المواطنين، وملاحقة الأدوات الإجرامية التي تنفِّذ هذه الأعمال»، في إشارة إلى إمكان تولي جماعة الحوثيين الملف الأمني المتعلق بـ»مكافحة الإرهاب».

ويطلق الحوثيون على مسلحي الجماعة اسم «اللجان الشعبية»، اثر سيطرة هذه الميليشيا على العاصمة صنعاء.

وحمّل الصماد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي واللجنة الأمنية العليا مسؤولية التفجير الانتحاري في ساحة التحرير، واتهم «جهات استخباراتية تحاول فرض مسارات تخدم مصالحها وتعمل لإرباك المشهد السياسي وفرض وصايتها على الشعب اليمني»، بالتورط في التفجير.

وأقال وزير الداخلية اللواء عبده الترب مدير شرطة العاصمة العميد عصام جمعان، وعيَّن خلفاً له العقيد عبدالرزاق المؤيد القريب من جماعة الحوثيين، وسط مخاوف من هجمات أخرى تستهدف أنصار الجماعة التي باتت اللاعب الرئيس في اليمن، إثر سقوط صنعاء في قبضتها في 21 سبتمبر الماضي.

وعزز الحوثيون أمس انتشارهم في صنعاء. وقال عضو المكتب السياسي للجماعة ضيف الله الشامي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «لابد أن يكون هناك انتشار للجان الشعبية بشكل كبير في هذه المرحلة، فعدم وجودها أدى إلى وجود ثغرات استطاعت من خلالها عناصر القاعدة تنفيذ هجماتها وسط العاصمة».

وقال الشامي إن «اللجان الشعبية تعمل إلى جانب قوات الأمن، خصوصا أن هناك تهديدات تصل إليهم ليست فقط من تنظيم القاعدة، فهناك أطراف أخرى خارجية وداخلية تسعى إلى استهداف أنصار الله من ضمنها الاستخبارات الأميركية».

إسقاط صنعاء

وكان المتحدث باسم جماعة الحوثيين (انصار الله) محمد عبدالسلام تحدث عن اتصالات جرت مع قيادات أمنية وعسكرية وسفارات أجنبية قبل سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء. وأوضح عبدالسلام في حديث تلفزيوني أن الحوثيين أرسلوا أكثر من رسالة للرئيس عبد ربه منصور هادي ولوزارة الدفاع تطالبهم فيها بأن يحترموا ما اسماه «إرادة الشعب اليمني»، مشيرا إلى أنهم تلقوا ردودا إيجابية بأن المسؤولين سيجعلون هذه «الثورة» سلمية، حسب قوله. وبين أنه تم إجراء اتصالات مع مسؤولين في وزارات ومؤسسات حكومية وسفارات أجنبية في صنعاء قبل السيطرة عليها من قبل الجماعة، واصفا ما حدث في صنعاء بأنه «انتصار للشعب اليمني ولمطالبه، وليس انتصارا لأحد أو لفصيل».

وعن موقف جماعته من الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي خاض ضد الحوثيين ست حروب، قال عبدالسلام: «أكدنا أكثر من مرة أنه يجب أن تعالج مخرجات مؤتمر الحوار الوطني هذه القضية»، لافتا إلى أن صالح لم يكن له دور في استهداف «الثورة الأخيرة».

وبخصوص استمرار سيطرة الحوثيين على العاصمة رغم توقيع اتفاق السلم والشراكة، أضاف انه تمت مناقشة تفاصيل الاتفاق مع العديد من الأطراف، نافيا خرق الحوثيين له، أو وجود سيطرة بقوة السلاح على صنعاء، وكل ما في الأمر -حسب قوله- أن «هناك لجانا شعبية تحمي مؤسسات الدولة، وتضم العديد من أبناء صنعاء».

وأردف أنه «لولا تلك اللجان الشعبية لذهبت صنعاء في سيناريو الحرب الأهلية الذي كان يخطط له من قبل أعداء الثورة»، مشيرا إلى أن اللجان ستقف جنبا إلى جنب مع المؤسسات الأمنية لحماية مؤسسات الدولة».

«أنصار الشريعة»

الى ذلك، قتل جنديان يمنيان واصيب ثلاثة أمس في انفجار عبوة ناسفة زرعها عناصر من جماعة «أنصار الشريعة»، المرتبطة بالقاعدة، استهدفت مركبة للجيش اثناء مرورها في مدينة شبام التاريخية بمحافظة حضرموت جنوب شرق اليمن، بحسب مصدر عسكري.

وكانت «أنصار الشريعة» أعلنت أمس الأول تبنيها للانفجار الذي استهدف الحوثيين في ساحة التحرير في صنعاء، مضيفة في بيان ان الانتحاري يدعى أبو معاوية الصنعاني.  

وبعد أن توعدت الجماعة مسلحي الحوثي «بنثر أشلائهم وجعل رؤوسهم تتطاير»، تبنت الجماعة أمس الأول محاولة اغتيال أحد قادة الحوثيين المدعو ابراهيم المحطوري في صنعاء بعبوة ناسفة زرعت تحت سيارته. وقال مراقبون ان الجماعة، التي قامت بسلسلة اغتيالات استهدفت ضباط الجيش اليمني واجانب، يبدو انها ستقوم بالأمر نفسه مع الحوثيين، مشيرين الى انها تملك الخبرة اللازمة لذلك والدافع ايضا.

مجلس الأمن

وجدد مجلس الأمن الدولي مساء أمس الأول مطالبته للجماعات المسلحة في اليمن بتسليم كل الأسلحة المتوسطة والثقيلة للجهات الأمنية الشرعية التابعة للدولة، وفقا لما نصت عليه بنود اتفاق السلم والشراكة، الذي تم توقيعه في 21 سبتمبر الماضي، لإنهاء الأزمة بين السلطات وجماعة الحوثي.

ودعت رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي السفيرة الأرجنتينية ماريا كريستينا بيرسيفال، في بيان أصدره المجلس، كل الأطراف، إلى العمل وبشكل بناء للتطبيق الكامل والعاجل لجميع بنود اتفاق السلام والشراكة الوطنية، بما في ذلك تسليم كل الأسلحة المتوسطة والثقيلة للجهات الأمنية الشرعية التابعة للدولة.

كما جدد المجلس دعوته للأطراف اليمنية بمواصلة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة. ودان البيان الهجمات الانتحارية التي استهدفت الحوثيين والجيش.

(صنعاء، رويترز - أ ف ب)