هبوط النفط يدفع دول الخليج لسحب أصول كبيرة من الأسواق
من المرجح أن تواجه جميع حكومات مجلس التعاون عجزاً في الميزانية
مع تخطيط الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون لاستراتيجياتها لعام 2015، من المتوقع أن تتعامل مع الأجواء الجديدة بشكل مختلف، وقد يكون عدد قليل منها أكثر تحفظاً في قرارات الاستثمار.
مع تخطيط الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون لاستراتيجياتها لعام 2015، من المتوقع أن تتعامل مع الأجواء الجديدة بشكل مختلف، وقد يكون عدد قليل منها أكثر تحفظاً في قرارات الاستثمار.
قد يدفع تهاوي أسعار النفط صناديق الثروة السيادية لدول الخليج العربية إلى سحب عشرات المليارات من الدولارات من الأسواق العالمية في العام الحالي، ومن المتوقع أن يأتي أغلب الأموال المسحوبة من أدوات الدين الدولارية الأميركية والودائع المصرفية في الخارج.لكن - في إطار توازن حساس بالنسبة للصناديق المكلفة بتنويع اقتصادات دولها بعيدا عن الهيدروكربونات - من المتوقع أن يظل الكثير منها نشطا في القيام باستثمارات طويلة الأجل في قطاعات مثل البنية التحتية والعقارات مع زيادة التركيز على الدول النامية بدلا من الاقتصادات الأوروبية المتباطئة.
وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن كانت الصناديق السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي الست مستثمرا رئيسيا في أسواق الأوراق المالية للدول المتقدمة واشترت حصصا في شركات بارزة مثل توتال وفولكسفاجن كما استثمرت في القطاع العقاري الأوروبي.ونمت تلك الصناديق سريعا حيث تشير بيانات لصندوق النقد الدولي إلى أن قيمة الصناديق السيادية الخليجية - بما في ذلك الأصول الخارجية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي) - تبلغ حاليا نحو 2.43 تريليون دولار إجمالا. وأغلب تلك الأموال مستثمر في الخارج.الإيرادات الحكوميةلكن من المتوقع أن يتأثر النمو مع تراجع إيرادات الحكومات من صادرات الطاقة بسبب انخفاض أسعار النفط حوالي 60 في المئة خلال الشهور السبعة الماضية - إذ ان إيرادات النفط هي المصدر الرئيسي للأموال الجديدة للصناديق.وتشير تقديرات لمؤسسة كابيتال إيكونوميكس إلى أنه إذا بلغ متوسط سعر خام القياس العالمي برنت 60 دولارا للبرميل في العام الحالي فستواجه دول مجلس التعاون الخليجي عجزا في ميزان المعاملات الجارية يبلغ 60 مليار دولار وهو الأول منذ العام 1998. وقد يوقف هذا التدفقات الصافية للإيرادات النفطية الجديدة على الصناديق بشكل كامل.بل إن التدفقات قد تغير اتجاهها في الواقع. وقد تضطر الحكومات الى تصفية بعض أصول الصناديق لتغطية عجز الميزانية مع انخفاض إيراداتها. وإذا بقيت أسعار برنت عند مستواها الحالي قرب 50 دولارا للبرميل فمن المرجح أن تواجه جميع حكومات مجلس التعاون الخليجي عجزا في الميزانية.ومستويات العجز المتوقع ضئيلة بالمقارنة مع حجم الصناديق ولذا يقول مصرفيون ومحللون مطلعون على عمليات تلك الصناديق إن دول الخليج ستتفادى أي عمليات بيع واسع النطاق للأصول على النقيض من دول مصدرة للنفط تواجه أزمات مثل روسيا.لكن مايكل مادويل رئيس معهد صناديق الثروة السيادية، مقره الولايات المتحدة الذي يتابع هذا القطاع قال إنه حتى قبل بدء تهاوي أسعار النفط كان هناك ميل لدى بعض الصناديق السيادية لنقل مزيد من الأموال إلى أوطانها لدعم النمو الاقتصادي المحلي، مضيفا أن هذا الاتجاه قد يزداد قوة.الاقتصادات الناشئةوذكر دييجو لوبيز، مدير وحدة صناديق الثروة السيادية لدى شركة بي.دبليو.سي الاستشارية إن الصناديق تتطلع للاستثمار في أصول مثل البنية التحتية والعقارات، لكنها تسعى بشكل متزايد للاستثمار في الاقتصادات الناشئة مع ندرة الفرص في الدول المتقدمة.وعلى سبيل المثال، أعلن جهاز قطر للاستثمار في الآونة الأخيرة عن حملة كبيرة في آسيا إذ يهدف لاستثمار 15-20 مليار دولار على مدى خمس سنوات لتنويع محفظته التي تركز على أوروبا.ورفض جهاز أبوظبي للاستثمار وجهاز قطر للاستثمار وصندوق الاحتياطي العام العماني التعليق. ولم ترد شركة ممتلكات البحرين القابضة (ممتلكات) وهي صندوق الثروة السيادية البحريني والهيئة العامة للاستثمار الكويتية ووزارة المالية السعودية ومؤسسة النقد العربي السعودي على طلبات للتعليق. وقد تكون السعودية صاحبة أكبر نصيب من السحب من الأسواق العالمية. وبلغت الأصول الأجنبية الصافية للبنك المركزي السعودي 732 مليار دولار في نوفمبر منها 545 مليار دولار في صورة أوراق مالية و131 مليارا ودائع في بنوك بالخارج. ومن المعتقد أن الغالبية العظمى من تلك الأصول بالدولار الأميركي وخاصة سندات الخزانة الأميركية.وتتوقع الحكومة عجزا قياسيا في الميزانية قدره 38.7 مليار دولار لعام 2015. ويعتقد محللون أن تلك التقديرات تفترض متوسط سعر للنفط قرب 60 دولارا للبرميل ومن ثم فإنه إذا بقي برنت قرب 50 دولارا فقد تواجه الرياض عجزا في حدود 50-60 مليار دولار.الاقتراض أو تقليص الأصولوربما تغطي المملكة ذلك العجز بالاقتراض أو بتقليص الأصول المحلية حيث تملك الحكومة ودائع تعادل 96 مليار دولار في بنوك تجارية سعودية. لكن صناع السياسة السعوديين يميلون إلى تجنب الاستدانة ولن يرغبوا في إلحاق الضرر بالاقتصاد بتقليص السيولة في النظام المصرفي.لذلك فإن جزءا كبيرا من عبء تغطية العجز أو كل العبء سيقع على الأرجح على عاتق الأصول الخارجية للبنك المركزي. كان هذا ما حدث في آخر مرة سجلت فيها السعودية عجزا كبيرا في الميزانية بلغ 12 مليار دولار في عام 2009 بسبب انهيار أسعار النفط.وانخفضت استثمارات البنك المركزي في الخارج في ذلك العام 7 في المئة وتراجعت ودائعه في الخارج 12 في المئة قبل العودة للنمو في 2010 بعد تعافي أسعار النفط.ومن المعتقد أن الإمارات وقطر والكويت تحتاج إلى أسعار للخام أقل كثيرا مما تحتاج اليه السعودية للوصول إلى مستوى التعادل بين الايرادات والمصروفات في ميزانياتها ولذا فإن الدول الثلاث ستواجه عجزا أقل في ظل سعر للنفط 50 دولارا للبرميل وضغوطا أقل لبيع أصول.العوائد السنوية للأصولوقد تكون العوائد السنوية لأصول الصناديق الحالية كافية لتغطية العجز في تلك الدول. وعلى أي حال فقد تحجم الصناديق عن بيع أصول ثمينة في قطاعي العقارات أو الاستثمار المباشر نظرا لما قد يترتب على ذلك من خسارة للهيبة.ومع تخطيط الصناديق لاستراتيجياتها لعام 2015 من المتوقع أن تتعامل مع الأجواء الجديدة بشكل مختلف. وقال مادويل إن عددا قليلا منها قد يكون أكثر تحفظا في قرارات الاستثمار، وضرب مثلا محتملا على ذلك بالهيئة العامة للاستثمار الكويتية.لكن مصرفيين أشاروا إلى أنه رغم أن انخفاض أسعار النفط ضغط على الماليات العامة للحكومات فهو يجعل من الضروري بشدة لها أن تطور أنظمة مالية لا تكون شديدة التأثر بهذا القدر بالتقلب في أسعار النفط ولذا فإن أنشطة الصناديق حيوية لها.وقال مصرفي كبير في الدوحة إن حجم الصناديق زاد كثيرا في السنوات الأخيرة بدرجة تجعلها أقل اعتمادا على تلقي مبالغ كبيرة من إيرادات النفط الجديدة كل عام.وأضاف: "لا تزال توجد سيولة كافية تضمن إتمام صفقات... حتى التي تراوح بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار. "إذا كنت تملك صندوقا يتراوح حجمه بين 500 و600 مليار دولار فإن استغلال العوائد فقط قد يتيح لك 20 مليار دولار سنويا جاهزة للإنفاق".(رويترز)