ولد في عمان عام 1971، رفيق مجذوب رسام عصامي يقيم في بيروت ويعمل فيها. يشارك منذ 1994 في معارض جماعية في لبنان على غرار معرض الخريف في متحف سرسق، ويعرض لوحاته في معارض فردية خاصة به. فنان غرافيكي، عرض مجذب لوحاته في البرتغال وفرنسا والأردن.
بعدما احتضنته بيروت وتبنته، احتل مجذوب مكانة مهمة في الرسم التشكيلي اللبناني. لوحاته خام، ساخرة، متوترة، تظهر الزوايا ووجوهاً معذبة كما لو كانت ترجمة مرئية لأغاني «توم ويتس». له كتاب في عنوان «الوعي الخام».لوحات مجذوب التي تدخل ضمن مدرسة الفن المعاصر، تركز على السعي الدائم لاكتشاف نفسه، كل خط، نغمة، رسمة، وضربة فرشاة... تترك أثراً وتخلق انطباعاً بأن الفنان في تطوّر مستمرّ.نوعية القماش التي لا تنتهي تتناغم مع عدم قدرة الإنسان على إكمال العمل في عالم يسوده التجزئة والتفتت... وتظهر براعة مجذوب في التعامل اللوني مع التوتر ونفاد الصبر والسرعة، مفضلاً إهمال التفاصيل المحسوبة بدقة خلال الرسم الارتجالي والتعبيري.تطهير الذات«المطر في داخلي»، معرض رفيق مجذوب الجديد، أراده بمثابة تطهير لذاته من الداخل، فالمطر، بالنسبة إليه، يغسل كل شيء، ومواجهة يوم جديد تتم من خلال وجه تطهر بنور الصباح على المرآة، ليس هذا فحسب، بل كل شيء في الصباح يبدو غريباً واستثنائياً، القهوة تملأ فراغ الوقت وآثارها ترسم على قطعة قماش مبللة خطوطاً، السيجارة تترك بدورها خطوطاً سوداء تتكرر كل صباح، وبغسلها كلها بالماء تحصل على نوع من الحياة، وترسم بعض قطرات الماء المنسابة صورة وجه... يستمر الانتظار، انتظار الوقت الذي يمكن القيام فيه بالإنتاج... مساحة بيضاء فارغة، خطوط سوداء مراراً وتكراراً، الخروج وترك المطر يغسل كل شيء... غداً بالنسبة إليه مجرد يوم آخر...جوه تعبر عن الألم والمعاناة والصراخ، لكنها تتسم بقدر من السخرية والتوتر، أمام العذابات البشرية، عبر التكوين الحاد للوجه والألوان الغامقة التي تعزز الشعور بالألم. لم يكترث رفيق مجذوب يوماً للطبيعة، فالمعاناة بالنسبة إليه، تتجسد في الوجوه وفي الرموز المتمثلة بالطيور... لذا تطغى على لوحاته الخطوط التي تعكس شكلا يخترق ذات الناظر إليه وينقله إلى عوالم أخرى، قد يتقاسمها مع الرسام أو قد توقظ فيه ذكريات وحنيناً إلى ماضٍ أو حتى حاضر، قد لا يكون جميلاً إنما قد يحث على البدء من جديد.صدق وواقعيةلوحات رفيق مجذوب هي جزء من حياته أو بالأحرى جزء من يومياته، فالأحداث التي يمرّ بها يسجلها بطريقة أو بأخرى في لوحاته. سخر من الموت فلقنه الموت درساً بأن أحرق منزله، وإذا بهذه الحادثة تحثه على رسم لوحات تنبئ خطوطها بما لديه من تهكم من الحياة ومن الموت على السواء.تندرج بعض لوحاته ضمن النقد الاجتماعي، إذ سجل فيها كيفية تعامل المجتمع مع قضايا معينة مثل الانتخابات وبعض مشاهد من مقاهي بيروت وشوارعها. معظم رسوماته مرفقة بجمل هي مفتاح لولوج عالم الرسام الداخلي والإضاءة على جوانب من شخصيته ومن آلامه وآماله.في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وفيما كانت بيروت ورشة إعمار، شارك في {مشروع الصنائع} (1995)، بمشهديّة بانوراميّة هي عبارة عن وضع كميّة من التراب على الأرض، وسيّج المساحة بشريط أصفر مع عبارة: {نعتذر عن تقديم العمل بسبب الأشغال}.في كتابه {الوعي التام} دوّن، من خلال الرسوم، مسيرته في الإدمان وشفاءه منه، مؤكداً تجاوزه هذا الخطر والإصرار على أن يبدا بداية جديدة.صدر الكتاب على شكل دفتر دوّن فيه بالكلمة والخط يوميات علاجه في أحد مستشفيات بيروت، معتمداً الصدق والشفافية في رسم حالته بكل تناقضاتها ونقاط قوتها وضعفها وصراعها، وإذا كانت السوداوية هي السمة الطاغية على الرسوم، إلا أن ثمة بياضاً غير مرئي يظهر من خلف السواد ينبئ ببدايات جديدة لا تنتهي.
توابل - ثقافات
«المطر في داخلي» لرفيق مجذوب... تكرار البدايات مع كل صباح
08-01-2015