فاجأنا الرئيس باراك أوباما، بعد ساعات من لقائه مع قناة العربية، الذي شدد فيه على عدم قدرته على فعل شيء في المأساة السورية والجرائم الإنسانية التي ترتكب فيها، بعملية داخل الأراضي السورية، استخدمت فيها قوات برية أميركية لقتل أو أسر من يدعى "أبوسياف" التونسي، الذي زُعم أنه مسؤول ملف النفط في جماعة "داعش" وأحد قيادييها، والذي تزامن مع إعلان النظام السوري تفاصيل العملية، وبث صور عنها في وسائل إعلامه المختلفة من موقع الحدث في دير الزور، ما يشير إلى وجود تنسيق مباشر أو غير مباشر بين واشنطن ودمشق.
التنسيق بين أوباما ونظام الأسد غير مستبعد، خاصة أن تصريحات أوباما الأخيرة عن سورية تبعث رسائل تطمين إلى نظام بشار الأسد، عبر تأكيده أن لا حل عسكرياً للأزمة السورية، ولن يطرأ على الوضع السوري جديد حتى نهاية ولايته في عام 2017، وترجمة ذلك الواقعية إلى النظام الأسدي بأن أميركا، بل الغرب كله، لن يسعى إلى إسقاط نظامه، و"أن لديك متسعاً من الوقت حتى ذلك التاريخ"، وهو ما عكسه أيضاً تصريح وزير خارجيته جون كيري "النظام السوري لن يكون جزءاً من مستقبل سورية على المدى البعيد".طبعاً أميركا والغرب كانا قادرين على أن يوقفا المأساة السورية عبر المناطق الآمنة وعمليات محدودة لتدمير سلاحه الجوي ومدارج مطاراته التي تلقي البراميل المتفجرة والغازات السامة على المدن والبلدات السورية، وتتسبب في كوارث إنسانية، ولكنهم لم يفعلوا، وبدلاً من ذلك تقوم القوات الخاصة الأميركية بعملية لقتل أبوسياف – وهو اسم متداول بكثرة بين الجماعات الأصولية لأكثر من شخصية - وتربطه بقصة رهائن أميركيين، بينما يرى بعض المراقبين أن العملية ربما تستهدف تمكين النظام السوري من إعادة السيطرة على مرافق نفطية تعزز قدراته المالية واللوجستية، خاصة أن هناك معلومات عن أن أبوسياف الحقيقي هو نبيل الجبوري العراقي، وليس التونسي الذي قتل!وأنا لا أستبعد أن تقوم إدارة أوباما بذلك، خاصة بعد تغزله الدائم في إيران، وكلامه المتناقض عن أنها تدعم الإرهاب، بينما إدارته ترفع ذراع إيران الضاربة (حزب الله اللبناني) من قائمة الإرهاب الأميركية، وهو قرار أعتقد أنه اتخذ للالتفاف على القرار الأممي رقم 2178 الخاص بالمقاتلين الأجانب الإرهابيين، الصادر تحت الفصل السابع، والذي يجرّم انتقال مقاتلين أجانب إلى دولة أخرى للتحضير لعمليات إرهابية، ولكن واشنطن والأمين العام للأمم المتحدة يتجاهلان أن القرار يشمل أيضاً المقاتلين الأجانب الذين يشاركون في نزاع مسلح داخلي، وهذا ما يفعله أعضاء ميليشيا حزب الله اللبنانيين في سورية.ووفقاً للقرار الأممي المذكور، الصادر في سبتمبر الماضي، فإن جميع أعضاء ميليشيا حزب الله، الذين يقاتلون في سورية ويعودون لقضاء إجازات عند زوجاتهم أو أهاليهم في الضاحية الجنوبية والنبطية وبعلبك، أو تنتهي مهمتهم في سورية، مطاردون ومجرمون من قبل المجتمع الدولي والإنتربول، ويمكن استخدام القوة وفقاً للفصل السابع لجلبهم إلى العدالة، ولكن لم يحدث أن طالبت سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا أو الأمم المتحدة في بيروت بتطبيق القرار 2178 على الميليشيات اللبنانية التي تقاتل في سورية، لأنهم فعلياً يريدون حماية النظام هناك، ولذلك فإن الشكوك التي ثارت حول عملية أبوسياف، وضلوع النظام السوري في المشاركة بها مع الجانب الأميركي، جديرة بأن تؤخذ على محمل الجد.***كم أتعجب من قدرة وسائل الإعلام الإيرانية، وحليفاتها من قنوات فضائية وصحف عربية ممولة منها، على أن تستمر في تسويق فكرة العداء لأميركا و"الشيطان الأكبر"، بينما تفعل أميركا كل ما تفعل لحماية مصالح إيران في العراق وسورية ولبنان وحتى اليمن، وكيفية تحمّل المؤمن الإيراني الجلوس كل هذه الفترة مع "الشيطان" في خلوة طويلة في مسقط دون أن يغويه؟!
أخر كلام
من هو أبوسياف... يا أوباما؟!
21-05-2015