على حلف شمال الأطلسي اكتشاف علة وجوده مجدداً
![ديلي تلغراف](https://www.aljarida.com/uploads/authors/407_1686420672.jpg)
لا شك أن قدرة "الناتو" على الرد بفاعلية على هذه المخاطر الكثيرة تعتمد في المقام الأول على ما إذا كان يستطيع التوصل إلى القيادة والإرادة السياسية الجماعية الضروريتين لاتخاذ خطوات حاسمة ضد أعدائه الكثر. ففي منظمة تتطلب عملية صنع القرارات فيها إجماعاً واسعاً، تصطدم محاولات التوصل إلى سياسة مشتركة غالباً بانشقاقات سياسية عميقة، وقد تجلت هذه الانشقاقات أخيراً من خلال الطريقة التي سعت بها القوى الأوروبية إلى الرد على الأزمة الأوكرانية مع رفض دول مثل ألمانيا وإيطاليا دعم رد أكثر تشدداً أيدته بريطانيا والولايات المتحدة. فضلاً عن ذلك، عانت قضية "الناتو" بسبب رفض الرئيس باراك أوباما التدخل في الصراعات في الخارج، وقد تجلت مقاربة أوباما المنعزلة هذه بوضوح الأسبوع الماضي حين أقر الرئيس: "لا نملك استراتيجية بعد للتعاطي مع مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) رغم هجماتهم المميتة على مواطنين أميركيين".من الجيد أن ثمة إشارات مشجعة إلى أن عدائية بوتين في شرق أوروبا قد أيقظت أخيراً قادة الحلف من سباتهم العميق، فقبل القمة الأخيرة أعلن أندريس راسموسن، الأمين العام لـ"الناتو" المنتهية ولايته، تأسيس قوة تدخل سريع جديدة مؤلفة من 4 آلاف عنصر قادرة على التفاعل مع أي أزمة مستقبلية في شرق أوروبا في غضون 24 ساعة. كذلك ستتعرض دول أعضاء أوروبية كثيرة لضغط كبير كي تفي بالتزامها بإنفاق 2% من إجمالي ناتجها القومي على الدفاع، وينطبق هذا على بريطانيا حيث ذكر الدكتور ليام فوكس أخيراً أن على ديفيد كاميرون الإعراب عن التزام قوي بإبقاء الإنفاق على الدفاع 2%، بالإضافة إلى ذلك، يشكّل قرار إنشاء مراكز لوجستية جديدة على طول الحدود مع روسيا بغية تسريع عملية تزويد المعدات العسكرية، إن وقعت أزمة جديدة، مؤشراً مرحباً به، إلا أن أعضاء الحلف ليسوا مستعدين لتقبّل أي غزوات جديدة ينفذها الكرملين، ولا شك أن هذه كلها إشارات مشجعة إلى أن الحلف أعاد اكتشاف علة وجوده الحقيقية: كل ما نحتاج إليه اليوم أن تقدّم الدول الأعضاء قيادة سياسية فاعلة.