تطرقت المحكمة الدستورية إلى أن قوة القانون التي تحملها المراسيم الصادرة في غيبة مجلس الأمة «تظل بها ولا تزول عنها إلا في حالتين، الأولى إذا لم تعرض على مجلس الأمة في أول اجتماع، والثانية إذا لم يقرها المجلس».

Ad

مرسوم بقانون الصوت الواحد

أصدرت المحكمة الدستورية منذ أيام حكمها القاضي برفض الطعن بعدم دستورية مرسوم بقانون الصوت الواحد، وهو الطعن المقدم من المحامي صلاح الهاشم، على سند من بطلان إجراءات العرض على مجلس الأمة، لأن رئيس السن هو الذي أحال هذا المرسوم بقانون، وأنه بذلك يكون قد جاوز صلاحيته الدستورية التي تقتصر على إجراء انتخابات الرئاسة، وأن المادة (112) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة قد أسندت هذا الاختصاص إلى رئيس المجلس.

وقد أسست المحكمة قضاءها برفض الطعن على أن خطاب المادة (71) من الدستور هو خطاب موجه إلى الحكومة، وليس موجهاً إلى مجلس الأمة، وهو ما يعني إيداع المرسوم بقانون في المجلس لتمكين المجلس من تمحيصه وفحصه ودرسه والخلوص إلى رأي فيه، بما يستتبع ذلك أن يكون عرض هذا المرسوم من جانب الحكومة على مجلس الأمة عرضاً فعلياً كافياً وافياً.

وتطرقت المحكمة إلى أن قوة القانون التي تحملها المراسيم الصادرة في غيبة المجلس "تظل بها ولا تزول عنها إلا في حالتين، الأولى إذا لم تعرض على مجلس الأمة في أول اجتماع، والثانية إذا لم يقرها المجلس، مؤكدة "اليقين أن المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2012 قد تم عرضه على المجلس بالفعل، فمن ثم يغدو ما أثاره الطاعن في سبب طعنه على غير سند صحيح"، وعليه حكمت المحكمة برفض الطعن.

أزمة المرسوم بقانون 58 لسنة 2001

وقد أعاد هذا الحكم إلى الأذهان المرسوم بقانون رقم 58 لسنة 2001 بتعديل قانون ادعاءات الملكية الذي صدر في 5 أكتوبر، وقامت الحكومة بإحالته إلى المجلس في اليوم التالي لصدوره، أي في 6 أكتوبر، إلا أنه لم يدرج في جدول أعمال المجلس إلا في جلسة 22 أكتوبر، وهو ما اعتبره الرئيس الأسبق السيد/ أحمد السعدون، مخالفاً لحكم المادة (71) من الدستور، الأمر الذي طالب معه استبعاده من الجدول، لزوال كل أثر له لعدم عرضه في الميعاد الذي حددته هذه المادة.

وبالرغم من أن رئيس المجلس حينئذ السيد جاسم محمد الخرافي قد قرر - بحق - أن الحكومة قد أحالت المرسوم بقانون في الموعد المحدد بنص المادة وأن الإجراءات الدستورية سليمة، وأن الخطأ وقع في المجلس، الذي اعتبره البعض خطأ الأمانة العامة، وما ثبت من أن الخطاب الأميري الذي ألقي في حفل افتتاح المجلس قد أشار إلى صدور هذا المرسوم بقانون، إلا أن النقاش قد أقفل، انتظاراً لتقديم الحكومة مشروعاً بقانون بديلاً، وهو ما وعدت به.

وهو الأمر الذي تناولتُه في دراسة لي نُشِرت علي صفحات جريدة القبس في عددها الصادر 11/11/2001 تحت عنوان "التداعيات الدستورية والقانونية في قضية عرض المرسوم بقانون على مجلس الأمة"، حذرت من ذلك ونبهت إلى خطورته، لأن الحكومة قامت بما يمليه عليها التزامها بعرض المرسوم بقانون على المجلس في الموعد الدستوري لهذا العرض، وأنها لا تعد جدول أعمال المجلس، ولا تشارك في إعداده حتى تتحمل مسؤولية خلو الجدول من هذا المرسوم بقانون، في أول جلسة للمجلس.

وذكرتُ أن المحاكم ستعتبر المرسوم بقانون قائماً ومعمولاً به، إذا قدم لها ما يدل على قيام الحكومة بإحالة هذا المرسوم بقانون إلى المجلس فور صدوره، وأن مضابط المجلس الرسمية والتي تنشر في الجريدة الرسمية تثبت بما لا يدع مجالاً للشك هذه الإحالة، وهي واقعة مادية يمكن إثباتها بكل الطرق، وأن على المجلس رفض هذا المرسوم بقانون قبل إقرار مشروع القانون الذي وعدت الحكومة بتقديمه، وهو ما أقرتني عليه اللجنة التشريعية بمجلس الأمة والمجلس ذاته بالإجماع.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.