فهد راشد بورسلي

نشر في 11-05-2015
آخر تحديث 11-05-2015 | 00:01
 فوزية شويش السالم حِرتُ ماذا أطلق على هذا الكتاب الذي كتبه وجمعه الكاتب الكويتي حمد الحمد، هل هو حالة رصد لشعر فهد بورسلي وشرحه وتحليله، أو هو محاولة كشف عن طبيعة العصر الذي كُتبت فيه، ولمن وجهت إليه هذه القصائد التي عكست حال قائلها؟

لكن في كل الأحوال لا يمكن أن نطلق على هذا الكتاب اسم سيرة حياة للشاعر الشعبي الكبير فهد بورسلي، هذا الشاعر الذي كان علامة مميزة في عصره، والذي حمل بكل جدارة لقب شاعر الأمة ولسان حالها في زمن خلا من وسائل الإعلام المرئي والكتابي، وبات واحدا من رواد مسيرة التنوير الكويتية.

كنت أتمنى لو أن الزميل الكاتب حمد الحمد تجرأ أكثر وغاص في تفاصيل حياة شاعرنا المبدع فهد بورسلي وفكك قصائده وفتح مغاليق أسرارها وكشف عن مستورها، خاصة في ما يتعلق بحياة الشاعر العاطفية والإنسانية التي تحاشاها الكاتب وأغمض عينيه عنها مع كل أهميتها، فهي الترمومتر الذي يبين للقارئ تكويناته  النفسية وأسباب عذاباته التي قادت إلى وضعه في مستشفى للأمراض النفسية بدون أن يكون مريضا نفسيا، هناك فجوة كبيرة لم يستطع الكاتب تغطيتها، وذلك يعود إما لطمس المعلومات الخاصة بالشاعر من قبل كل من عاصره، أو أن الكاتب تجنب إيذاء الملامة ووجع الرأس الذي سيأتيه من قبل المسألة في مجتمع لا يحب الكشف والخوض في تفاصيل حياة أفراده، خاصة أنه مجتمع صغير يرتبط جُل أفراده بعلاقات دم ومصاهرة تخاف الفضح والمجاهرة بما يتعلق بحياة الأفراد الحميمة والخاصة والتي ستنعكس بلا شك على حياة آخرين مازالوا على قيد الحياة.

خسارة أن تُكتب الكتب عن حياة هذا الشاعر المبدع دون أن تقود إلى الكشف عن أسباب معاناته، وعن مكونات شخصيته الإنسانية والنفسية وكيف تكونت وتبلورت ومن أثر فيها، وما هو دور الحب في حياته التي جاء ذكره في شعره وأغانيه، لأنها حتما لها علاقة بحياته وليس كما ألمح الكاتب من وقع خيال الشعراء، ثم الأهم من هذا كله لماذا لم تُذكر أسباب وضعه في مستشفى الأمراض النفسية الذي حاول الكاتب تخفيف وقعه بأن أطلق عليه مصح الأمراض النفسية، والكل يعلم أنه لم يكن مصحا منذ بداية نشأته.

حينما تُكتب السيرة يجب أن تلم بكل تفاصيل حياة من تكتب عنه بكل ما فيها من خير أو شر سواء كان جيدا أم سيئا، دون الالتفاف حولها وتحاشي بعضها، لكن لو اعتبر هذا الكتاب مجرد وثيقة لجمع قصائد الشاعر وشرح أسباب كتابتها ولمن وجهت له هذه القصائد تبقى في هذا الحيز مقبولة لكن لا تعتبر إضافة لحياة من كتبت عنه الذي مُلئت صفحات "غوغل" بها.

يبقى الشكر للزميل حمد الحمد الذي قام بجمعها ووفر للقراء كتابا يحتويها، ويلم بكل تفاصيل أسباب كتابتها، مما يسهل عمل الباحثين عن شعره الذي أمتعتني قراءته برغم نقص معلوماته.

فهد بورسلي شاعر شعره مدونة لكل أحداث زمنه المهمة، ففيه رصد لكل التحولات في أوضاع الكويت الاجتماعية والسياسية وأيضا وضع الأمة العربية، فقد كان كشافا لعصره، فمن سنة الهدامة التي أغرقت سيول الأمطار فيها مدينة الكويت وهُدمت بيوتهم وكشفت حال الكويت في ذاك العصر الشبيه بحال بنغلادش، حيث قام المطر بجرف بيوتها، وأيضا قصيدته عن زمن البطاقة، ويقصد بها البطاقة التموينية التي وزعتها الحكومة على الشعب أيام الحرب العالمية الثانية، حيث سجل فيها أوضاع الناس في الكويت، كذلك كتب عن أيام الغوص ونقص الماء وتعليم البنات، فقد كان إحساسه بشعبه وبناسه وبتفهمه لكل مشكل عصرهم ومعاناتهم الحياتية كبيرا، كما أنه رصد تغير أخلاق وطباع الناس من بعد اكتشاف البترول وتدفق الثروة في الكويت وأفواج القادمين إليها، مما قلب معايير العلاقات وتغيرها، الأمر الذي أزعج الشاعر المرهف الإحساس.

الشاعر لا يموت، فكلماته وأغانيه ما زالت تُردد إلى يومنا هذا حية لا تموت وهي من أجمل الأغاني الكويتية التي باتت من تراث الكويت الفني المهم.

يبقى هذا الكتاب إضافة مهمة لرصيد الشاعر فهد بورسلي إذا  لم يُحتسب كسيرة حياتية له، ويبقى الشكر للمجهود الذي بذله الكاتب في جمعه ورصده.

back to top