عودة إلى نظام التنديل

نشر في 10-02-2015
آخر تحديث 10-02-2015 | 00:01
كم أتمنى أن يقوم أحد أعضاء مجلس إدارة جمعية مشرف ومنطقة ضاحية مبارك العبدالله بجولة في مبنى جمعية غرب مشرف الجديد ليرى مقدار ما وصلت إليه حاله من سوء، وقس على ذلك أغلب مشاريع الدولة من سوء في التخطيط وبطء في التنفيذ وعدم مراقبة للعمل.
 يوسف عبدالله العنيزي في أحد اجتماعات السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج، وبعد انتهاء حفل الغداء الذي أقامته وزارة الخارجية في "معهد الشيخ سعود الناصر" الدبلوماسي الذي يقع في أحد البيوت الكويتية القديمة على شارع الخليج العربي، سعدت بمرافقة الأخ العزيز أحمد الكليب، وكان يشغل وقتها منصب سفير دولة لدى جمهورية مصر بجولة في ذلك المبنى القديم بجدرانه المطلية بالجص الأبيض، وكأنها طليت بالأمس، والسقف الرائع المبني بالجندل والباسجيل والبواري، ليس هناك أثر لخرير أو تسرب لمطر أو مياه.

 يا له من مبنى رائع يعبر عن الأصالة والتفاني في العمل مع قلة المردود المادي الذي لا يتجاوز دراهم معدودة أو أحيانا "أكل بطنة"، ومع ذلك كان هناك نظام التنديل المشرف على العمل والأداء! نظر "بوخالد" إلى ذلك المبنى بإعجاب قائلا: "تصدق بو عبدالله أنه لم يستخدم في بناء هذا البيت الرائع المتر أو الفرجال أو أي من المقاسات والخرائط الحديثة، ومع ذلك ترى هذا السقف وهذه الجدران وكأنهم قد انتهوا من بنائها بالأمس القريب".

وبالتأكيد جاء ذلك من إخلاص وتفانٍ وأخلاق جبل عليها ذلك الجيل من بناة الكويت ومؤسسيها، بوصلتهم في ذلك الصدق والإخلاص في أداء الأمانة والتكافل والعفة عن الكسب الحرام، ولا نريد أن نصور المجتمع الكويتي بالمجتمع المثالي أو بمدينة أفلاطون الفاضلة، ولكن التاريخ والأفعال تثبتان لنا بعض تلك الصفات الحميدة.

 ولو نقلنا تلك الصورة إلى واقعنا الحالي لهالنا ما وصلنا إليه من تردٍّ وانتشار للنميمة والغيبة، وشتم وشماتة وتشفٍّ وردح إعلامي لم نكن نعرفه من قبل، فأين الإخلاص في العمل في ظل ما نراه في شوارعنا من حفر تبدأ ولا تنتهي، وامتلأت الطرق بأسياخ تركز ثم تحاط بالشريط الأحمر والأبيض ثم ينساها من حفرها أو حتى لماذا حفرها، ولعل مثالا بسيطا على ذلك ما نشهده في شارع المسجد الأقصى الذي يمتد من إشارة شارع التعاون حتى الكلية الأسترالية في منطقة غرب مشرف، وطوله تقريبا ثلاثة كيلومترات فقط، بدأ العمل بإصلاحه وإعادة ترميمه منذ عام 2012 ومازال.

 وأكملت صورت تلك الدراما إدارة جمعية بيان التعاونية، فأزالت بعض الدورات الخضراء وبعض النخيل الرائع، وقامت ببناء أضرحة ومجسمات لا أحد يعرف عن ماذا تعبر، وليس من قام بذلك إدارة جمعية مشرف ومنطقة ضاحية مبارك العبدالله ولا أدري سبب الربط بينهما، علما أن مبنى جمعية غرب مشرف قد تم الانتهاء من بنائه منذ أكثر من ثلاث سنوات ولم يتم افتتاحه حتى الآن.

 وكم أتمنى أن يقوم أحد أعضاء مجلس الإدارة بجولة في هذا المجمع ليرى مقدار ما وصلت إليه حاله من سوء، وقس على ذلك أغلب مشاريع الدولة من سوء في التخطيط وبطء في التنفيذ وعدم مراقبة للعمل، لماذا عدنا الى آخر الركب بعد أن كنا قادته؟ من المسؤول؟ ومن يقود البلاد إلى المزيد من الانحدار؟

متى ندرك قيمة الإنسان؟ ومتى ندرك قيمة الوقت؟ ولماذا البحث دائما عن الأرخص والأسوأ ونضيع في دوامة الدورة المستندية، ومجالس أمة يكاد الفساد والصراخ فيها يدمر أركان الدولة؟ وإنني أرجو المعذرة على هذا الطرح، ولكن يشهد الله أنه صادر من قلب محب لهذا الوطن وأهله.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top