على ضوء إرجاء لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة خلال الشهر الماضي البت بالاقتراحات المتعلقة بتعديل قانون الإيجارات، وذلك لمزيد من الدراسة، وكان من بينها تحديد القيمة الإيجارية للغرفة والشقة على حسب المساحة.

Ad

استطلعت «الجريدة» آراء عدد من خبراء العقار فيما يخص تلك المقترحات، وأكد الخبراء أن أسعار الإيجارات تختلف من منطقة إلى أخرى، وفقاً لمبدأ العرض والطلب، إضافة إلى التشطيبات والخدمات المرافقة، ومن غير المعقول أن يتم تحديد قيمة إيجارية معينة لجميع الشقق في مختلف المناطق.

وقال الخبراء إن الكويت تعتبر دولة رأسمالية والسوق فيها حر، ولا يجوز تقييده بقوانين قد تزيد من مشاكله، لافتين إلى أن الأسواق العالمية تبقي الأسعار رهن اتجاهات السوق من العرض والطلب، لأن تحديد أسعار الإيجارات للشقق أو المكاتب يجعلها تتجه إلى أسواق «اشتراكية».

وأضافوا أن دور الدولة يتمثل بتنظيم العلاقة بين صاحب العقار والمستأجر، وعدم إهدار حق أي منهما، موضحين أن حل مشكلة ارتفاع أسعار إيجارات الشقق، هو بناء مدن استثمارية، وتحرير الأراضي المحتكرة من الدولة، إذ إن جزءاً كبيراً من الأزمة سببه احتكار الأراضي.

وطالبوا بضرورة تحرير الأراضي وإعطاء القطاع الخاص المساحة الكافية للمشاركة في عمليات البناء سواء السكن الخاص أو غيره، إذ إن القوانين التي تم إصدارها بعد الازمة العالمية عام 2008 حدت من قدرته على العمل مما أثر في أداء الشركات العاملة تحت مظلته، وفيما يلي آراء خبراء العقار:

في البداية، قال رئيس مجلس إدارة شركة سدير للتجارة والمقاولات (سدير) طارق بدر السالم المطوع إن من يحدد أسعار إيجارات العقار، سواء الشقق السكنية او المكاتب الإدارية أو المحال التجارية هو السوق نفسه، معتمدا على العرض والطلب، ولا يجوز تحديد قيمة إيجارية معينة للعقار، مؤكدا ضرورة قيام الحكومة والمجلس بإيحاد حل جذري للمشكلات التي يعانيها سوق العقار، وعدم التخبط بإصدار القوانين التي من شأنها أن تزيد مشكلاته.

وأضاف المطوع أنه لا مانع من تنظيم العملية ما بين المستأجر والمؤجر، ولكن توجه بعض أعضاء مجلس الأمة نحو تعديل القانون بتحديد القيمة يعد امرا مرفوضا وخاطئا، وذلك  بسبب التأثيرات السلبية التي سيلقيها هذا القانون المقترح على السوق العقاري، مبيناً ان هذا القانون سيجعل قطاع العقار الاستثماري غير جاذب للاستثمارات وسيؤدي إلى تقليص الاستثمارات التي تضخ فيه.

وزاد أن جميع الأسواق العقارية المتطورة عالمياً تبقي الأسعار رهن اتجاهات السوق من العرض والطلب، مشيراً إلى أن تحديد أسعار الإيجارات للشقق أو المكاتب يجعلنا نتجه لسوق "اشتراكي"، والكويت تعتبر دولة رأسمالية وتؤمن بحرية الاقتصاد.

أسواق أوروبا

ولفت المطوع ان العقود الايجارية في اسواق اوروبا تكون بالاتفاق بين الطرفين المؤجر والمستأجر سواء على القيمة الايجارية او على مدة العقد، لافتا الى ان ارتفاع اسعار ايجارات الشقق السكنية جاء بسبب عوامل عديدة منها ارتفاع اسعار الاراضي، اضافة الى مواد البناء والايدي العاملة.

واشار الى ان الاسعار تضاعفت خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرا الى ان حل ازمة ارتفاع الايجارات يكمن بالزام الحكومة بتحرير الاراضي والسماح للمطورين العقاريين ببناء مدن استثمارية، وإفساح المجال أمام القطاع الخاص لتطوير الاراضي وبنائها، حيث ان الكويت لديها أراض شاسعة غير مستغلة، فضلا عن ان وزارة الاسكان لديها 100 ألف طلب وحدة سكنية والوزارة غير قادرة على تلبيتها في الوقت الصحيح.

الحرية الاقتصادية

ومن جهته، قال الخبير العقاري، نائب رئيس اتحاد العقاريين قيس الغانم ان الاجتهادات الفردية من البعض "قد لا تصلنا الى بر الامان حيت ان الكويت تعتبر دولة رأسمالية ولا يمكن تقييد احد باسعار معينة"، حيث ان هناك عرضا وطلبا، وهو من يحدد الاسعار لاي سلعة او خدمة مقدمة، ويجب ان تكون الحرية الاقتصادية موجودة ومسموحا بها.

واشار الغانم الى انه لا توجد دولة في العالم قامت بتحدد القيمة الايجارية، وتلزم المؤجر بسعر معين، مشيرا إلى أن القانون القائم حاليا لم تظهر سلبياته ويعتبر عمليا، وقد حدد مدة معينة يمكن بعدها الزيادة وتكون برضا الطرفين.

وأضاف الغانم ان حل ارتفاع القيمة الإيجارية للشقق يكمن في هدم المباني القديمة، حيث ان عددها اكبر من الجديدة، اذ يمكن التخلص منها واقامة عقارات استثمارية جديدة مكانها وفقا للمعايير الحديثة، بعدد أدوار وشقق اكثر لكي تستوعب اكبر عدد من السكان.

وذكر أن اتحاد العقاريين قدم دراسة كافية عن العقارات القديمة وقدم توصياته بضرورة التخلص منها وبناء عمارات جديدة، ولكن للأسف لم يؤخذ بها، لافتا إلى ضرورة تشجيع أصحاب العقارات القديمة على هدمها بأسرع وقت ممكن، وتسهيل الإجراءات أمامهم.

واشار الى أن الحكومة متمسكة بنسبة كبيرة من أراضي الدولة، مما ساعد على ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، وبالتالي اضطر البعض الى رفع القيمة الإيجارية على المؤجرين، مطالبا بضرورة تحرير الأراضي وإعطاء القطاع الخاص المساحة الكافية للمشاركة في عمليات السكن الخاص وغيرها، حيث ان القوانين التي تم اصدارها بعد الازمة العالمية عام 2008 حدت من قدرته على العمل مما اثر على أداء الشركات العاملة تحت مظلته.

القانون الحالي

ومن ناحيته، أكد رئيس مجلس ادارة شركة مينا العقارية، فؤاد العمر ان قانون الايجارات الحالي مناسب وينصف المؤجر والمستأجر، لافتا الى ان مدة خمس سنوات تعتبر جيدة ومعقولة لزيادة القيمة الايجارية، والامر متروك للطرفين.

واضاف العمر أن الاقتراحات حول تحديد سقف الاعلى للقيمة الايجارية لا يمكن تطبيقها على ارض الواقع، وقد تؤدي في حال اقرارها الى آثار اقتصادية على القطاع العقاري الذي يعتبر من اهم القطاعات في الدولة، مشيرا الى ان اسعار العقارات والايجارات يحددها السوق والعرض والطلب، لان السوق المحلي حر ولا يجب تقييده بقانون يلزم اصحاب العقارات بقيم ايجارية محددة.

واشار الى ان دور الدولة هو تنظيم العملية بين صاحب العقار والمستأجر، وعدم اهدار حق اي منهما، لافتا الى ان بعض الزيادات في اسعار الشقق جاءت مبررة وذلك لارتفاع اسعار الاراضي ومواد البناء، اما بعض الزيادات فجاءت استغلالا لقلة المعروض في الشقق السكنية.

بناء مدن استثمارية

وفيما يتعلق بحل مشكلة ارتفاع اسعار ايجارات الشقق، قال العمر ان الحل يكمن ببناء مدن استثمارية، وتحرير الاراضي المحتكرة من الدولة، حيث ان نسبة العمالة الوافدة في البلد كبيرة جدا وهي بحاجة الى مدن جديدة كي تستوعب العدد، اضافة الى ان هناك عددا كبيرا من المواطنين يستأجرون الشقق وخاصة حديثي الزواج.

وذكر أن القطاع العقاري يعتبر كتلة واحدة وزيادة الطلب في قطاع معين يؤثر في باقي القطاعات المتصلة فيه، لافتا إلى ضرورة امتلاك الدولة لرؤية واضحة لتطبيق السياسات الإصلاحية، وحل المشاكل التي تعانيها القطاعات الاقتصادية، وتحرير الأراضي التي تحوزها بحكم الدستور، إذ تستحوذ على أكثر من 90 في المئة، وعليها إعادة النظر في المساحات المقدمة للمواطنين لبناء المساكن وطريقة توزيعها، مشددا على اهمية تخفيض مساحة المنزل وتغيير الثقافة الإسكانية مع ارتفاع عدد السكان.

التشطيبات والخدمات

وبدوره، قال الخبير العقاري المدير العام لمؤسسة الدليجان العقارية سليمان الدليجان ان تحديد قيمة معينة للغرفة والشقة غير واقعي، حيث ان أسعار إيجارات الشقق تختلف من منطقة الى أخرى ووفقا للتشطيبات والخدمات الإضافية المقدمة.

واضاف الدليجان ان تغيير قانون الإيجارات في هذا الوقت غير مناسب، لاسيما ان هناك ركودا كبيرا في القطاع العقاري و"لا اعتقد وجود زيادة في القيمة الإيجارية للشقق خاصة مع زيادة المعروض".

واوضح الدليجان: "نحن مع تنظيم العلاقة بين الطرفين وعدم استغلال المؤجر لحاجة المستأجر وفي الوقت نفسه لا نهدر حق اي منهما، ولكن تحديد القيمة غير واقعي ويجب ترك الامر للعرض والطلب".

«كود بناء»

ولفت الدليجان الى ان فترة السبعينيات من القرن الماضي شهدت هجرة كثير من العائلات اللبنانية بسبب الحرب واتجهت الى الخليج، فقامت الحكومة بطرح منطقة الرقعي الاستثمارية تلبية للطلب على الشقق، مما ادى الى انخفاض جزئي في اسعار العقار، حيث ان حل ازمة ارتفاع ايجارات الشقق تكمن في تحرير الاراضي المحتكرة من الدولة وطرح مدن استثمارية جديدة.

وأوضح ان الكويت تفتقد ما يسمى بـ"كود البناء" وهي مجموعة من الاشتراطات والمتطلبات وما يتبعها من أنظمة ولوائح تنفيذية متعلقة بالبناء والتشييد لضمان السلامة، حيث تعمل على انهاء جزء كبير من المشاكل التي تواجه ساكني الشقق.