كان يجب أن تبادر منظمة التحرير بسرعة إلى تدارك الأمور وتعلن أنها لا علاقة لها بانضمام بعض الفصائل الفلسطينية، التي غالبيتها فصائل وهمية في كل الأحوال، إلى القوات السورية النظامية قوات بشار الأسد، لمقاتلة مسلحي تنظيم "داعش" الذين غير معروف كيف وصلوا إلى مخيم اليرموك الفلسطيني،  والذين ما كان من الممكن أن يستطيعوا الوصول إلى هذا المخيم، الذي بعد كل هذا التمدد العمراني في السنوات الأخيرة بات يقع في قلب دمشق، لو لم يكن هناك تواطؤ من هذا النظام، بل تعاون على غرار ما يجري في مناطق سورية أخرى كثيرة .

Ad

كان يجب أن تأخذ منظمة التحرير هذا القرار وأنْ تعلن أنها ليست طرفاً في هذه الحرب المحتدمة في سورية وأنْ لا علاقة لها ولا لِشعبها فيها، فالشعب الفلسطيني المنثور في كل دول هذه المنطقة ومن بينها سورية التي تستضيف عدداً كبيراً من المخيمات الفلسطينية لا يجوز تحميله وزراً ثقيلاً جديداً فوق أوزاره الكثيرة، وحقيقة أن المفترض ألَّا يُؤاخَذَ هذا الشعب إنْ هُوَ اتخذ موقف النأي بالنفس إزاء ما بقي يجري في هذه الدولة العربية على مدى السنوات الأربع الماضية.

لقد تعرض هذا المخيم نفسه، أي مخيم اليرموك، للقصف والتدمير في عام 1963 لانحياز بعض أهله وبعض المحسوبين عليه من ضباط جيش التحرير الفلسطيني التابع عملياً للجيش السوري إلى محاولة الانقلاب العسكري التي قام بها الجنرال جاسم علوان لمصلحة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ضد نظام "ثورة" الثامن من مارس (آذار) في هذا العام الآنف الذكر نفسه، وحقيقة أنَّ هذا كان بمثابة درسٍ للفلسطينيين بأن عليهم أن ينأوا بأنفسهم عن الصراعات العربية – العربية، وبخاصة إذا كانت صراعات داخلية بين أيٍّ نظام وشعبه.

وهكذا فإن المؤكد أنَّ منظمة التحرير عندما بادرت بسرعة إلى إعلان أنها لا علاقة لها ولا لشعبها بالقتال الدائر في سورية وفي مخيم اليرموك تحديداً، فإنها أرادت أن تؤكد أن التنظيمات التي انخرطت في هذا القتال، ومن بينها الجبهة الشعبية – القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل، لم تستشرها وهي لا تمثلها، كما أرادت أن تثبت أنها استفادت من دروس الحرب الأهلية اللبنانية في سبعينيات القرن الماضي حيث دفعت المخيمات الفلسطينية بعد عام 1982 ثمن تورط المنظمة وفصائلها في هذه الحرب.

إن المعروف والمؤكد أنَّ القيادة الفلسطينية، قيادة منظمة التحرير وقيادة "فتح" تحديداً، تعرف سورية وتعرف النظام السوري أكثر كثيراً من غيرها، فلها تجارب مرة مع هذا النظام، ولذلك لا شك في أنها أدْرَكت أن إدخال "داعش" إلى مخيم اليرموك كان مؤامرة، وأن محاولة إقحام الفلسطينيين في هذه الحرب كانت مؤامرة أيضاً، وأن المقصود هو: أولاً إخافة العالم من وصول هذا التنظيم الإرهابي إلى قلب دمشق. وثانياً: الادعاء بأن الشعب الفلسطيني بات يحارب حرب بشار الأسد، وأنه غدا جزءاً من هذا الصراع المحتدم منذ أكثر من أربعة أعوام.