تجارب الشباب في السينما المستقلة... معطيات الحاضر وتحديات المستقبل

نشر في 26-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 26-09-2014 | 00:01
مجموعة لا تتجاوز ثلاثين شخصاً يجلسون في قاعة صغيرة في أحد المراكز الثقافية غير المعروفة للعامة، يشاهدون مصنفاً فنياً بتوقيع شباب معنيين بفن السينما الخالص، يمزجون بين ما هو تسجيلي وروائي. لم يعد هذا المشهد {غرائبياً} ويقتصر على النخبة، إنما أصبح اتجاهاً متنامياً يراه البعض {خطراً وشيكاً} يهدد عرش {السينما الشعبوية}...

{الجريدة} ترصد «معاناة» الشباب السينمائيين والمصاعب التي يواجهونها، وتستطلع آراء سينمائيين حول هذه التجارب المستقلة، واقعها ومستقبلها».

يري الناقد نادر عدلي أن ثمة «حرباً ممنهجة» تشنّ ضد المشاريع السينمائية المستقلة في مصر، التي تنفذها غالباً عناصر شابة تهدف إلى تقديم محتوى سينمائي غير مقيد بوجهات نظر – شعوبية تقليدية أو رسمية تتبع الدولة – إلى الجمهور العادي، مطالباً بضرورة اتخاذ إجراءات أكثر وضوحاً من المتحمسين لهذا النوع من السينما لمواجهة من وصفهم بـ»المحتكرين».

يشيد عدلي بنماذج طرحت في مواسم فنية، ويرى أن 2013 هو {عام السينما المستقلة}، مستشهداً بمجموعة من الأفلام على غرار: {الخروج للنهار، فرش وغطا، عشم، هرج ومرج، الشتا اللي فات، فيلا69}، واعتبرها نماذج مشرفة} يستند إليها {الشباب السينمائيون} عند الحديث عن إنجازاتهم.

يضيف: {شهد العام الماضي إنتاج ما لا يقل عن 27 فيلماً، تمكن ثمانية منها من الترويج لنفسه والتأكيد على أهمية هذه السينما، وحقق هؤلاء الشباب إنجازاً يضاف إلى نجاحهم المعتاد في إنتاج تلك الأفلام، وهو لفت نظر {منصات التتويج}، على غرار مهرجاني {المركز الكاثوليكي وجمعية الفيلم}، فاحتفت تلك الجهات بما صنعه المستقلون وكرمت المشاركين في تلك الأعمال}.

يؤكد عدلي حتمية إنشاء تجمع من أصحاب السينما المستقلة والشباب السينمائيين لبلورة {كيان موحد} يعبر عنهم، ويقف أمام سطوة أباطرة الصناعة من كبار المنتجين والمحتكرين للأعمال التي تظهر على الشاشة، وتدشين حملة كبرى لمخاطبة المجتمع الذي لا يتوانى عن تقدير الأعمال الجيدة، والتركيز على الضغط الإعلامي والثقافي لتوزيع تلك الأفلام حتى تجد لها مكاناً في صالات العرض.

صعوبات وأزمات

يوضح المخرج الشاب حسين أنور أن ثمة نوعين من المشاكل يواجهان الشباب السينمائيين وصناع الأفلام المستقلة، أحدهما داخلي والآخر خارجي، مشيراً إلى أن تلك الصعوبات والأزمات، بقدر ما تعطل مسيرة هذه النوعية من الفنون تمكنها، على المدى البعيد، من الاستفادة من الأخطاء وتخطي العوائق للوصول إلى مرحلة {النضج}.

يكشف أنور عن أزمات داخل وسط الشباب السينمائيين وصفها بـ}الفنية}، حسب رأيه، ولا علاقة لها بالدولة أو سيطرة المحتكرين وشركات الإنتاج الكبرى، ويلخصها بأن الشباب يهتمون بإقامة ورش تحضيرية تجهزهم لخوض تجارب، ويركزون على كورسات السيناريو والتصوير، ونادراً ما نجد ورشة لإعداد كيف تكون {منتجاً فنياً}، وهو الشخص القادر على انتشال تلك المشاريع من سطوة شركات الإنتاج الكبرى وشروطها المجحفة.

يضيف: {ليس من السهل أن يجد الشباب {منتجاً ممولاً} لمشاريع سينمائية مستقلة، ولا يهتمون بأن تخرج من بينهم كوادرتهتم بهذه الزاوية، لذلك نجد فجوات بين المخرجين والمنتجين الفنيين، ما يؤثر على المشاريع السينمائية لصناع الأفلام الشباب، نظراً إلى أهمية دور المنتج»، واصفاً ذلك بـ»الأمر المعطل» لكثير من المشاريع الواعدة.

أما النوع الآخر من المشاكل، برأيه، فيتعلّق بالتعنت الواضح من المنتجين والهيئات السينمائية التي ترفض توفير صالات عرض للسينما المستقلة، وعدم حصول صناعها على أي دعم مادي، ويتابع: «نحاول إيجاد تمويل للفيلم عن طريق صناديق الدعم، مثل المهرجانات السينمائية أو المؤسسات الثقافية، ونبدأ بوضع ملامح «خطة مالية» وكيفية الحصول على المبلغ الإجمالي الكامل لتكاليف العمل بمراحله، وفي حال فشلنا نقسمه على جهات مختلفة».

يرى أن المستقبل يعتمد على تسخير المصاعب التي تواجه صناع أفلام الشباب، وأن الفنانين سيستمرون في العمل على أفلامهم لتسخير المصاعب الإنتاجية والتمويلية، ولتوسيع مساحة عرضها أمام جمهور واسع، وإيجاد حلول لنجاح الأفلام السينمائية غير التجارية واستمراريتها.

تفاؤل بالمستقبل

يبدي المخرج والمنتج إبراهيم البطوط تفاؤلا بمستقبل الشباب السينمائيين في مصر، «رغم أن أسماء يعرفها الجمهور تسيطر حالياً على الساحة، إلا أن لدي ثقة في ذوق المشاهدين العاديين ومساحة تقديرهم للمشاريع الشابة والسينما المختلفة، التي تزيد يوماً بعد يوم، حتى لو كانت إمكاناتها محدودة وليست كوميدية أو شعبية».

يضيف البطوط (حاصل على جوائز في مهرجانات سينمائية دولية؛ بينها جائزة أحسن فيلم في مهرجان تاورمينا بإيطاليا، وجائزة أحسن فيلم أول في مهرجان روتردام للأفلام العربية)، أنه تمكن من إدخال «الأفلام الروائية» إلى السوق وطرحها بنظام ما يعرف بـ»الميزانية الصفرية»، وأن التقدير الذي لاقته تلك الأعمال يكشف جزءاً من ملامح المستقبل الذي يمكن أن يعايشه قريباً «الشباب السينمائيون»، مطالباً إياهم بـالمثابرة والإصرار.

back to top