تنبع المسؤولية من الداخل، حيث يكون الفرد مسؤولاً عن تصرفاته وسلوكياته وأفكاره ومشاعره، ويصل الحد إلى أنه مسؤول أيضاً عن واقعه الذي يعيش فيه، فقد تم برمجتنا على نسق من الحياة، بحيث أن الطفل عندما يبدأ خطواته الأولى بالمشي، يصطدم بجدار أو طاولة وغير ذلك وعندما يسقط يبدأ البكاء، فنقوم بدورنا بضرب الطاولة أو الجدار، فحينئذ يشعر بأنه ليس مسؤولاً عن سقوطه.

Ad

هذا مثال، وقس على ذلك الحياة كلها، التلميذ في المدرسة يتكاسل عن حل واجباته ولا يحب المذاكرة، وعندما يرسب يلقي اللوم على معلمه وعلى صعوبة المادة وعلى والديه، لأنهما لم يوفرا له مدرّساً خصوصياً، فقد تعلم سلخ نفسه من المسؤولية، لذا فإنه لا يلوم نفسه.

 أما عن الموظفين فتعال نأخذ «المسجات» السلبية ليلة الأحد، وكأن الدوام «بعبع»، حيث تعم حالة من اللارضا عن وظائفنا الحكومية، فضلاً عن السخط على حال مجتمعنا وعدم التقدم وقلة الدخل والمجلس... إلى غير ذلك من البرمجة السلبية، بدلاً من تحملنا مسؤولية الواجب الوطني، وجعل بداية أسبوعنا سعيدة ومليئة بالنشاط والحركة وطلب الرزق الحلال وعدم السماح لتلك السلبية بتثبيط هممنا، وكأنه «فيروس» يتناقل.

ولنأتِ إلى الحياة الزوجية، حيث إن على كلا الزوجين، قبل الإقدام على الزواج، أن يعرفا دورهما في الحياة ووجباتهما، وأن يتعهدا بالقيام بها دون تراخٍ، ودون أن يسلب أحدهما الآخر دور شريك الحياة، لكننا نلاحظ أنه مع مرور الوقت يلقي كل منهما بمسؤولياته على الطرف الآخر، فتنشب المشاكل بينهما، لذا من الضروري أن يعرف كلاهما دوره ويكونا واضحَي الرؤى.

وتصل المسؤولية إلى أنني أصنع واقعي عبر تعرفي على أدواري وغايتي من هذه الحياة وصياغة أهدافي، وابتعادي عن التذمر والمعاناة التي أنا من وضعت نفسي فيها جراء عدم تحملي المسؤولية.

وتتجلى مسؤولية كل منا في صنع واقعه من خلال المثال التالي: تريد أن تنال درجة الماجستير، ابدأ باختيار الجامعة والكلية التي تريدها، ثم استعد بتحقيق المتطلبات الملازمة لذلك التخصص من اجتياز اختبار توفل، أو اختيار موضوع الرسالة، والتعرف إلى المرشد وغير ذلك، فيبدأ واقعك يتجلى في تحقيق هدفك الذي تسمو إليه.

يقول المفكر الروسي فاديم زيلاند: «مقود النية بيديك وكل شيء سيكون كما تريد» إذن المسؤولية عملية اختيار... اختيار كل نمط من أنماط حياتك لأنك أنت من تصنعها... فالمسؤولية قرار، فاخترْ أن تبطئ ردة فعلك تجاه أي حدث من خلال المراقبة، وبالمراقبة تحدث لك نقلة نوعية في الوعي.