حين تنفصل الدول... بلا رجعة
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
شاهدت حضوراً من إفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا والأكراد، وربما لدينا نماذج تسير على الأرض، مثل كردستان والصحراء الغربية، وأخيراً الواقع الجديد "داعش" وأخواته، وما يفرضه من تهديد مباشر لمفهوم الدولة القومية المستقر منذ القرن السابع عشر، من حيث المبدأ والتفاصيل معاً.هناك أيضاً "حركة تكساس الوطنية" التي زار زعيمها دانييل ميلر اسكتلندا، وصرح حينها بأن "استقلال اسكتلندا يمهد لاستقلال ولاية تكساس عن أميركا"، هكذا. وهناك "رابطة الشمال" في إيطاليا، بل حتى بافاريا الألمانية، وسابع أكبر اقتصاد في أوروبا يبدي اهتماماً كبيراً بما يجري في شمال بريطانيا. الصورة أكثر اتساعاً وتعقيداً مما تبدو، وهي فاتحة شهية لأحلام وآمال يراها البعض باتت واقعية إن استقلت اسكتلندا. حتى تايوان بدأ فيها النقاش عن حقبة ما بعد استقلال اسكتلندا، على أساس أنه الصيغة المناسبة للانطلاق نحو تسوية شاملة مع الصين.قد تكون أوروبا هي أكثر قارات الأرض المهددة بالتفكك، ومن غير الواضح كيف سيؤثر ذلك على الاتحاد الأوروبي. كنت في العاصمة الإسبانية مدريد في يوليو الماضي لرئاسة لجنة مناقشة رسالة دكتوراه في الجامعة هناك، وبعدها التقيت بمختصين في التطور السياسي الإسباني لأسألهم عن مصير برشلونة في ظل دعوات الاستقلال. خلاصة رأيهم أن استقلال كاتالونيا أمر بالغ الصعوبة، وهي لن تتمكن من عضوية الاتحاد الأوروبي. فإن استقلت اسكتلندا وبدأت التفاوض مع الاتحاد الاوروبي، فإن ذلك سيفتح الطريق للبقية، وبالتالي فقد يدمر استقلال اسكتلندا الاتحاد الأوروبي، ومعه بريطانيا التي حددت موعداً لاستفتاء على عضويتها في الاتحاد في ٢٠١٧.الوضع في منطقتنا لا يحتاج إلى تدمير فهو مدمر بالطبيعة، ومنطقتنا التي تشكو من مؤامرة كبرى تستهدف تقسيمها، اتضح لنا أن التقسيم يحدث بشكل أكثر حدة في البلدان المتهمة بتدبير تلك المؤامرة، ولكن تداعيات ما يحدث في اسكتلندا ستجد طريقها لنا، إن عاجلاً أم آجلاً.قد يكون التحذير من الكارثة التي ستحل ببريطانيا بعد انفصال اسكتلندا حقيقة أو مبالغاً فيه، وقد يكون ناتجاً من الهلع الذي اجتاح الأوساط السياسية الإنكليزية تحديداً، لكن الانفصاليين "الجدد" أو القدامى لا فرق، قد انتعشت أحلامهم وآمالهم بدول مستقلة، وهكذا قد تحدد اسكتلندا مستقبل العالم، من يدري؟وإن غداً لناظره قريب.