أرقام المحاكم مخيفة، وأروقتها لمن يريد أن يعرف أمراض المجتمع الحقيقية تدله على ذلك، فكل انحراف تكون نتيجته آلافاً من القضايا المنظورة في قصر العدل يذهب ضحيتها آلاف من الشباب والشابات سنوياً، وتمتد نتائجها إلى الأسرة وتفككها.
أول العمود:تنبيه في مكانه ذاك الذي أطلقه السكرتير الأول في سفارتنا لدى بريطانيا مشعل المضف لتحذير المواطنين من الوقوع في فخ شراء أراضٍ تعرضها شركات في الكويت على أنها سكنية واستثمارية وهي في الحقيقة زراعية!***إلى أين نتجه اجتماعياً؟ الأرقام المخيفة التي أعلنها مسؤول تنفيذ الأحكام في وزارة العدل حول الضبط والإحضار (مليون و836 ألف د.ك)، ومنع السفر (51459 ألف د.ك)، وأوامر حجز البنوك على المدينين (مليون و128 ألف د.ك)، وأحكام حجز السيارات (مليونان و166 ألف د.ك)، ومبالغ أحكام المدينين (223 مليوناً و760 ألف د.ك)... هذا جنون، في بلد صغير يعيش فيه 4 ملايين نفس فقط!الجشع وحب الاستحواذ والتسابق على الاستهلاك مرض مستشرٍ، وهذا ما تقوله الأرقام المنشورة، فما يحدث تعبير عن القلق والتوتر والخوف الاجتماعي تسنده حياة سياسية أكثر قلقاً ورّثت الناس قيماً سلبية كانعدام المسؤولية وضعف الروح الوطنية وتمجيد الكسب المادي، حتى إن كان بطرق ملتوية ومعلومة لدى الجهاز الإداري للدولة.الأرقام التي تشي بها أروقة المحاكم صورة تعكسها ريعية الاقتصاد، النفط يستخرج من الأرض ويباع للمستهلكين بلا تعب جدي، وريعه يوزع كرواتب (3 مليارات دينار) ودعم سلع (2 مليار دينار) وهبات وامتيازات تأتي بلا منطق، وبالتالي يكون الاستسهال في الصرف والاستهلاك مادام مصدر المال مستمراً.المقاييس الاجتماعية لحياه أكثرنا تقودها مفاهيم بالية كالتفاخر بالمقتنيات الاستهلاكية، ويتم تقييم الناس على أساسها، مما يضطر غير المقتدرين إلى مجاراة غيرهم بالاستدانة أو بذل جزء كبير من رواتبهم لشراء تلك المقتنيات لتغذية شعورهم بعدم النقص! بالطبع لا شيء يشجع على الادخار كقيمة اجتماعية قبل أن تكون اقتصادية.أرقام المحاكم مخيفة وأروقتها لمن يريد أن يعرف أمراض المجتمع الحقيقية تدله على ذلك، فكل انحراف تكون نتيجته آلافاً من القضايا المنظورة في قصر العدل يذهب ضحيتها آلاف الشباب والشابات سنوياً، وتمتد نتائجها إلى الأسرة وتفككها، والمذهل في الأمر أنه على قدر الضجيج الذي يثار حول حرمة المال العام سياسياً تتم استباحته بالقوة ذاتها، وربما تفوقها في الفن والاحتيال على القوانين بسبب الفساد.الأرقام التي أوردناها، نقلاً عن الدوائر العدلية، تعكس بصورة لا مواربة فيها أزمة اجتماعية نعيشها في هذا البلد، ويجب العمل على فعل شيء ما لوقف التدهور الحاصل.
مقالات
إدمان المال
22-03-2015