اسكتلندا تستعد لاستفتاء تاريخي حول الاستقلال
يتوجه الاسكتلنديون الخميس إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء حول الاستقلال يمكن أن ينهي ثلاثة عقود من الاتحاد مع انكلترا ويخلق أحدث دولة في أوروبا منذ انهيار يوغوسلافيا السابقة.
والاستفتاء غير المسبوق في اسكتلندا أثار جدلاً واسعاً ومخاوف حول الأسواق المالية حيال كيفية فصل اقتصادين متداخلين إلى هذا الحد.وكان احتمال فوز مؤيدي الاستقلال يعتبر بحكم المؤكد قبل أسابيع لكنه أصبح على المحك الآن بعدما أظهرت آخر استطلاعات الرأي أن نسبة المؤيدين والمعارضين أصبحت متعادلة تقريباً.والسؤال الوحيد المطروح على بطاقات الاقتراع "هل يجب أن تصبح اسكتلندا بلداً مستقلاً؟" وستفتح مكاتب الاقتراع أبوابها عند الساعة السادسة بتوقيت غرينيتش على أن تغلق عند الساعة 21,00 ت.غ. الخميس.ومن جزر شيتلاند في الشمال إلى أدنبره وغلاسكو في الجنوب ومن الغرب إلى مركز النفط ابيردين شرقاً ستظهر النتائج من 32 منطقة محلية خلال ليل الخميس.ويتوقع أن تكون نسبة المشاركة عالية جداً لتصل إلى مستوى قياسي فيما ستعلن النتيجة الرسمية صباح الجمعة في ادنبره.وتقول مارغريت ديفيد (62 عاماً) الناشطة في سبيل الاستقلال لوكالة فرانس برس في ادنبره "هذا وقت التغيير".وأضافت "قبل الآن لم يكن أحد يستمع إلى الشعب، والآن يشعرون بأنهم يمكنهم إحداث تغيير وسيتم الاستماع إلى صوتهم للمرة الأولى".لكن في ابيردين يقول الناشط في سبيل البقاء في الاتحاد ويلي بريمروز أنه "قلق" حيال احتمال فوز مؤيدي الاستقلال.ويقول "أشعر بأنني اسكتلندي لكنني أريد أن أكون اسكتلندياً في إطار مملكة متحدة فدرالية وليس دولة صغيرة".ودعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي يمكن أن يصبح منصبه مهدداً في حال استقلت اسكتلندا، الاسكتلنديين إلى التصويت بـ "لا" في الاستفتاء.وقال رئيس حكومة اسكتلندا المحلية أليكس سالموند المؤيد للاستقلال أن أمته "على وشك صنع التاريخ". وحملة الاستفتاء أثارت انقسامات شديدة في الآراء حتى ضمن العائلة الواحدة أو الأصدقاء منذ فترة طويلة لكنها بقيت سلمية، في مثال نادر لحركات انفصالية في انحاء العالم.وسجل حوالي 4,3 مليون شخص اسماءهم للمشاركة في التصويت (97% من القاعدة الناخبة) ما يدل على الاهتمام الشديد بهذا الاقتراع الذي سيشمل للمرة الأولى الشباب البالغين من العمر 16 و17 عاماً.ومهما كانت النتائج فإن الاستفتاء سيخلف عواقب كبرى على المملكة المتحدة وأبعد من ذلك.وقد وعدت أبرز الأحزاب البريطانية بإعطاء حكومة اسكتلندا المحلية سلطات قوية جديدة في مجال تحصيل الضرائب والانفاق في حال فوز معارضي الاستقلال وقالوا أن قوانين جديدة ستعد بحلول يناير 2015.وهذا الأمر تسبب بظهور دعوات مماثلة للحصول على سلطات محلية أوسع من قبل أقسام أخرى في البلاد مثل ايرلندا الشمالية أو ويلز وحتى في مناطق ضمن انكلترا مثل كورنويل ويوركشير.كما أن حملة الاستفتاء أعادت إحياء نزعات انفصالية خارج بريطانيا في أماكن مثل كاتالونيا حيث احتشد مئات آلاف الأشخاص في برشلونة الأسبوع الماضي للمطالبة بتنظيم استفتاء حول الانفصال عن اسبانيا.وفوز مؤيدي الاستقلال في اسكتلندا سيفتح فترة تمتد على عدة أشهر من محادثات معقدة تؤدي إلى استقلال كامل يريد حزب سالموند الحزب القومي الاسكتلندي أن يحصل في 24 مارس 2016 في الذكرى الـ 309 للاتحاد بين انكلترا واسكتلندا.والشق الأكبر من النقاشات خلال الحملة كان يدور حول مواضيع اقتصادية معقدة.ويتهم معسكر رافضي الاستقلال سالموند بالمبالغة في تقدير العائدات المرتقبة من احيتاطي الغاز والنفط في المياه الاسكتلندية في بحر الشمال فيما يقول مناصرو الاستقلال أنها ستجعل اسكتلندا أحد أغنى دول العالم الصغيرة.لكن السؤال الأكبر يبقى مصير العملة وما إذا ستستمر اسكتنلدا في اعتماد الجنيه الاسترليني.وقد هدد العملاق المصرفي "رويال بنك اوف سكوتلاند" لأو البنك الملكي الاسكتلندي بنقل مقره إلى انكلترا إذا استقلت اسكتلندا وذلك في تصعيد جديد للمؤسسات الكبرى في عالم الأعمال البريطاني ضد هذه الخطوة المحتملة، في حين حذر صندوق النقد أيضاً من مغبة فوز المعسكر الذي يدعو إلى الاستقلال.كما حذرت الشركات الكبرى بشدة من مخاطر قطع هذا التحالف الذي يعود إلى أكثر من 300 عام، وضاعفت جهودها لتحذير الناخبين الاسكتلنديين من العواقب الاقتصادية غير الواضحة لانفصالهم عن بريطانيا.لكن بغض النظر عن النتيجة فان كنيسة اسكتلندا أكدت أنه ستكون هناك حاجة إلى المصالحة الوطنية، وحذر رئيس كنيستها من أن اسكتلندا تواجه خطر أن تصبح بلداً مقسوماً قائلا بأنه سيرفع الصلوات اليوم الأحد من أجل وحدة المعسكرين.