نظّم الدستور الكويتي سلطات الدولة ومؤسساتها وصلاحياتها وأعمال كل سلطة بما يضمن لها أداء دورها والأهداف المرجوة منها في ترسيخ النظام الدستوري والديمقراطي واقعيا، إلا أننا نعاني منذ سنوات طويلة أزمة مفاهيم قانونية ودستورية لحقت سلطات ومؤسسات الدولة وهياكلها التنظيمية، والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية في كثير من الأزمات السياسية والقانونية، وهذا بسبب خروج تلك السلطات عند تنظيم مؤسساتها عن النصوص الدستورية التي حددتها.

Ad

ولعل السلطة القضائية وأجهزتها وإداراتها هي الأبرز ما بين السلطات التي تأثرت من أزمة المفاهيم القانونية، والتي لا شك في أن المتسبب والمسؤول الأول عنها هي السلطة التشريعية ثم السلطة التنفيذية لما لها من صلاحيات دستورية في تقديم مشاريع القوانين لمجلس الأمة.

فقد أخذ المشرع الدستوري بفكرة التوازن بين السلطات الثلاث في الدولة بما لها من صلاحيات وأدوار، حتى لا تميل وتؤثر أي سلطة على الأخرى.

وقد تضمنت المادة 50 من الدستور مبدأ الفصل بين السلطات الذي نادى به الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو في كتابه «روح القانون» الصادر عام 1748 والذي تأثرت به جميع دساتير الأنظمة الدستورية، ليصبح ركيزة أساسية في نظام الحكم الديمقراطي، إلا أن هذا المبدأ الرئيسي في نظام الدستوري الكويتي غير مطبق بالشكل الصحيح، فنجد اليوم أن السلطة القضائية وبعد مرور عشرات السنين من صدور الدستور، إنها لا تتمتع بكيان مستقل، لكونها أحد السلطات الثلاث في الدولة، فمازالت لا تتمتع باستقلالية إدارية ومالية. وأن أجهزتها كذلك تتبع السلطة التنفيذية كالنيابة العامة والإدارة العامة للتحقيقات المؤتمنتين على الدعوى العمومية.

فحتى ننشد عدالة القضاة ونضمن عدم تدخّل أي سلطة في سير العدالة حفاظاً وضماناً للحقوق والحريات وترسيخاً لمبادئ الحكم الديمقراطي ودولة المؤسسات، ومن أجل تصحيح المفاهيم القانونية السائدة، يجب تطبيق نص المادة 50 بالشكل الصحيح.

ففي تطبيق صحيح النصوص الدستورية والقانونية استقرار لسلطات الدولة ومؤسساتها والمجتمع.

الله ثم وطني من وراء القصد.