يتناول الروائي سعود السنعوسي عبر روايته "فئران أمي حصة" آفة الفتنة الطائفية البغيضة التي لا تخلف إلا الدمار والتشرذم، مركزاً على ما يدور في المجتمع من خلال رؤية أدبية مرصعة بأحداث مستمدة من الواقع الأليم عبر استرجاع زمني يحدد فيه الكاتب أوجه التباين وما آلت إليه الأمور حالياً.
وأعلن السنعوسي روايته بطرق مبتكرة من خلال نشر مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتضمن لقطات مؤثرة تحوي رسائل مهمة، وتحذر من خطر "طاعون" الطائفية البغيضة الذي ينهش في جسد البلد المعتل بسقمه، فتحيله إلى فرق متنازعة تبحث عن تمكين رأيها وأهوائها، بعيداً عن منطق العقل أو رأي الجماعة أو المصلحة العامة، إذ حينها لا يعلو إلا صوت الطائفية، والرغبة في تحقيق الانتصار، لأن المسألة أصبحت عداء شخصياً يستتر خلف ذرائع كثيرة، فالكل يبحث عن إثبات وجوده والتسلط والنفوذ، نكاية بالفرق الأخرى وليس انحيازاً إلى مبادئ العدالة أو المساواة.ذكريات جميلةتركز المقاطع على بعض مناطق الكويت وشوارعها، كما تعرض صوراً للاعب كرة القدم مؤيد الحداد معلقة على جدار بناية مهجورة، مستعيداً عبر صوت المعلق الرياضي خالد الحربان الذكريات الجميلة وصولات الحداد وجولاته على المستطيل الأخضر، لاسيما أن أهدافه كانت حاسمة وتمريراته متقنة، تجلب السعادة والفخر لكل الكويتيين، لأنه كان يرتدي قميص منتخب الكويت، ويمثلهم بمختلف انتماءاتهم، فالنجاح الذي يحققه لم يكن له وحده، بل كان للكويت، في إشارة من المؤلف إلى افتقاد روح العمل الجماعي، إذ إن الفريق الرياضي ينمو ويتطور باللعب الجماعي، ويحقق النتائج الإيجابية بالجماعية لا الفردية، وخلال المقطع الذي مدته 15 ثانية، تتبدد هذه الذكريات الجميلة على وقع إطلاق نار وسواد يعم شاشة العرض، ترميزاً إلى اغتيال الفرح، خصوصاً أن تدعيم المقطع بصوت المطرب عبدالكريم عبدالقادر، الذي "يجر" صوت الألم جاء موحياً بشكل أكبر، ومؤثراً بعمق، ويظهر في المقطع ذاته صورة للمطرب عبدالكريم عبدالقادر الذي تكررت الاستعانة بصوته عبر مجموعة مقاطع أخرى.خطر الطاعونيتوغل السنعوسي عبر إصداره الروائي الثالث "فئران أمي حصة" إلى عمق المشكلات التي يعانيها المجتمع، إذ يظهر ذلك جلياً من خلال العنوان، كما أنه يركز على حقبة الثمانينيات خلال العقد المنصرم، إذ يستدعي بعض المفردات أو المقولات أو الأغنيات التي كانت رائجة آنذاك، ومنها أغنيات عبدالكريم عبدالقادر أو تحذيرات فؤاده في المسلسل الكويتي "على الدنيا السلام" من خطر الطاعون القادم إلى البلاد، ويستعين بصوت حبابة وجملتها المشهورة: "زور ابن الزرزور...".وفي مقاطع أخرى، يرصد المؤلف أسماء شوارع الكويت بمنطقة الجابرية شارع عبدالله علي دشتي، ويدعم المقطع بقول للشهيد فهد الأحمد في افتتاح بطولة الصداقة والسلام الرياضية: "اخوة مسلمون التم شملنا"، بينما يعقبه صوت شخص يقول هيهات منا الذلة، وآخر يصرخ عمر... عمر بصوت غاضب.اغتيال الفرحوفي لقطة معبرة تشير إلى اغتيال الفرح تظهر مجموعة من الفتيات الصغيرات في أحد الأوبريتات الوطنية القديمة، وهن يرتدين اللون الوردي والابتسامة تعتلي وجوههن، ثم تتحول هذه الصورة الجميلة الحالمة إلى اللونين الأسود والأبيض، وتتلاشى الأهازيج المفرحة ليطغى صوت النحيب والبكاء.حكايات شعبيةمن أجواء الرواية: "ما عادت الفئران تحومُ حول قفص الدجاجاتِ أسفل السِّدرة فحسب. تسلَّلت إلى البيوت. كنتُ أشمُّ رائحةً ترابية حامضة، لا أعرف مصدرها، إذا ما استلقيتُ على ارائك غرفة الجلوس. ورغم أني لم أشاهد فأراً داخل البيت قط، فإن أمي حِصَّه تؤكد، كلما أزاحت مساند الأرائك تكشف عن فضلاتٍ بنيةٍ داكنة تقارب حبَّات الرُّز حجما، تقول إنها الفئران... ليس ضرورياً أن تراها لكي تعرف أنها بيننا! أتذكَّر وعدها. أُذكِّرها: "متى تقولين لي قصة الفئران الأربعة؟". تفتعل انشغالا بتنظيف المكان. تجيب: "في الليل". يأتي الليل، مثل كلِّ ليل. تنزع طقم أسنانها. تتحدث في ظلام غرفتها. تُمهِّد للقصة: "زور ابن الزرزور، إللي عمره ما كذب ولا حلف زور...".
توابل - مسك و عنبر
السنعوسي يحذر من الفتنة الطائفية عبر «فئران أمي حصَّة»
22-02-2015