تبنت الأمم المتحدة الثلاثاء قراراً يندد بالتجاوزات ضد حقوق الإنسان في كوريا الشمالية ويمهد الطريق لمحاسبة بيونغ يانغ بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

Ad

ويطالب القرار الذي تبنته لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العامة بعد نقاشات حادة بغالبية 111 صوتاً مقابل 19 وامتناع 55 آخرين، مجلس الأمن الدولي باحالة المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأثار القرار استياء كوريا الشمالية التي أعلنت وقف المحادثات حول تحسين وضع حقوق الإنسان مع الاتحاد الأوروبي الذي اعد مشروع القرار مع اليابان، وسيعرض هذا الإجراء غير الملزم على الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل.

لكن مسألة متابعة مجلس الأمن الدولي للقرار وإحالة كوريا الشمالية على المحكمة الجنائية الدولية غير محسومة بوجود الصين وروسيا اللتين يمكن أن تعارضا الخطوة.

وكانت الصين وروسيا صوتتا ضد القرار الثلاثاء ومعهما كوبا وايران وسورية وبيلاروسيا وفنزويلا واوزبكستان والسودان، ورأت كل هذه الدول أن الاجراء غير عادل بحق كوريا الشمالية.

وكان النص مثار جدل حاد في الصباح عندما حاولت كوبا عبثاً ادخال تعديل بشطب المادة التي تطالب مجلس الأمن الدولي بالتفكير في إحالة كوريا الشمالية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقال السفير الكوبي رودولفون رايس أن هذا النوع من القرارات يركز فقط على دولة مثل كوريا الشمالية وأصبح "أداة لمهاجمة آخرين"، وطالب بتعديل النص ليدعو إلى "نهج تعاوني" مع بيونغ يانغ.

وأيدت بيلاروسيا والأكوادور وايران والصين وروسيا وجنوب أفريقيا وفنزويلا طلب كوبا معتبرة القرار الذي رعته أكثر من ستين، غير متوازن.

وقال مندوب كوريا الشمالية سين سو هو أن مشروع القرار الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي واليابان دليل على "انعدام الثقة والريبة والمواجهة التي لا علاقة لها مطلقاً بحقوق الإنسان الحقيقية".

لكن طلب كوبا رفض قبل التصويت النهائي في لجنة حقوق الإنسان بغالبية 77 صوتاً مقابل 40 أيدوه وخمسين دولة امتنعت عن التصويت.

واستندت اللجنة المكلفة تحديد انتهاكات حقوق الإنسان إلى تقرير للأمم المتحدة من 400  صفحة صدر في فبراير الماضي في ختام تحقيق مطول عن انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية "بشكل لا مثيل له في العالم المعاصر".

وطوال مدة عام، جمع المحققون شهادات من كوريين شماليين في المنفى وتوثق لشبكة من معسكرات اعتقال يحتجز فيها حتى 120 ألف شخص فضلاً عن عمليات تعذيب واعدامات دون محاكمة واغتصاب.

وأفاد التحقيق تحت إشراف القاضي الأسترالي مايكل كيربي أن المسؤولين عن هذه الانتهاكات يشغلون أعلى المناصب في الدولة، وأكد على أن هذه التجاوزات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

وحذر مندوب كوريا الشمالية من عواقب القرار والتصويت عليه، وقال سين سو هو أن "الدول الراعية لمشروع القرار والداعمة له ستتحمل مسؤولية كل العواقب بما أنها الطرف الذي قوض فرصة وشروط التعاون في مجال حقوق الإنسان".

وحاولت كوريا الشمالية تعديل نص مشروع القرار إلا انها وعلى الرغم من التهديدات التي أطلقها دبلوماسيوها باتخاذ إجراءات انتقامية، فشلت في مسعاها إذ أن النص ظل في صلبه على ما هو عليه ولم تدخل عليه إلا تعديلات بسيطة.

ويتضمن مشروع القرار في نسخته الأخيرة بنداً يرحب بعرض بيونغ يانغ التعاون مع مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وكذلك أيضاً بالدعوة التي وجهتها إلى المحقق الأممي حول وضع حقوق الإنسان في كوريا الشمالية.

ورحبت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بمشروع القرار بنتيجة التصويت، وقال مدير منظمة هيومن رايتس ووتش كينيث روث أن "الجمعية العامة تؤكد اليوم الحاجة إلى محكمة لمواجهة كوريا الشمالية بسبب جرائمها المقيتة".

لكن مشروع القرار يبقي على مناشدته مجلس الأمن الدولي إحالة كوريا الشمالية أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتها.

وكانت بيونغ يانغ نددت بمشروع القرار الأوروبي الياباني، واصفة اياه بانه صنيعة أميركية هدفها ضرب مصداقية نظامها الستاليني والسعي لاسقاطه.

وأشاد المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان في كوريا الشمالية مرزوقي دار عثمان في أكتوبر الماضي باحراز كوريا الشمالية في الأشهر الأخيرة "تقدماً أكثر مما تم احرازه طيلة السنوات العشر الأخيرة".

وجاء تصريحه يومها بعد لقاء غير مسبوق مع سفير كوريا الشمالية في الأمم المتحدة كيم سونغ الذي وجه لمحقق المنظمة الدولية دعوة لزيارة كوريا الشمالية، في حين أبدى مسؤولون كوريون شماليون انفتاحهم على التعاون مع المفوضية العليا في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.